يضحك الأعضاء الستة لفرقة فيولون تشيليسيمو السورية، فهي المرة الثالثة التي يقطع صوت التصفيق أداءهم لذات المقطوعة الموسيقية (التشيللو عبر التاريخ لبروغير/ ست قطع) ظناً من الجمهور أنها انتهت، يقفون لتحية الجمهور على خشبة مسرح الدراما في دار الأوبرا، ثم يتابعون البرنامج المخصص لموسيقى الحجرة، وكأنهم يعزفون احتفاء بقدوم الربيع. تقدم فرقة آلات التشيللو عموماً أعمالاً مكتوبة في الأصل أو موزعة لهذه التشكيلة متضمنة كل الاتجاهات والحقب من عصر الباروك والكلاسيكيات إلى جاز وأغاني العشرينات الفرنسية مروراً بالمقطوعات الفولكلورية والتانغو أو الموسيقى الأرجنتينية. وتضم الفرقة أولغا يعقوب وكارون باغبودريان وسومر أشقر ومحمد نامق وصلاح نامق وأثيل حمدان، وهم أساساً من أساتذة وخريجي المعهد العالي للموسيقى وعازفي الفرقة السيمفونية الوطنية السورية، كما قدمتْ الفرقة الكلاسيكية العديد من الحفلات المنفردة داخل سورية وخارجها، ونظمت العام الماضي حفلة على مسرح الهارموني في بلاروسيا، إضافة إلى مشاركتها في مهرجان موسيقى على الطريق المحلي لمرات عدة، ومنذ تأسيسها عام 2004 وانطلاق أولى حفلاتها في افتتاح دار الأسد للثقافة والفنون (أوبرا دمشق)، حاولت أن تكون الصوت الإنساني لعازفيها. بلا مايسترو نشأت موسيقى الحجرة داخل حجرات القصور، لتخول الموسيقى الكلاسيكية المؤلفة لها حرية أدائية لكل عازف على حدة، في إطار تداخل الموسيقى ضمن النص المكتوب، وفيولون تشيليسيمو واحدة من الفرق القليلة في المنطقة، حيث لا يلحظ سوى فرقة واحدة مصرية مماثلة لآلات التشيللو، وهذا التشكيل الفريد، تعد أفضل مقطوعاته تلك التي كتبت في النصف الثاني من القرن العشرين وهي (باخياناس/ هدية إلى باخ) للمؤلف البرازيلي فيلا لوبوس، فيما تعدل الآن بعض من المقطوعات المعروفة وتوزع من جديد لتناسب موسيقى الصالون الخاصة بصولو التشيللو. وعلى رغم وجود تشكيلة موسيقية لآلات الكمان إلا أن وجود ست آلات تشيللو على مسرح واحد يعد أكثر فرادة وندرة، وتعزف فيولون تشيليسيمو من أرشيف بعض المؤلفين السوريين المعاصرين الذين يكتبون للتشيللو فقط أو يعيدون توزيع مقطوعات لها كما فعل المؤلف السوري سرمد خوري في مقطوعات وألحان قديمة شعبية وكلاسيكية وحديثة منها: «المركبة الثلاثية وكوبلينكا» (لحن شعبي روسي)، «ليمو ليمو ليما» (لحن شعبي سويدي)، «ميلورد» (رقصة كان كان)، وتضع فيولون تشيليسيمو في برنامجها ما يؤلفه ويوزعه مؤلف سوري آخر هو نديم حسني صاحب التوزيع الجديد لبولكا شوستاكوفيتش. ويوضح رئيس الفرقة ومدرس آلة التشيللو في المعهد العالي حمدان ل «الحياة» الطبيعة الصوتية الجماعية لآلات التشيللو، قائلاً: «لأن الآلات من نوع واحد فصياغتها تنتج شكلاً موسيقياً صعباً، ففي المساحة الصوتية كل الآلات قريبة من بعضها، لكن بالنسبة الى العزف فكل عازف له دور موسيقي خاص به، ويتداخل العزف من دون أن يعزف اثنان الدور نفسه». ينظم حمدان مع بقية الأعضاء حضوراً فاعلاً لفرقته عربياً وعالمياً بمعدل حفلة كل ثلاثة أشهر، ويسعى بناء على كونه مدير المعهد العالي للموسيقى الحالي إلى جذب الأطفال لتعلم مبادئ آلة التشيللو، على رغم توافر كمية لا بأس بها من العازفين المهتمين بالآلة في سورية. أما قرار تأسيس الفرقة فأتى كنوع من تنظيم جهد أفضل خريجي المعهد المختصين بهذه الآلة. ينتبه حمدان لإيجاد مقطوعات موسيقية، تزيد من مستوى فرقته، ويطلب ضمن هذا من المؤلف السوري خوري بعض المقطوعات المؤلفة خصيصاً لفرقته مثل «تانغو ذكرى بيازولا»، أو يستعين بالموروث الكلاسيكي العالمي الذي يحتوي على مساحة صوتية خاصة بالتشيللو كمقطع من أوبرا توسكا لبوتشيني، أو حركات تيلمان الأربع (كونشرتو، بطيئة سريعة، بطيئة، سريعة باعتدال)، وغير ذلك من مقطوعات مرحة تخفف من الفخامة الصوتية للآلة الضخمة مثل مقطوعة مقهى بوينس آيريس لموريس، أو أخرى رقيقة كما الوشاح المغربي لدي فايا.