محافظ الطائف يرأس إجتماع المجلس المحلي للتنمية والتطوير    تحت رعاية خادم الحرمين .. تكريم الفائزين بجائزة الأمير سلطان بن عبدالعزيز العالمية للمياه    أمير حائل يستقبل وزير التجارة    معرض الدفاع العالمي 2026 يعلن عن حجز 88% من مساحة الجناح الصيني    الرياض تشهد بطولة هاوي للبلوت    رؤساء المجالس التشريعية الخليجية يشيدون بعقد المملكة للقمة العربية والإسلامية    تصفيات كأس العالم 2026 .. المنتخب السعودي يختتم استعداده لمواجهة أستراليا غدًا    "تجمع الشرقية" الصحي يُطلق حملته للتوعية بمرض السكري    بدور القاسمي تطلق سلسلة كتب «أمي» لتأكيد أهمية الرضاعة الطبيعية    هيئة التراث تُسجل 5 مواقع أثرية جديدة في منطقة جازان ضمن السجل الوطني للآثار    برئاسة ولي العهد ورئيس وزراء الهند.. إنشاء مجلس الشراكة بين السعودية والهند    جيش الاحتلال يهجر 6 مناطق في ضاحية بيروت    «هيئة النقل»: إيقاف تطبيقين لنقل الركاب وتطبيق لتوصيل طلبات    كتب و روايات في معرض الشارقة تحولت لأفلام عالمية    نائب أمير جازان يستقبل الرئيس التنفيذي لتجمع جازان الصحي    في 100 لقاء ثنائي.. قمة الرياض للتقنية الطبية تبحث توفير فرص ذهبية للمستثمرين    رئيس جمهورية تشاد يصل إلى المدينة المنورة    الدولار يحافظ على استقراره قرب أعلى مستوى في ستة أشهر ونصف    الطائرة الإغاثية السعودية ال 23 تصل إلى لبنان    الكويت تدين تصريحات وزير حكومة الاحتلال بشأن فرض السيادة على الضفة الغربية    الأرصاد: الفرصة مهيأة لتكوّن السحب الرعدية الممطرة    محمية جزر فرسان.. عودة الطبيعة في ربيع محميتها    استشهاد 10 فلسطينيين في قصف إسرائيلي على مناطق متفرقة في قطاع غزة    إسناد التغذية والنقل ل«جودة الخدمات» بإدارات التعليم    «التقني»: إلغاء إجازة الشتاء وتقديم نهاية العام    «الرابطة» تُرحِّب بقرارات القمّة العربية والإسلامية    بتوجيه من أمير مكة.. سعود بن مشعل يرأس اجتماع لجنة الحج    إطلاق 80 كائناً مهدداً بالانقراض في محمية الأمير محمد بن سلمان    السعودية الأولى خليجياً وعربياً في مؤشر الأداء الإحصائي    وزير الداخلية يرعى حفل جامعة نايف وتخريج 259 طالباً وطالبة    إحالة ممارسين صحيين للجهات المختصة.. نشروا مقاطع منافية لأخلاقيات المهنة    في بيتنا شخص «حلاه زايد».. باقة حب صحية ل«أصدقاء السكري»    ماذا لو نقص الحديد في جسمك ؟    خطة لاستحداث 16 ألف وحدة سكنية جديدة خلال عام    الأهلي يطرح تذاكر مواجهته أمام الوحدة في دوري روشن    الاتفاق يعلن اقالة المدير الرياضي ودين هولدين مساعد جيرارد    سعود بن نايف يستقبل أمين «بر الشرقية»    ولادة أول جراء من نمس مستنسخ    «سامسونغ» تعتزم إطلاق خاتمها الذكي    الأخضر يحتاج إلى وقفة الجميع    المنتخب السوداني يسعى لحسم تأهله إلى أمم أفريقيا 2025    يأخذكم في رحلة من الملاعب إلى الكواليس.. نتفليكس تعلن عن المسلسل الوثائقي «الدوري السعودي»    «طريق البخور».. رحلة التجارة القديمة في العُلا    السِير الذاتية وتابوهات المجتمع    أحمد محمود الذي عركته الصحافة    إضطهاد المرأة في اليمن    يسمونه وسخًا ويأكلونه    رحب بتوقيع" وثيقة الآلية الثلاثية لدعم فلسطين".. مجلس الوزراء: القمة العربية والإسلامية تعزز العمل المشترك لوقف الحرب على غزة    فوبيا السيارات الكهربائية    «نأتي إليك» تقدم خدماتها ب20 موقعًا    «الغذاء»: الكركم يخفف أعراض التهاب المفاصل    التحذير من تسرب الأدوية من الأوعية الدموية    أسبوع معارض الطيران    إطلاق 80 كائنا فطريا مهددا بالانقراض    الرئيس السوري: تحويل المبادئ حول الانتهاكات الإسرائيلية في فلسطين ولبنان إلى واقع    الأمر بالمعروف بجازان تفعِّل المحتوي التوعوي "جهود المملكة العربية السعودية في مكافحة التطرف والإرهاب" بمحافظة بيش    أمير الرياض يطلع على جهود الأمر بالمعروف    مراسل الأخبار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من يتولى الأمانة العامة للجامعة بعد عمرو موسى؟
نشر في الحياة يوم 19 - 02 - 2011

شاهد الجميع الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى في تصريحات تلفزيونية يتحمس لثورة الشباب بعد أن خلع ربطة العنق ليخرج بمظهر الشباب العشريني أو الثلاثيني، أو بمظهر بعض الرؤساء الأميركيين عندما يكونون في حملاتهم الانتخابية بين الجموع. لكن المثير أن حماسته ومظهره الشبابي ظهرا وهو يجلس في مكتبه الرسمي وخلفه علم الجامعة العربية ما أثار استهجان كثير من المراقبين الذين رأوا في ذلك تعدياً على هيبة المنصب وإقحامه في شأن محلي. لا بأس في أن يتحمس لما حدث ويحدث في مصر، بلده الأم، فذلك أمر مشروع ولكن بعيداً من المقر الرسمي لجامعة كل الدول العربية.
وأفسدت وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية عليّ فرحتي بانتصار ثورة الشباب في مصر إذ ذكرت ان الأمين العام قال انه سيترك «خلال أسابيع» رئاسة الجامعة التي تولاها لنحو عشر سنوات، عندها تملكني الخوف كمواطن عربي على الديبلوماسية العربية. ولكن، لماذا الخوف؟ حسناً، ترْكُ عمرو موسى المنصب يتطلب اختيار أمين عام جديد وهنا يكمن الخوف، أن يتقدم إلينا وزير الخارجية أحمد أبو الغيط، كما جرت العادة، كي يطالب بحقة كوزير خارجية متقاعد في المنصب الذي طالما كان مقعداً للمتقاعدين من الديبلوماسية المصرية، وبالأخص وزراء الخارجية، خصوصاً في هذا الظرف الدقيق الذي تمر به مصر داخلياً وخارجياً الذي يضع كثيراً من الدول العربية في حرج، وما ينتج عنه من مجاملات وتعاطف عربي لتأكيد أن دور مصر العربي لم يتغير، مع أن الجامعة العربية برمتها كانت ولا تزال محل نقاش بين الدول الأعضاء حول الميثاق والمقر وجنسية الأمين العام.
فمن ناحية، يثبت تاريخ الجامعة العربية فشلها الذريع كمنظمة اقليمية فاعلة في ما يخص القضايا العربية، كما أنها كانت وما زالت ذراعاً مهماً من أذرعة الخارجية المصرية ما أربك العمل العربي المشترك، إذ يقوم الأمين العام بتبني أو تأجيل أي موضوع لا يتناسب مع المزاج السياسي المصري، ولا يمكن الجامعة أن تتخذ موقفاً يتعارض مع الموقف المصري بأي شكل من الأشكال، باستثناء ما تم في قمة بغداد نتيجة كامب ديفيد، وما عدا ذلك بقيت الجامعة العربية رهن إشارة الخارجية المصرية.
من ناحية أخرى، ساهم الأمين العام شخصياً في زيادة الحنق على هذا المنصب وأثار الكثير من المشاكسات بسبب أجندته السياسية التي تطغى على ممارسته العمل الديبلوماسي ما ينعكس سلباً على العلاقات البينية بين الدول الأعضاء وبين تلك الدول والجامعة الأم، ويظهر ذلك واضحاً وجلياً في إدارته الاجتماعات والمؤتمرات واللقاءات والتصريحات بدءاً برؤساء دول وانتهاء بالصحافيين، حتى إن كثيراً من المحللين يذهبون إلى أنه ساهم في جزء من الفرقة بين الدول العربية، بسبب عدم إدراكه الفرق بين الديبلوماسية الأحادية كوزير خارجية، والديبلوماسية الجماعية كأمين عام لمنظمة تضم دولاً عدة تختلف في الرؤى والمصالح، ولا أنسى، ولا أحد في العالم العربي ينسى ذلك المشهد المثير في منتدى دافوس عندما اعترض رئيس وزراء تركيا على كذب الرئيس الإسرائيلي بينما كان عمرو موسى مستأنساً بالأضواء على المنصة لم يحرك ساكناً في أمر يعني العرب وتتبناه الجامعة العربية.
في المقابل، يشعر كثير من الدول العربية بحرج وغضاضة لامتلاك مصر وهيمنتها على شأن الجامعة العربية، حتى أصبح مجرد الحديث عن اختيار أمين عام غير مصري أو التفكير في نقل مقر الجامعة من القاهرة هو بمثابة إهانة لمصر أو تعدٍّ على السيادة المصرية أو انتقاص من دورها المحوري، وهذا بطبيعة الحال ومنطق الأشياء تفكير متخشب وهيمنة ليس لها من تفسير.
أذكر أنني زرت الجامعة العربية قبل أكثر من عقد من الزمان بدعوة كريمة من أمينها العام حينذاك الدكتور عصمت عبدالمجيد، وللحق قلت وأقول، إنها كانت ولا تزال تدار بطريقة بدائية ومتخلفة، جلست إلى عدد من الموظفين في مناصب عليا وفوجئت بأنهم يمارسون ألعاب التسلية على أجهزة الكومبيوتر التي ركبت حديثاً آنذاك، دخلت المكتبة فإذا بي في مكتبة أقل مستوى وتجهيزاً ونظافة من مكتبة مدرسة ثانوية، أما الموظفون فالغالبية العظمى من دولة المقر والبعض الآخر إما من المغضوب عليهم سياسياً أو من يراد تكريمه في نهاية مشواره الوظيفي من بعض الدول الأعضاء، ولهذا لا نستغرب أن تعاني الجامعة من عجز مالي وإداري بسبب سوء الإدارة، خصوصاً ونحن نعلم أن مكاتب هذه المنظمة العجوز تنتشر في خمس قارات؛ أفريقيا وآسيا وأوروبا والأميركتين ضمن بعثات في أربع وعشرين مدينة: مالطا وبرلين وفيينا وجنيف وباريس ولندن وروما وموسكو ومدريد وبروكسيل وبوينس آريس وبرازيليا ونيويورك وواشنطن وأنقرة وبغداد ونيودلهي وبكين وجوبا وبريتوريا ومقديشو ومروني ونيروبي وأديس أبابا.
وإذا كنا جميعاً نمتدح الشعب الأميركي ونستهجن السياسة الأميركية، فالأمر ذاته ينطبق على شعب مصر والسياسة المصرية. مصر تحتاج إلى قادة يؤمنون بتمكين الشعب المصري وإطلاق قدراته المكنونة والمكبوتة لأكثر من ستين عاما وتحرير الفكر المصري من عوالق فكرية عفا عليها الزمن لكي تستعيد دورها ومكانتها وتنتقل من دولة هشّة ضعيفة من الدول الرضع (Incubator State) إلى دولة تعتمد على ثرواتها المتعددة وأهمها الثروة البشرية.
وللمناسبة، يذكر التاريخ أن في بداية القرن العشرين كان هناك أربعة حواضر في العالم فقط: لندن وباريس والقاهرة وبومباي، لم تكن حينه نيويورك أو طوكيو أو لوس أنجليس أو هونغ كونغ أو دبي. كانت مصر في منتصف القرن الماضي، أيضاً، تحتضن الآلاف من أبناء الشعب العربي في منح دراسية، كما كان مفكرو مصر وأساتذتها في كل مدينة عربية ينصت ويتعلم منهم الجميع. والسؤال: أين مصر الآن؟
هنا، نأمل ونتمنى من إخواننا في مصر ألا يشعروا بأي انتقاص إذا طالبت الدول العربية بأمين عام من بقية رجالات العالم العربي وهم كثر، أو حتى بنقل المقر إلى عاصمة أخرى مثل الرباط أو عمان أو أبو ظبي أو الدوحة. فمصر في ظننا تحتاج إلى عقد من الزمان لكي تعيد ترتيب أوراقها وصناعة الشخصية المصرية من جديد، أي إلى ثورة داخل الثورة. أما من يختار شعب مصر رئيساً له، فهذا شأن مصري يقرره الشعب وفي مقدمه الشباب الناضج الذي يستطيع أن يميز بكل وضوح بين الغث والسمين.
مصر دولة محورية في قلب الجغرافيا والتاريخ، وتحتل مكانة خاصة في قلوبنا جميعاً، ليس لأنها أكبر دولة عربية من حيث عدد السكان، فلم يعد حجم الدول ذا أثر في العلاقات الدولية، بل لأنها تملك تاريخاً عريقاً وقادرة على صنع المجد لأبنائها، لأنها حين تفعل ستنتقل من قاعدة الشفقة إلى قمة الاحترام في نظر أبنائها أولاً وبالتالي في نظر الآخرين، وهذه هي العظمة. حفظ الله مصر من شعبان عبدالرحيم ومن عمرو موسى.
* كاتب سعودي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.