بدأت الحكومة اليمنية اتخاذ تدابير لمحاربة الفساد في أجهزة الدولة وتفعيل آليات محاصرته بالتعاون مع هيئة عليا متخصصة. ووجه الرئيس اليمني علي عبدالله صالح، الهيئة اليمنية العليا لمكافحة الفساد، بتحريك ملفات قضايا الفاسدين سواء كانوا وزراء سابقين أو حاليين أو رؤساء مؤسسات وهيئات ومصالح حكومية وغيرها، أو أي مسؤولين أو أشخاص متورطين في قضايا الفساد المالي والإداري مهما كانوا. وحض على مضاعفة الجهود في ملاحقة قضايا الفساد والعبث بالمال العام وتقديم المسؤولين عن ذلك إلى القضاء لاتخاذ الإجراءات القانونية بحقهم. وأفاد تقرير أصدرته الهيئة اليمنية العليا لمكافحة الفساد، بأنها تحقق حالياً في 1200 قضية فساد مختلفة، بعدما أحالت 34 قضية إلى النيابة العامة منها 20 قضية جسيمة و111 قضية غير جسيمة بإجمالي ضرر بلغ 88 مليون دولار. وأشار إلى صدور أحكام في 8 قضايا فساد إضافة إلى حجز الكثير من القضايا للحكم فيها. وجاء في التقرير أن الهيئة أتمت أخيراً عملية التحري والتحقيق في القضية الخاصة بالهيئة العامة للحفاظ على المدن التاريخية، وأحالتها إلى النيابة بعدما تبين قيام اثنين من مسؤولي الهيئة إضافة إلى مقاول، باختلاس 4.7 مليون ريال (الدولار يساوي 213 ريالاً). كما أنجزت الهيئة التحقيق في قضية اختلاس 148 مليوناً و800 ألف ريال من الهيئة العليا للأدوية والمستلزمات الطبية. ووفقاً للتقرير تم الكشف عن تجاوزات واختلاسات مالية من صندوق النظافة والتحسين في مديرية المسيمير في محافظة لحج، بلغت 165 مليوناً و236 ألف ريال. وتناول التقرير التحقيق في القضية الخاصة ببيع الغاز المسيل بأسعار اقل من الأسعار العالمية حيث طلبت الهيئة كل الوثائق الخاصة بكل اتفاقات بيع الغاز للشركة الكورية واستشارة خبراء مختصين في مجال الغاز وتسويقه. كما تنظر الهيئة في القضية الخاصة بمخالفات وتجاوزات مالية من قبل شركة مصافي عدن، وباشرت النظر في مخالفات وتجاوزات مالية متعددة في وزارة النفط وذلك في الحسابات النفطية للأعوام 2006- 2008، فيما تحقق في جرائم تزوير وثائق ومحررات رسمية واستخدامها في عملية التخليص الجمركي في جمرك الحديدة. وبلغ عدد من استجوبتهم الهيئة حتى الآن 71 شخصاً تمهيداً لإحالة ملف القضية إلى النيابة. وأشار التقرير إلى أن الهيئة تحقق في مخالفات وجرائم فساد في اللجنة الوطنية للطاقة الذرية، إضافة إلى التحقيق في مخالفة مواصفات صفقة توريد كراسي أسنان لكلية طب الأسنان في جامعة الحديدة. ولفت إلى أن الهيئة تحقق في تجاوزات مناقصتين لمصلحة محطة «حزيز 3» بقدرة 30 ميغاوات، ومحطة المنصورة في محافظة عدن بقدرة 70 ميغاوات، إذ تبين وجود اختلالات بضرر يصل إلى3.5 مليون يورو في العقدين. وأعلنت الهيئة إنها استعادت الكثير من الأموال وحمت الأموال العامة وأوقفت بعض المخالفات لأحكام القوانين، منها استعادة 4 بلايين ريال دفعتها شركة «إم تي إن» للهاتف النقال، في مقابل تسوية قضيتها ودفع الضرائب المستحقة عليها قانوناً. وألزمت رئاسة مصلحة الجمارك بتوريد قيمة الضمانات عن البيانات الجمركية المعلقة بمبلغ 7.2 بليون ريال حتى النصف الأخير من عام 2010. واستردت 430 مليون ريال في مقابل فارق قيمة الدعم بين السعر العالمي والسعر المحلي لكمية مادة الديزل في منشآت خزانات حجيف نهاية عام 2008. وبيّن تقرير الهيئة أنها عملت على تجنيب الخزينة العامة خسائر ضخمة في مقابل ما سمي بمشروع توليد الكهرباء بالطاقة النووية بمبلغ 15 بليون دولار، بعد أن اكتشفت أن الشركة التي كان يزمع توقيع العقد معها وهمية، وأن الترويج الإعلامي الذي رافق عملية تقديم مشروع الاتفاق إلى الحكومة لم يكن إلا وسيلة لإيقاع اليمن في فخ الاحتيال.