برز تباين واضح بين الولاياتالمتحدة وإسرائيل في شأن المستوطنات، عشية بدء الرئيس باراك أوباما، من الرياض، اليوم جولته الأولى على الشرق الأوسط والتي تقوده أيضاً إلى مصر حيث يُلقي خطاباً موجهاً إلى العالم الإسلامي. ويُتوقع أن يناقش الرئيس الأميركي مع خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وكبار المسؤولين السعوديين العلاقات الأميركية - السعودية وتطورات الوضع في الشرق الأوسط، خصوصاً تحريك مفاوضات السلام بين إسرائيل والفلسطينيين، ومبادرة السلام العربية التي كان الملك عبدالله بادر إلى إطلاقها عندما كان ولياً للعهد في قمة بيروت العام 2000، وقضية المشروع النووي الإيراني والمخاوف العربية منه، وسياسة إدارة أوباما في التعامل مع إيران في المرحلة المقبلة. وقال أوباما في مقابلة بثتها أمس محطة هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» إنه يعتقد بان في استطاعة الولاياتالمتحدة أن تعيد وضع مسار المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين «على المسار الصحيح». وكرر أن قيام دولة فلسطينية ليس فقط في مصلحة الفلسطينيين بل هو في مصلحة الشعب الإسرائيلي، وأن من مصلحة أميركا أيضاً «قيام دولتين تعيشان بسلام وأمن جنباً إلى جنب». وتجنّب الرد على تحدي الإسرائيليين له برفضهم تجميد المستوطنات بما في ذلك «التوسع الطبيعي»، وقال إن المطلوب هو الصبر كون الحكومة الإسرائيلية ما زالت جديدة ويجب منحها وقتاً. وأكدت مصادر أميركية مطلعة ل «الحياة» في واشنطن أمس أن المبعوث الأميركي للشرق الأوسط جورج ميتشل سيصل إلى المنطقة أول الأسبوع المقبل في جولته الرابعة على إسرائيل والأراضي الفلسطينية والتي قد تشمل لبنان ثم سورية هذه المرة. لكن وزارة الخارجية الأميركية قالت إنه «ليس هناك اعلان رسمي بعد عن محطات الزيارة». وأكدت المصادر أن ميتشل سيتوجه الى المنطقة بداية الأسبوع المقبل وسيعقد لقاءات مع الجانب الاسرائيلي ورئيس الحكومة بنيامين نتانياهو قبل أن يتوجه الى رام الله حيث سيلتقي الرئيس محمود عباس. وكان المبعوث التقى ليل الاثنين وزير الدفاع الاسرائيلي ايهود باراك الذي يزور واشنطن، وكرر له الموقف الأميركي من المستوطنات، والتقى باراك أمس بمستشار الأمن القومي الأميركي جايمس جونز. وأكد مسؤول أميركي ل «الحياة» أن «ليس هناك أي اعلان رسمي عن زيارة المبعوث (ميتشل) لسورية في هذا الوقت». وكان السفير السوري في واشنطن عماد مصطفى كشف قبل ثلاثة أسابيع أن ميتشل وفريقه طلبوا تأشيرات لدخول سورية، وهو ما أثار انزعاج الادارة لتسريب الخبر. وبحسب مسؤولين تحدثت اليهم «الحياة». فإن الإدارة الأميركية تنتظر حتى انتهاء الانتخابات اللبنانية النيابية الأحد قبل اعلان أي زيارة من هذا النوع لدمشق، في ظل تأكيد المصادر أن لبنان سيكون في تلك الحالة على جدول ميتشل قبل زيارته سورية. وأعلنت واشنطن أمس أن وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون ستصل إلى القاهرة اليوم في زيارة تستغرق 48 ساعة لحضور خطاب الرئيس أوباما في جامعة القاهرة ولقائه الرئيس المصري حسني مبارك. وأثنى وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط أمس على موقف إدارة اوباما التي «أخذت زمام المبادرة لوضع مفهومها لما يجب أن تكون عليه التسوية بين العرب واسرائيل، ولم تنتظر هذه الادارة من الأطراف الاخرى أن تملي عليها ما يجب ان تفعله». وحول خطاب أوباما في القاهرة غداً الخميس، قال وزير الخارجية المصري «إننا لا ننتظر أن يعلن أوباما خطة محددة واضحة المعالم عن السلام لكن نتوقع ان يعلن خطوطاً عريضة تؤكد قيام هذه الادارة بحسم القضية الفلسطينية»، مشيراً إلى أن «الادارة الاميركية الجديدة مهتمة بالديموقراطية وحقوق الانسان في مصر» وانه ناقش ذلك خلال لقائه الوزيرة كلينتون و «ان لا مشكلة في ذلك لأننا في مصر اكثر اهتماماً بأوضاعنا». وأفيد أن عشرة من نواب جماعة «الإخوان المسلمين» ومؤسس «حزب الغد» المعارض أيمن نور وناشطين معارضين وحقوقيين تلقوا دعوات لحضور خطاب أوباما. وفي إسرائيل، أعرب مسؤولون عن قلق حقيقي من «تنصل» إدارة أوباما من تفاهمات خطية وشفوية توصلت إليها حكومات سابقة مع إدارة سلفه جورج بوش، في شأن مواصلة البناء في الكتل الاستيطانية الكبرى. وجاء القلق الإسرائيلي وسط أنباء عن تنكر الإدارة الحالية ل «رسالة الضمانات» التي تلقاها رئيس الحكومة السابق ارييل شارون من بوش في العام 2004، وتفسّرها إسرائيل على أنها اعتراف أميركي بضم الكتل الاستيطانية إليها في إطار أي اتفاق للحل. وحذر الوزير يغال إردان القريب من رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو، من أن أوباما «يبتعد عن التفاهمات التي أبرمتها إسرائيل مع بوش». وقال متحدياً: «يخطئ من يظن أن في وسعه ممارسة ضغوط تضر بمصالح سكان إسرائيل وأمنهم»، لكنه سرعان ما أعرب عن أمله في إقناع واشنطن بصحة الموقف الإسرائيلي من خلال مواصلة الحوار معها. وذكرت صحيفة «هآرتس» أن «رسالة الضمانات» الأميركية كانت في صلب المحادثات التي أجراها باراك مع ميتشل في واشنطن، وقبله في لقاء موفدي رئيس الحكومة الإسرائيلية إلى لندن قبل أسبوع حيث التقوا ميتشل. وأفادت أن باراك سمع من ميتشل رسالة واضحة تقول إن «الإدارة الحالية ليست مستعدة للعودة إلى التفاهمات السابقة» بين الإدارة السابقة والحكومات الإسرائيلية السابقة التي أتاحت مواصلة أعمال البناء في المستوطنات، خصوصاً إزاء رفض الحكومة الإسرائيلية الحالية مبدأ حل الدولتين.