أكد عدد من المراقبين أن الدعوات القطرية ومحاولات «تسيس الحج أمر مرفوض من جميع جوانبه»، معتبرين أن «الأماكن المقدسة لجميع المسلمين»، وأن المملكة تعمل منذ تأسيسها على خدمة ضيوف الرحمن، من دون تمييز، وأكدوا أن الحكومة القطرية تتحمل المسؤولية كافة عن تعطيل حج المسلمين الذين على أراضيها، وتغييبهم عن العبادة هذا العام. وذكر الخبير في الشؤون السياسية سليمان العقيلي أن فكرة «تسيس الحج أمر مرفوض، لأن الدين لجميع الأمة الإسلامية ويوحدها، بينما السياسة تفرقها وتضرب بها في اتجاه المصالح الدنيوية. ولذلك كان تأكيد المملكة العربية السعودية عدم تسيس الحج منطلقاً من حرصها على وحدة الأمة وائتلاف نفوسها، وعدم افتراقها في مختلف السبل، ولذلك فإن حكومة المملكة، التي قامت منذ تأسيسها الحديث بتسهيل دروب الحج وتأمينه وسلامته، ومعاقبة المعتدين على الحجاج وقاطعي طرقهم، حتى أصبحت المشاعر المقدسة، ولله الحمد، تتمتع بأفضل مجتمع إنساني في الأمن والأمان والاستقرار». وأكد أن ادعاء السلطات القطرية تسييس المملكة للحج «ادعاء باطل، لأنه يتناقض مع الاستراتيجية السعودية تاريخياً»، مضيفاً: «الذين وظفوا الحج في الخلافات السياسية معروفون بأنهم افتقروا إلى الحجة السياسية في خلافاتهم مع المملكة، فاتجهوا إلى الحج للطعن في الأداء للأمن والسياسة للمملكة وسيادتها التي تقوم على خدمة الحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة والزوار والمعتمرين والحجاج، وليس غريباً أن يوظف الحج من النظام الإيراني، ولكن الغريب لجوء دولة خليجية إلى تسييس الحج وتوظيفه في صراعها السياسي مع المملكة، على رغم ما يجمع شعبي البلدين من روابط الدم والدين والعروبة، والأغرب من ذلك أن تقاطع دولة قطر موسم الحج هذا العام على رغم أن إيران المختلفة عن الخليج والجزيرة العربية مذهبياً وعرقياً ترسل حجاجها إلى الديار المقدسة، وتتفق مع السلطات السعودية المسؤولة عن الحج بالمسؤولية اللائقة بهذه المناسبات، وفِي هاتين الصورتين ما يندى له الجبين من سلوك سياسي أخرق للحكومة القطرية، لعدم مراعاة المسلمين المقيمين على أراضيها، ولهذا فإن الأمة كلها تحمّل حكومة الدوحة وزر تعطيل الحج القطري أمام الله وأمام التاريخ». من جهته، قال الأكاديمي الكويتي عبداللطيف راضي إنه «على مدى سنوات من تاريخ الأمة الإسلامية والعربية فشلت كل محاولات استغلال أداء المسلمين مناسك الحج في أمور سياسية تجاه أية دولة كانت، إذ حرصت المملكة العربية السعودية على وأد تلك المحاولات في المهد، بانتظام الأمن واستقرار الحجيج وإحباط كل المحاولات التي قامت بها أجهزة استخباراتية عدة، ولعل من نعم الله، التي نحمده عليها، أن جعل من أسرة الحكم في المملكة العربية السعودية، ممن تعاقبوا على الحكم فيها، قائمين على رعاية الحجاج من مختلف دول العالم، فلم يسمحوا في أي يوم من الأيام أن تستغل دولة ما موسم الحج ضد أخرى، فالحج لله تعالى لا للشعارات السياسية، واستطاعت المملكة العربية السعودية أن تردع الأطماع الإيرانية وكبحها من مجرد التفكير في تدويل وتسييس الحج». وتابع: «اليوم ها هي إيران لا تجد أمامها إلا أن تكون خاضعة لما يتطلبه أمن الحج، وفق ما تقرره المملكة العربية السعودية من اشتراطات وضوابط غايتها التيسير للمسلمين في فريضة الحج، ومن المؤسف أن تحاول قطر استغلال موسم الحج لخلط الأوراق السياسية والتغطية على الاتهامات الموجهة إليها، وكأن الدور الإيراني يمارس عبر البوابة القطرية». إلى ذلك، قال الكاتب الصحافي في الشؤون السياسية في البحرين علي شاهين الجزاف إن مجرد الحديث عن تسييس الحج وتدويل الأماكن المقدسة «أمر مرفوض جملة وتفصيلاً، ليس من السلطات السعودية فقط، بل من كل المسلمين، الذين يعلمون جيداً ما تقدمه الحكومة السعودية، بقيادة خادم الحرمين الشريفين، من خدمات وتسهيلات لحجاج بيت الله الحرام». وأكد أن «الدعوات القطرية ليست سوى خدمة للأجندات الإيرانية الشريرة في المنطقة، ونحن نستغرب أن تقف دولة خليجية جارة في صف إيران ضد شقيقاتها في دول مجلس التعاون، وكأن قطر تشارك إيران في تنفيذ تلك الأجندات، بغية إضعاف دول المجلس، ثم السيطرة عليها، كما فعلت إيران ذلك في العراق وسورية ولبنان». ولفت إلى أن قطر «مطالبة بالعودة إلى لغة العقل والمنطق، لا المكابرة والعناد والغطرسة، ومن الحكمة هنا أن تعود قطر إلى الحضن الخليجي، فهذا مكانها، لا أن تغرد خارج السرب وتضع يدها في يد عدو ضد أشقائها، وعليها أن تعتبر بإيران، التي منعت مواطنيها من الحج العام الماضي، بسبب شروط مرفوضة لتسييس الحج، وحاولت الضغط في ذلك ولكنها لم تنجح، وها هي تعود إلى حج هذا العام، بعد أن قاست الأمور بمقياس العقل والمنطق، وعلى قطر هنا أن تستفيد من الدرس الإيراني العام الماضي، فلا تكرر أخطاء الحكومة الإيرانية». وأضاف: «عندما تمنع قطر مواطنيها من الحج هذا العام، فهذا إثم كبير تتحمله الدولة القطرية، فالحج لله تعالى وليس لأشياء أخرى، وعلى قطر أن تعود إلى الشرع في هذا الأمر، وألا تخلط الحابل بالنابل، وأن تقيس الأمور بحكمة وتعقل، وتنأى بفريضة الحج عن أي خلاف سياسي بينها وبين الدول الأربع المقاطعة لها».