البيئة البحرية هي المجال الذي يتناوله الكاتب السعودي إبراهيم مفتاح في «الصَّنْبُوق» (الدار العربية للعلوم- ناشرون، نادي جازان الأدبي) وقد حمل ما تزخر به معطيات البحر من أسماء للسفن الشراعية وملحقاتها وأجزائها وأسماء بحريّة تعارف عليها الأقدمون– من رجالات البحر، كما حمل بعضاً من مسميات اللؤلؤ وعبارات وزنه وأدوات فرزه. وعكف مؤلفه على تناول خام «العنبر» العطري وأسراره وأنواعه وألوانه وحقيقته العلمية والسبب في تنافس التجّار على شرائه والمغالاة في أسعاره». وكتب في المقدمة: «إنني– وبعد توفيق الله– أدين لهذه الجزيرة بكل أنفاس قلمي المكتنزة بهواء بحرها ونصاعة رمال شطآنها وخفقات «رِيَش» أشرعتها في الصباحات الباكرة والأماسي الشاعرة المعطرة بأريج تبتلات بحارتها الباحثين عن الرزق في الأعماق ودانات سمّارها الضاربة في الوّلَه، وفي حكاياتهم البحرية الممزوجة بآهات عرائسها اللاتي لم يكتمل في عرسهن قمر حين يودعن عرائسهن وعلى شفاههن حرائق قبلات الوداع ولظى اشتعال فراق المحبين حين يتمرد الكحل في عيونهن بوحاً يكسر خجل النظرات العاشقة ولهفة النفوس الظمآنة التي تزداد عطشاً كلما حاولت أن تطفئ ظمأها وتخمد أوار الشوق في جوانها. (...)، في هذا العمل– حاولتُ أن أبتعد عن النهج «القاموسي» أو الأسلوب «المعجمي» الذي قد يبعث في نفس القارئ السأم أو الملل وأن ألجأ إلى تلطيف جفاف بعض المعلومات ما استطعت إلى ذلك سبيلاً. ومرة ثانية أزعم أنني قدمت بعض الأشياء التي ستصافح عيون بعض القراء للمرة الأولى وتمنحهم معلومات يتعرفون عليها للمرة الأولى أيضاً، وإذا صدق زعمي فإنني سوف أشعر ببعض الرضا وأشعر أن حبري الذي سكبته على الورق لم يذهب سدى وأن ذاكرتي التي نفضتُ عنها بعض التراكمات القديمة قد أتت أكلها بعد أن حان قطافها...».