ترفض الفلسطينية فهمية شماسنة مغادرة منزل تسكنه منذ أكثر من 50 عاماً في القدسالشرقيةالمحتلة، تنفيذاً لأمر قضائي إسرائيلي بإخلائه لمصلحة مستوطنين بسبب ملكيته التي تعود الى عائلة يهودية قبل قيام إسرائيل عام 1948. وقالت شماسنة في غرفة الجلوس البسيطة لوكالة «فرانس برس»، إن «العيش 53 عاماً في هذا البيت يعني أن الخروج منه ليس سهلاً. قضيت عمري هنا وجئت الى هذا البيت عندما كنت فتاة». ومع اقتراب موعد الإخلاء في حي الشيخ جراح بعد أيام في 9 من آب (اغسطس)، أكدت شماسنة (75 عاماً) أنها لن ترحل طواعية، وقالت: «الشرطة (الإسرائيلية) تهددنا. لا نعرف ماذا نفعل. نحن نجلس هنا كالأغبياء، ولا نعرف ماذا نفعل»، مشيرة الى أن العائلة لم تجد حتى الآن مكاناً آخر، ولا تملك ما يكفي من المال لاستئجار غرفة في القدسالشرقيةالمحتلة حيث الإيجارات مرتفعة للغاية. ويؤكد ناشطون يدعمون العائلة الفلسطينية أنها فعلاً ستضطر للخروج لتسليم المنزل في إطار خطة لتوسيع الاستيطان في حي الشيخ جراح الفلسطيني، ضمن مخطط لتهويد الشطر الشرقي من المدينة الذي احتلته إسرائيل عام 1967. وتقول حركة «سلام الآن» المناهضة للاستيطان إن هذا الإخلاء الأول لأحد منازل الحي منذ عام 2009. والمنزل عبارة عن قبو ضيق تعيش فيه شماسنة مع زوجها المريض أيوب (84 عاماً) غير القادر على الحركة وابنها وعائلته. وقررت المحكمة العليا الإسرائيلية في آب عام 2013 رفض التماس العائلة الفلسطينية ضد إخلائها لمصلحة المستوطنين. وضمت إسرائيل القدس عام 1980 وأعلنتها عاصمتها «الأبدية والموحدة»، في خطوة لم يعترف بها المجتمع الدولي ومن ضمنه الولاياتالمتحدة. انتقلت عائلة شماسنة الى المنزل عام 1964، وكان مملوكاً لعائلة يهودية هربت بعد اندلاع الحرب العربية - الإسرائيلية عام 1948 اثر قيام إسرائيل، هذه الحرب التي أدت أيضاً الى تهجير آلاف الفلسطينيين. وتستغل الجمعيات الاستيطانية حقيقة وجود أملاك لليهود قبل احتلال الضفة الغربية عام 1967، حفظها الأردن تحت سلطة «حارس أملاك العدو»، وانتقلت بعدذاك إلى سلطة «حارس أملاك الغائبين» الإسرائيلي، ثم إلى «القيم العام» الإسرائيلي الذي وظيفته ضمان استغلال أي عقار مالكه مفقود. وتقول العائلة انها كانت تدفع مبلغ 250 شيقلاً شهرياً (نحو 70 دولاراً) كإيجار للمنزل ل «حارس أملاك الغائبين» في إسرائيل، حتى ظهر عام 2009 مستوطنون تمكنوا من حيازة ملكية المنزل على أساس «حق العودة لليهود فقط». ولا يوجد أي قانون مماثل للفلسطينيين الذين فقدوا أراضيهم. وقالت شماسنة: «خيرونا بين الإخلاء طواعية أو بالقوة لإخراجنا مع مقتنياتنا»، مشيرة الى انها ستضطر الى دفع تكاليف إخلائها بالقوة. ويقدر المبلغ بين 60 الى 70 ألف شيقل (بين 14 ألفاً و16 ألف يورو). وأضافت: «لن نخرج طواعية، قد نخرج رغماً عنا في حال قاموا برمينا في الشارع. سنخرج لكن لن نغلق الباب ونقول لهم تفضلوا، هذه هي المفاتيح. هذا مستحيل». ووفق «سلام الآن»، بدأ «حارس أملاك الغائبين» مع ورثة الملاك السابقين من اليهود، بالتعاون مع محام معروف بعلاقاته مع المنظمات الاستيطانية، بالسعي لطرد العائلة الفلسطينية منذ عام 2009. وباع الورثة لاحقاً حقوقهم الى شركة مقرها الولاياتالمتحدة. وتشير «سلام الآن» الى أن مثل هذه الشركات تجعل من السهل إخفاء هوية الشخص الذي يقف وراء مسعى طرد الفلسطينيين. وعائلة شماسنة ليست العائلة الفلسطينية الوحيدة التي تنتظر الإخلاء، وفق هذه المنظمة وناشطين في الحي، فعملية «الإخلاء تأتي في إطار عملية أوسع تقوم بها الحكومة بتأسيس مستوطنات في حي الشيخ جراح». وتؤكد منظمة «عير عاميم» الإسرائيلية التي تدعم عائلة شماسنة، أن هذه الأخيرة ستكون الأولى التي تطرد من منزلها في الحي منذ عام 2009. وبعد سنوات على تجميد عمليات من هذا النوع، فإن طرد عائلة شماسنة يأتي بالتزامن مع طرح أربعة مشاريع استيطانية في الحي. ولا ينفي ذلك ارييه كينغ مالك العقار، مدير صندوق أراضي إسرائيل، وهي جمعية استيطانية تعمل في احياء القدسالشرقيةالمحتلة، ويقول: «عائلة شماسنة تقوم بإعادة البيت الينا»، مؤكداً انه ملك لليهود منذ «90 عاماً». ويشرح رؤيته للحي: «سيعود هذا الحي كما كان حياً يهودياً. الأمر يحدث ببطء، لكن الحمد لله ننجح في إعادة اليهود الى مكان هربوا منه عندما قصف الجيش الأردني منازلهم». وأكد ان مسألة تحويل حي الشيخ جراح الفلسطيني الى حي يهودي هي «مسألة وقت فقط». إلا أن شماسنة تسخر من فكرة «الورثة اليهود» وتتساءل: «أين كانوا طوال هذه الفترة؟ ماذا سيرثون؟ هذا البيت؟»، مشيرة الى القبو الضيق.