فنّد المفكر الأستاذ بكلية الدعوة وأصول الدين بجامعة أم القرى الدكتور عبدالعزيز بن أحمد الحميدي ما جاء من أفكار في رسالة (معالم الطائفة المنصورة في عقر دار المؤمنين ) التي صبغت بصبغة إسلامية بدعوى إنقاذ المجتمع الإسلامي من الردة والكفر نحو الإيمان رامية ذلك المجتمع الإسلامي كله بالكفر، واصفا الحاكم والعلماء وغيرهم من المسلمين بالمرتدين !!. وتابع الحميدي تفنيده لأفكار مؤلف الرسالة بعد أن دحض في حلقته السابقة فكر الغلو وعدّه مظهرا من مظاهر الضعف وداءً وبيلًا على المجتمعات والحضارات بأن كل ديار الإسلام ديار كفر، وهذه الصورة ما وقعت ولن تقع لتصبح كل ديار المسلمين ديار كفر، وديار الكفر باقية على أصلها ديار كفر، فما بقي إذن مكان ودار للإسلام. وقال الدكتور الحميدي وهو يستعرض بعضا مما جاءت به هذه الرسالة بأن المؤلف انطلق في بث فكره من خلال مفهوم (الكفر البواح) من خلال حديث عبادة بن الصامت حيث جعله منطلقا لبث مفهومه ولكنه وقع في منزلق خطير وخطأ عظيم حينما فسر الحديث من هوى نفسه وبنى عليه حكما على جميع بلاد المسلمين حكومات وشعوبا بالردة والكفر وحلل كل القتال والحرب والجهاد عليهم لإيجاد الفتنة بين المسلمين، مؤكدا أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يترك هذه القضايا الكبرى التي فيها إراقة الدماء وفساد ذات البين والتي قالها عنها الحالقة التي تحلق الدين عائمة خاضعة لفكر فلان وعلان من الناس وهو يعلم عليه الصلاة والسلام خطورته وقد جاء الحديث من لفظين حيث أخرجه البخاري في باب الفتن وليس في باب الجهاد من استثناء منقطع ، كما أخرجه الإمام مسلم وقام المؤلف بتفسيره تفسيرا من هوى وتلقاء نفسه بما يوافق ما ذهب إليه من تكفير جميع المسلمين بلا استثناء وجعل ديارهم ديار كفر وأئمتهم كفارا. وأشار إلى معنى (الكفر البواح) شرعا ،متطرقا إلى مفهوم هذا المعنى لدى صاحب الرسالة الذي أكد أن مؤلفها انطلق في تفسيره لحديث ابن عبادة الذي جعله محورا لفكره وتفسيره بما يوافق هواه دون النظر في الأحاديث الصحيحة التي وردت عن الرسول صلى الله عليه وسلم معتبرا كل علاقة مع الكفار كفرا بواحا، وكل سكوت من عالم أو داعية من منكر يصدر من الحاكم أيا كان نوع ذلك المنكر كفرا بواحا. وفنّد الحميدي كل فكر وتفسير ورد في هذه الرسالة بأدلة شرعية مدللا عليها بما خالف فكر ومذهب مؤلف الرسالة، مدعومة بأقوال الفقهاء القدامى لا إلى ما ذهب إليه من ليّ لأقوال العلماء السابقين كقول البغوي الذي اعتمد عليه من تقرير له على ذلك بأن جميع حكام المسلمين مرتدون وأن ديار المسلمين كلها كفر بتقري الكفر مطلقا. وبيّن الحميدي أن الأدلة التي نقلها المؤلف وظّفها بحسب ما يريد وأن يصل إليه مع محاولة تفسير آراء علماء السلف إذا كانت في غير ما يريد بما أراده من تأييد لفكرته وما ذهب إليه من مذهب. وطالب المجتمع خاصة فئة الشباب قائلا لهم: نحن عندنا مشكلة.. لماذا نعير ديننا وعقيدتنا وعقولنا وأفكارنا لغيرنا ممن ينظرون في مختلف أصقاع العالم ممن يجلسون في لندن أو في اليمن أو في الشام أو لمؤلف رسالة لاتتجاوز 4 صفحات فيها تحريف للآيات وفكر مؤلفها الداعي لكفر وتكفير الأمة كلها وقتالها ؟ أين نحن الشباب من علمائنا الربانيين ومن أسلافنا علماء السلف ومن كتب أهل العلم الثقات؟ ويؤكد أن منظري مثل هذه المؤلفات والرسائل يتوجهون في بداية الأمر إلى الاسرة ليسقطوا ولاية الاب على الابناء ثم يأتون إلى العلماء لينقصوا من مكانتهم ثم إلى ولاة الأمر حتى لا تكون هناك ولاية في تلك المجتمعات المسلمة والهدف من ذلك كله شَرذَمة الأمة وتشتيتها.