«نعم... أهبل. وأفاخر في هبلي كل الدنيا. أنا الأهبل الوحيد الذي يكره الأنظمة ويكره المسؤولين... ولي في هبلي مذاهب ومدارس وجامعات وقريباً سأفتتح روضة (تحت التجربة)». بهذا الأسلوب التهكمي يخاطب الأردني كامل نصيرات قراء مدونته «تنفيس». ويعلن كامل انه مع التغيير والثورة، وتقف كلماته إلى جانبهم فتحاكيهم بلغة شعبية ويستجيبون لها بلغتهم العامية أيضاً، ومنهم من يتفاعل مع ثورة الكلام تلك فيبدأ تبادل التعليقات. بدأ كامل نصيرات، وهو من أوائل أصحاب المدونات في الأردن، نشر مقالاته اليومية الساخرة عام 2005 في الساحة الإلكترونية. وأنشأ مدونته واستطاع خلال أول سنة أن يحصي عدد زواره الذين تجاوزوا المليون. واستطاع نصيرات أن يخلق كيمياء التجاذب بينه وبين القراء ببراعته في الكتابة باللهجتين العامية والفصحى، وتميزه في قراءته للقضايا الجدية بحس فكاهي. و ترصد موضوعات مدونته «تنفيس» ومقالاتها أوجاع الحال الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، في أسلوب سردي ممتع ومليء بالمواقف المضحكة. وما يلفت نظر قارئ كتابات نصيرات عناوينها المكتوبة والمختارة بعناية فهي باللهجة المحكية الدارجة مثل «جامعة الدور العربية»، «ضريبة التياسة»، «ملزوز على قرشين»، «طُوقَعت»، «حكايتي مع الكنابايات» و»يا هبل ما يهزك ريح» وغيرها الكثير. ويقول نصيرات وهو كاتب خرج من مخيم البقعة ليكتب عن متاعب الناس وآلامهم أن القراء يبحثون عن الكتابات التي تعكس همومهم ومشاعرهم بصرف النظر عن اللغة المستخدمة وإن كانت بطريقة غير احترافية . ويستطرد قائلاً: «ببساطة اعبر عن نبض الشارع بلغة اقرب ما تكون للعامية والكلام المتداول في الشارع الأردني». واللافت أن نصيرات يكتب زاوية يومية في صحيفة «الدستور» تحمل عنوان «تنفيس» وهو اسم الكتاب الذي جمع فيه أخيراً كتاباته كما سبق أن أصدر كتاباً بعنوان «نكشة راس ع الأصلي» في حزيران (يونيو) من العام 2007. ويشكل كتاب «تنفيس» إضافة نوعية للكتابة الساخرة وهو بات كعلامة تجارية أطلقها نصيرات وأصبحت موضع اهتمام، بوصفها ملاذاً للتنفيس عن مشاعرهم، بطريقة شعبية. وعندما كان يكتب نصيرات في الصحافة المطبوعة لم يخيل له عدد القراء المتابعين لكتاباته إلا أن الساحة الإلكترونية استطاعت أن تمنحه فرصة الانتشار السريع والتأثير في الرأي العام، فهو يتعامل مع مدونته على أنها وسيلة إعلامية لنقل الرأي والحدث بالصوت والصورة واللغة كيفما كانت. ويقول: «في ثورة مصر كانت تعتمد قنوات فضائية على ما يبثه الهواة من صور ومعلومات بعد أن مُنعت طواقمها الصحافية من التواجد داخل مكان الحدث»، وبناء عليه يذهب نصيرات إلى أن الإعلام الإلكتروني بات يعطي جيل الشباب سلاحاً أخر بديلاً من الكلاشنيكوف وهو سلاح التدوين والتعبئة من خلال الشبكة العنكبوتية . في الأردن لا تزال المدونات أقل انتشاراً من مثيلاتها في الوطن العربي وفي العالم، وفقاً لنصيرات الذي يعتقد بأن المدونات الأردنية لم تصل إلى مرحلة التأثير والضغط السياسي والإعلامي، ولكن الحكومات بدأت تلتفت إلى الخطاب الإلكتروني وتراقبه من بعد وهو ما يعني بداية التأثير. ويقول: «الحكومة أصبحت تخشى استخدام الشباب للشبكة الإلكترونية لذا عملت الحكومة السابقة على وضع قانون الجرائم الإلكترونية «. ويشير إلى أن المطالبات الشعبية بإقالة حكومة سمير الرفاعي قبل أسابيع انطلقت من دون قادة وكان على رأسها الشباب الذين تمرسوا على التعبير عن آرائهم في المواقع الإلكترونية واندفعوا إلى الشارع كما اندفع الشباب في ثورتهم بمصر وتونس. ولفت نصيرات إلى أن «عدد المدونيين في الأردن في ازدياد وقد بلغ مئات الألوف ولكن قلة منهم تسعى لتصبح من قادة الرأي» ورأى أن الغالبية يستخدمون المدونات الشخصية للتنفيس عن آرائهم بعيداً من القيود التي يتحدث عن حضورها بقوة في الصحافة المكتوبة حيث تخضع مادة الصحافي لأكثر من رئيس تحرير. ولكن في المدونة ينصب نصيرات نفسه رئيساً للتحرير ويتخلص من كل القيود ليكتب عن قضايا الأمة بأسلوب لاذع. ويؤكد أن القمع في الساحة الإلكترونية والمدونات غير مباشر وقد يقتصر على اتصال من الأجهزة المعنية تطلب تهدئة التصعيد الذي تحتويه كتابات صاحب المدونة.