دعا الرئيس بشار الأسد خلال لقائه وزير الخارجية الايطالي فرانكو فراتيني في دمشق امس الى «مراجعة شاملة» للسياسة الدولية، خصوصاً الاوروبية، ازاء القضايا الاساسية لمنطقة الشرق الاوسط، لافتاً الى ان «شعوب المنطقة أثبتت أنها قادرة على الإصلاح وتريده بقدر رفضها الإملاءات الخارجية». وكان الأسد استقبل فراتيني الذي زار دمشق ضمن جولة على عدد من دول المنطقة، وذلك بحضور وزير الخارجية وليد المعلم. وأفاد بيان رئاسي بأن اللقاء تناول «العلاقات الثنائية بين البلدين الصديقين والمستجدات والتطورات التي تمر بها المنطقة، خصوصاً بعد الثورتين الشعبيتين في مصر وتونس وآثارهما على المنطقة والعالم، اذ أشار الأسد إلى أهمية إجراء مراجعة شاملة للسياسات الدولية عموماً والأوروبية خصوصاً في ما يتعلق بقضايا المنطقة الأساسية، خصوصاً أن شعوب المنطقة أثبتت أنها قادرة على الاصلاح وتريده بقدر رفضها للإملاءات الخارجية». واعتبر فراتيني أن استقرار الأوضاع في المنطقة «شيء أساسي لاستقرار أوروبا والعالم»، داعياً إلى «بناء الثقة المتبادلة بين دول ضفتي المتوسط وشعوبها من خلال برامج تخلق المزيد من التواصل، مع احترام ثقافة كل شعب وسيادة كل بلد». وبعد اللقاء، صرح المعلم بأن لقاء الرئيس الاسد وفراتيني كان «بناء ومثمراً تناول العلاقات الثنائية وآفاق تطويرها بما يخدم مصالح الشعبين والاوضاع الراهنة في المنطقة والتعاون بين سورية والاتحاد الاوروبي، وكذلك التعاون بين شطري المتوسط»، موضحاً ان وجهات النظر كانت «متقاربة للغاية». واعلن فراتيني ان المحادثات تناولت مجمل تطورات الاوضاع في المنطقة و «وجوب ان نتابع الوضع في مصر عن كثب من دون ان نتدخل في شؤونه الداخلية وبما يساعد على انتقال السلطة في شكل سلمي»، لافتاً الى وجود مبادرة ايطالية تخص دول البحر المتوسط لتعزيز الثقة والمساواة والمساعدة بينها، بما يتضمن تسهيل دعم الطلاب وقطاع الصحة وتسهيل انتقال الطلاب الى اوروبا. وأمل في توقيع اتفاق الشراكة مع سورية. وأشار فراتيني الى انه سيزور دمشق في نيسان (ابريل) المقبل على رأس وفد اقتصادي لتطوير العلاقات، وان الرئيس الايطالي جورجيو نابوليتانو ورئيس الوزراء سلفيو برلسكوني سيكونان سعيدين بالترحيب بالرئيس الاسد في روما في خريف العام الحالي. وقال المعلم رداً على سؤال ان موقف سورية من اتفاقات كامب ديفيد بين مصر واسرائيل «معروف منذ التوقيع على هذه الاتفاقات»، مضيفاً: «ما زلنا نعتقد ان احلال سلام عادل وشامل في المنطقة هو الذي يحقق الامن والاستقرار. اما اعلان التزام مصر احترام التزاماتها الدولية، فهذا شيء يخص مصر، ونحن منذ اندلاع الثورة قلنا ان ما يجري في مصر شأن داخلي. ما يهمنا هو استقرار الشقيقة مصر، وان تلعب دورها الطبيعي في العالم العربي». وأوضح المعلم رداً على سؤال ل «الحياة» عن مقترحات ايطاليا المتوسطية، انه سيجري حواراً مع الجانب الايطالي ل «بلورة افكار هذه المبادرة. لا بد ان نصل الى تحليل مشترك عن اسباب عدم انطلاق (مشروع) الشراكة من اجل المتوسط كي نتجنب في هذه الافكار والمبادرة الايطالية الجديدة سلبيات ما جرى في المبادرات السابقة. ونحن نعتقد ان نموذج العلاقة السورية - الايطالية يمكن ان يشكل حجر زاوية في هذه المبادرة». واذ اشار الى ان دمشقوروما على وشك توقيع اتفاقات للاعفاء من تأشيرات الدخول للديبلوماسيين والطلاب ورجال الاعمال والى زيارة فراتيني المقبلة لدمشق، قال: «كل ذلك يقوم على قاعدة: نحن نفكر بما نريد، وايطاليا تساعد في تنفيذ ما نريد. هكذا يجب ان يبنى البنيان بين شطري البحر المتوسط». واذ وافق فراتيني على موقف المعلم من ان «اصدقاءنا في دول الشاطئ الجنوبي من المتوسط، يقترحون ويقولون ما يريدون، ونحن نساعد على تحقيق ذلك»، قال رداً على سؤال ل «الحياة» انه نظراً للتطورات في مصر وتونس، حصل «تجميد عام» لعملية السلام، لافتاً الى ان استمرار اسرائيل في بناء المستوطنات «خلق نوعاً من العائق في الاستمرار في المفاوضات»، والى انه سيثير ذلك خلال محادثاته مع مسؤولين اسرائيليين في روما في الاسابيع المقبلة. وأكد ل «الحياة» اهمية لعب اوروبا مزيد من الدور لتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة الذي لا يتم من دون تحقيق السلام المتوازن العادل والشامل، وان ذلك لا يمكن بدوره ان يتحقق من دون المسار السوري واستعادة سورية مرتفعات الجولان.