لم يكن متخيلاً قبل أسابيع فقط أن تُرفع صور أمير «الجماعة الإسلامية» المسجون في الولاياتالمتحدة الشيخ عمر عبدالرحمن، وصور المتهمين بالمشاركة في قتل الرئيس المصري الراحل أنور السادات، عبود الزمر وابن عمه طارق الزمر، في ميدان التحرير. لكن الأمر تبدل، وذابت «الخطوط الحمر»، وما كان قبل 25 كانون الثاني (يناير) الماضي محظوراً بات الآن متاحاً. في تظاهرة «جمعة النصر» في ميدان التحرير أمس، اصطف عشرات من أبناء «الجماعة الإسلامية» رافعين لافتات للمطالبة بإطلاق عبود وطارق الزمر، وكذلك للطلب من الولاياتالمتحدة تسليم الشيخ عمر عبدالرحمن. قادة في الجماعة قادوا الحشد بعد الانتهاء من صلاة الجمعة لإيصال رسالتهم، وحضر القيادي في الجماعة الشيخ عصام دربالة التظاهرة، وصرّح ل «الحياة» إن «الجماعة الإسلامية لم تغب يوماً عن ثورة الشعب المصري»، مشيراً إلى أن أعضاء الجماعة «هم أكثر من عانى من النظام السابق، بعد أن غيب الآلاف منهم لسنوات خلف القضبان، والآن حان وقت استراداد الحقوق»، مشيراً إلى أن عبود وطارق الزمر رمزان للتيار الإسلامي الذي ظلمه النظام السابق، فرغم انتهاء محكوميتهما وقضائهما نحو 30 عاماً في السجن وصدور عشرات الأحكام القضائية للإفراج عنهما، إلا أن أياً منها لم ينفذ. واعتبر دربالة أن رفع صورهما والمطالبات بالإفراج عنهما في شوارع القاهرة، دليل على أن «مصر تغيرت». وأوضح أن الشيخ عمر عبدالرحمن يعاني المرض في سجون الولاياتالمتحدة «ونتخوف من موته في محبسه، ما سيؤثر على العلاقة بين أميركا والعالم الإسلامي، لما للشيخ من قدر في نفوس أبناء الجماعة وغيرهم من المسلمين». والشيخ عمر عبدالرحمن مسجون في الولاياتالمتحدة بعد إدانته بالتورط في تفجيرات نيويورك في العام 1993. وحضر أفراد من عائلته في ميدان التحرير أمس، ورفعوا لافتات كتب عليها «نداء إلى المجلس الأعلى للقوات المسلحة. انقذوا العالم الجليل الدكتور عمر عبدالرحمن من غياهب السجون. أسرة الدكتور عمر عبدالرحمن». وقال نجله عبدالله ل «الحياة»، إن والده مريض و «كان النظام السابق أبلغنا عدم ممانعته في تسلم الشيخ من الولاياتالمتحدة، لكن الأمر لم يتم. ونناشد السلطات الحالية الطلب من الولاياتالمتحدة تسليم الشيخ عمر عبدالرحمن، لما سيكون لذلك الأمر من تطوير للعلاقة بين أميركا وأبناء الحركة الإسلامية»، معرباً عن تخوفه من أن وفاة الشيخ في السجون الأميركية «سيزيد الهوة» بين الحركة الإسلامية وأميركا. ولم يكن يسمح ل «الجماعة الإسلامية»، التي خاضت مواجهات مسلحة مع الدولة في الثمانينات والتسعينات، بالاجتماع أو الظهور علناً، رغم تبنيها في العام 1997 مبادرة لوقف العنف. لكن بعد سقوط نظام الرئيس السابق حسني مبارك، عقدت الجماعة أول اجتماعاتها في أسيوط قبل أيام معلنة استئنافها العمل الدعوي، فيما أكد منظّرها والرجل الثاني فيها ناجح إبراهيم، رغبة الجماعة في تأسيس حزب سياسي مدني ذي خلفية إسلامية. وقال ل «الحياة» إن الجماعة شاركت منذ اليوم الأول في الثورة، ولكن «ربما لم تكن هذه المشاركة محسوسة، لأنها لم تكن معلنة، في ضوء التضييق الشديد على أبناء الجماعة من قبل الجهات الأمنية». في ميدان التحرير، اصطف أبناء الجماعة خلف الشيخ دربالة وشقوا طريقهم في اتجاه المنصة الرئيسية من أجل أن تجد لافتاتهم وهتافاتهم طريقها إلى العالم، فالميدان بات قبلة كل وسائل الإعلام. ظلوا يرددون «يسقط (جهاز) أمن الدولة... يسقط حبيب العادلي». ورفعوا لافتات كتب عليها «إلى شباب الثورة وجمعيات حقوق الإنسان، ادعموا حملة الإفراج عن المعتقلين الإسلاميين» و «أفرجوا عن ضحايا المحاكم الاستثنائية» و «عبود الزمر. طارق الزمر. نبيل المغربي. أنور عكاشة. محمد الأسواني... 30 عاماً في السجن، ماذا بعد!» و «صبراً صبراً يا عبود». هذه اللافتات وهذا الظهور أكبر دليل على أن مصر انتصرت فيها ثورة الشعب.