بدا صوت الموسيقي عمار الشريعي متهدجاً ومتأثراً وهو يقول رأيه في أداء التلفزيون الحكومي المصري إبان ثورة ميدان التحرير. قال الشريعي الذي بدا مبصراً في هذه اللحظات أكثر من موظفين كثر ارتبطت أسماؤهم بفضائح فساد مدوية في الفترة الماضية، إن من دفع المصريين للتعامل مع الفضائيات العربية الأخرى هو سلوك التلفزيون المصري الذي لم يكف حتى اللحظات الأخيرة عن ارتهانه لحساب «امبراطورية أنس الفقي» المتهالكة والمتآكلة تحت ضربات الشباب الجدد، ف «أبواقه كانت تتحدث عن آلاف تتقاطر من كل حدب وصوب دعماً للرئيس المخلوع، فيما كانت تتجاهل مليونين أو ثلاثة كانوا يتقاطرون على ميدان التحرير». يدرك الشريعي ببصيرته الداخلية أن بعض موظفي «ماسبيرو» كانوا ينفذون سياسة إعلامية حكومية لا ذنب لهم فيها ولا فكاك منها، إلا بتفكيك هذا المبنى الضخم، وإعادة هيكلته مجدداً، بعدما توافرت الآن فرصة حاسمة لذلك. اليوم تبدو الصورة مختلفة. فها هي المحطة الأولى في التلفزيون المصري تقدم قراءة صباحية في الصحف المصرية (القومية منها أي الحكومية والخاصة) بدا معها أن انعطافة ما بدأت للتو في سياسته، فوزير الإعلام أنس الفقي أصبح بحسب دعوات بعض هذه الصحف مطلوباً، وعلى قائمة «العار» المصرية، وهناك من يطلب اقتفاء أرصدته في الخارج. بل أن المذيعة لم تتوقف عن كيل المديح لميدان التحرير بوصفه «أشهر ميادين العالم، ودعت عموم المصريين إلى المشاركة في مليونية الجمعة المقبلة»، في إشارة منها إلى التظاهرة التي دعا إليها شباب 25 يناير مجدداً. هل هذا يعني أن هناك سياسة مغايرة سيتشكل منها الإعلام المصري الجديد؟ من المبكر الإجابة عن هذا السؤال، ولكن يمكن القول إنه لا رجعة إلى وراء، وهذه فرصة مناسبة ليشكل منافساً مهماً على هذا الصعيد، فيلجأ المواطن المصري إلى إعلامه الوطني لينقل شكواه له، ويطالب بالتصحيح، إذ يبدو «ماسبيرو» لغير المواطن المحلي للوهلة الأولى، عنواناً أقرب إلى فيلم اجتماعي بحبكة مشوقة. وهذا ما حصل ودار قربه في الأيام الأخيرة. هكذا بدت الأمور للمراقب غير المصري الذي لم يكن حتى لحظة انفجار الاسم وتردد صداه في بقاع العالم قد سمع ب «ماسبيرو»، وقد أصبح موازياً لشهرة ميدان التحرير؛ وهو هنا يقدم نفسه للمرة الأولى بطريقة جديدة يأمل معها إعلاميون مصريون بأن تتغير السياسة الإعلامية المحلية، وتصبح منافساً حقيقياً لفضائيات كثيرة، لا مجرد إعلام تابع ينفذ سياسة حكومية مفرغة من أي مضمون.