الأردن تدين حرق قوات الاحتلال الإسرائيلي مستشفى كمال عدوان    رئيس الشورى اليمني: نثمن الدعم السعودي المستمر لليمن    مكي آل سالم يشعل ليل مكة بأمسية أدبية استثنائية    جازان تتوج بطلات المملكة في اختراق الضاحية ضمن فعاليات الشتاء    مدرب ليفربول لا يهتم بالتوقعات العالية لفريقه في الدوري الإنجليزي    الرويلي يرأس اجتماع اللجنة العسكرية السعودية التركية المشتركة    البرلمان العربي يدين حرق كيان الاحتلال لمستشفى بقطاع غزة    رئيس هيئة الأركان العامة يلتقي وزير دفاع تركيا    لخدمة أكثر من (28) مليون هوية رقمية.. منصة «أبشر» حلول رقمية تسابق الزمن    رينارد: مباراة العراق حاسمة ومهمة للتقدم في البطولة    وزير المالية اليمني ل«عكاظ» الدعم السعودي يعزز الاستقرار المالي لبلادنا    التركي فاتح تريم يصل إلى الدوحة لبدء مهامه مع الشباب    "جلوب سوكر" .. رونالدو يحصد جائزة "الهداف التاريخي"    البيت الأبيض: المؤشرات تؤكد أن الطائرة الأذربيجانية سقطت بصاروخ روسي    القبض على أطراف مشاجرة جماعية في تبوك    مدرب قطر يفسر توديع كأس الخليج    «سلمان للإغاثة» يوزع 526 حقيبة إيوائية في أفغانستان    ضبط 3 مواطنين في نجران لترويجهم (53) كجم "حشيش"    وزير «الشؤون الإسلامية»: المملكة تواصل نشر قيم الإسلام السمحة    خطيب الحرم: التعصب مرض كريه يزدري المخالف    مدرب اليمن يستهدف فوز أول على البحرين    الذهب يستقر وسط التوترات الجيوسياسية ويتجه لتحقيق مكاسب أسبوعية    دار الملاحظة الأجتماعية بجازان تشارك في مبادرة "التنشئة التربويه بين الواقع والمأمول "    الفرصة لا تزال مهيأة لهطول الأمطار على معظم مناطق المملكة    مآل قيمة معارف الإخباريين والقُصّاص    الصندوق السعودي للتنمية يموّل مستشفى الملك سلمان التخصصي في زامبيا    مهرجان الرياض للمسرح يبدع ويختتم دورته الثانية ويعلن أسماء الفائزين    إحالة 5 ممارسين صحيين إلى الجهات المختصة    سورية الجديدة.. من الفوضى إلى الدولة    أميّة الذكاء الاصطناعي.. تحدٍّ صامت يهدد مجتمعاتنا    99.77 % مستوى الثقة في الخدمات الأمنية بوزارة الداخلية    عبقرية النص.. «المولد» أنموذجاً    مطاعن جدع يقرأ صورة البدر الشعرية بأحدث الألوان    اجتثاث الفساد بسيف «النزاهة»    خادم الحرمين يهنئ رئيس المجلس الرئاسي الليبي بذكرى استقلال بلاده    نائب أمير مكة يفتتح ملتقى مآثر الشيخ بن حميد    «كليتك».. كيف تحميها؟    3 أطعمة تسبب التسمم عند حفظها في الثلاجة    فِي مَعْنى السُّؤَالِ    ليندا الفيصل.. إبداع فني متعدد المجالات    122 ألف مستفيد مولهم «التنمية الاجتماعي» في 2024    دراسة تتوصل إلى سبب المشي أثناء النوم    ثروة حيوانية    تحذير من أدوية إنقاص الوزن    رفاهية الاختيار    5 مشاريع مياه تدخل حيز التشغيل لخدمة صبيا و44 قرية تابعة لها    ضرورة إصدار تصاريح لوسيطات الزواج    حرس الحدود بجازان يدشن حملة ومعرض السلامة البحرية    اختتام دورات جمعية الإعاقة السمعية في جازان لهذا العام بالمكياج    وزير الدفاع وقائد الجيش اللبناني يستعرضان «الثنائية» في المجال العسكري    وزير الخارجية يصل الكويت للمشاركة في الاجتماع الاستثنائي ال (46) للمجلس الوزاري لمجلس التعاون    بلادنا تودع ابنها البار الشيخ عبدالله العلي النعيم    حلاوةُ ولاةِ الأمر    46.5% نموا بصادرات المعادن السعودية    ما هكذا تورد الإبل يا سعد    التخييم في العلا يستقطب الزوار والأهالي    منتجع شرعان.. أيقونة سياحية في قلب العلا تحت إشراف ولي العهد    نائب أمير منطقة مكة يطلع على الأعمال والمشاريع التطويرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«مسألة الآخر في الفكر الإسلامي» في عدد جديد من سلسلة «مراصد»
نشر في الحياة يوم 19 - 08 - 2017

صدر عن وحدة الدراسات المستقبلية بمكتبة الإسكندرية العدد رقم 38 من سلسلة «مراصد» المتخصصة في علم الاجتماع الديني والاجتماع السياسي تحت عنوان «مسألة الآخر في الفكر الإسلامي... نحو تجاوز لأشكال النسخ في فقهنا الموروث» للدكتور محمد الناصري؛ أستاذ التعليم العالي بكلية الآداب والعلوم الإنسانية، بني ملال، المغرب.
تتناول الدراسة موقف المسلمين من الآخر المخالف دينياً والنقيض عقيدياً، ومما يثير هذا الموضوع في وقتنا الراهن أشكال التطرف وأعمال العنف والإرهاب ضد الآخر؛ وهي أعمال تستند إلى تراث فقهي، تحكمت في صناعته وبروزه عوامل تاريخية. وفي هذه الظروف، بات من الواجب على المشتغلين بالفكر أن يدرسوا المتغيرات التي تعرفها مجتمعاتنا العربية والإسلامية؛ من أجل فهم طبيعة التحولات العميقة التي تكاد تعصف بوجود هذه المجتمعات، ومحاولة وضع تصور في معالجة هذه المتغيرات ذات التأثير القوي على مستقبل مجتمعاتنا العربية والإسلامية.
وبالنظر إلى أزمات الواقع العربي والإسلامي، وإخفاقاته السياسية والاقتصادية والاجتماعية، بالإضافة إلى التحامل الغربي على الإسلام والمسلمين؛ فقد تلقف الكثير من منظري الحركات الإسلامية السياسية المتشددة العديد من تلك التصورات، فعملوا على استثمارها في تكفير المجتمع، وتكفير الحكام، وتكفير المحكومين لأنهم رضوا بهم، وتكفير العلماء، لأنهم لم يكفروا الحكام؛ إعمالاً لفكرة أن من لم يكفر الكافر فهو كافر، وتكفير كل من عرضوا عليه دعوتهم فلم يقبلها. واكتسبت الحركات الإسلامية الراديكالية التي اعتمدت في تصوراتها وأعمالها على الأحكام التراثية؛ صفة المشروعية للكثير من عمليات العنف التي يتم تنفيذها، سواء على المستوى الداخلي (العربي والإسلامي) أو على المستوى الخارجي؛ إذ تستند تلك التنظيمات إلى تلك المقولات في تبرير أعمالها الإرهابية.
ويؤكد المؤلف أن أصل علاقة الأمة الإسلامية بغيرها من الأمم والدول التي لا تدين بالإسلام؛ هي السلم لا الحرب، وهي مبادئ قرآنية حاكمة وضابطة لفلسفة السلام في الإسلام، وموجهة لمسار علاقة المسلمين بغيرهم نحو إقامة السلام والتعايش السلمي، وتحقيق التفاعل الإيجابي مع المخالف دينياً وعقيدياً.
ويشير المؤلف إلى الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي تحض على المواجهة بين المسلمين وغيرهم، وإعمال السيف في مواجهتهم، مثل قوله تعالى: «فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد». وهنا تكمن الإشكالية، كيف يستقيم القول بسلمية العلاقة بين المسلمين وغيرهم مع وجود هذه الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة الداعية إلى المواجهة وإعمال السيف؟
وقد عالج كثير من الفقهاء والمفسرين هذه الإشكالية من خلال مقولة النسخ، التي أثبتت التعارض بين هذه الآيات وبين مبادئ قرآنية تعتبر أصل العلاقة بين المسلمين وغيرهم هي السلم لا الحرب، وذلك من خلال قولهم بآية السيف. والقول بآية السيف حدا بالقائلين بها إلى اعتبار الحرب أصل العلاقة مع المخالف دينياً وعقيدياً، وأن الكفر في ذاته سبب لمقاتلة أهله. واعتبروا الكفر مُبيحاً لقتل الكافر. ومن ثم، فأهل الشرك والكفر مخيرون بين خيارين لا ثالث لهما: الإسلام أو السيف (القتال)، وأما أهل الكتاب -ومعهم المجوس- فإنهم مخيرون بين ثلاثة خيارات: الإسلام أو الجزية أو القتال. بمعنى آخر، وحسب رأي أصحاب هذا الاتجاه؛ فإن المشركين في حال بلوغ دعوة الإسلام إليهم فامتنعوا عنها، تعيَّن قتالهم حتى يكون ذلك إما سبباً في هلاكهم أو في دخولهم الإسلام.
ويؤكد المؤلف أن هذا التصور يثير إشكالات كثيرة وخطيرة، حيث إن القول بالنسخ إخلال بإطلاقية القرآن وإحكامه وحسن تفصيله، كما أن القول بالنسخ إقرار باختلاف القرآن وتناقض آياته، وهو محال في حق الله، لقوله تعالى: «أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً». إن القول بآية السيف يعطل العمل بآيات قرآنية هي من القواعد الكلية والمبادئ العامة في الدين الإسلامي، من ذلك قوله تعالى: «لا إكراه في الدين». ويتتبع المؤلف سياق ورود آيات القتال في سورة التوبة، بما فيها آية السيف، حيث يتبين أنه لا توجد آية في القرآن تشير إلى أن القتال في الإسلام ابتدائي، وأنه شُرع لحمل الناس على الإسلام بإخراجهم من الكفر. بل إن آيات القتال في القرآن جميعها تؤكد أن القتال شُرع لرفع الظلم، وصد العدوان، والدفاع عن الأرض والنفس، وإنقاذ المستضعفين، ونشر السلم والسلام. إن تتبع دلالات آيات القتال الواردة في سورة التوبة بما فيها آية السيف، يتبين أنه لا تعارض حاصلاً بينها، وبين الآيات القرآنية الداعية إلى السلم والموادعة والمهادنة والصفح والتسامح مع الآخر المخالف دينياً والاعتراف به وبحقه في الاختلاف. وإنما لآيات القتال مقاصد سامية لا علاقة لها بالحرب الابتدائية. وبانتفاء التعارض بين آيات القتال والآيات التي ادُّعيَ نسخها بها، يتم إبطال أهم شرط من شروط النسخ، ألا وهو التعارض. إذ اشترط القائلون بالنسخ لوقوعه شروطاً أهمها: أنه لا بد في تحقيق النسخ من ورود دليلين عن الشارع، وهما متعارضان تعارضاً حقيقياً لا سبيل إلى تلافيه بإمكان الجمع بينهما على أي وجه من وجوه التأويل، وحينئذ فلا مناص من أن نعتبر أحدهما ناسخاً والآخر منسوخاً؛ دفعاً للتناقض في كلام الشارع الحكيم.
ويمكن القول إن دعوى النسخ بآية السيف لا تستند إلى دليل واحد قطعي الدلالة، ما يجعلنا نقرر أن آيات القرآن الكريم وسنة رسول الله تؤكد أن السلم هو الأصل في العلاقات الخارجية للدولة الإسلامية؛ فهو إن شئت فقل «الحالة العادية» لهذه العلاقات، وأن الحرب لا تعدو أن تكون «حالة استثنائية» على هذا الأصل العام، لا يصار إليها إلا لأسباب تقتضيها، ودواعٍ تحتمها، وكلها أسباب ودواعٍ لا تنطوي على ما يفيد أو يجيز مقاتلة «غير المسلمين» لمجرد بقائهم على غير ديانة الإسلام.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.