الخط العربي.. فنٌ عريق يتألق مجدداً عبر منصة "هاوي"    زراعة عسير: تدشن مهرجان الرمان الرابع بسراة عبيدة    زوجة أحمد القاضي إلى رحمة الله    حب وعطاء وتضحية.. «الصقري» يتبرع بكليته لشقيقته    إلزام كل تاجر بتعيين اسم تجاري.. و50 ألفاً غرامة المخالفين    رئيس وزراء اليمن: شكر عميق للسعودية لمساعداتها الإنسانية والإغاثية والخيرية    الاتحاد في اختبار الأخدود.. والاتفاق يواجه الرائد    خادم الحرمين يهنئ رئيس غينيا بذكرى الاستقلال ويعزي رئيس نيبال في ضحايا الفيضانات    «الصحفيين» تُعدّل نظام عضويتها.. تستمر لعام كامل من تاريخ الحصول عليها    الجدعان في «حوار برلين»: التنمية المستدامة تتحقق بالتخطيط طويل المدى    مجلس التعاون يدعم لبنان ويدعو لوقف إطلاق النار في غزة    برعاية الملك.. انطلاق المنتدى الدولي للأمن السيبراني    وزير الخارجية يبحث مع الرئيس الإيراني مستجدات أوضاع المنطقة والعالم    اشترِ الآن وادفع لاحقاً !    نحو تمكين ذوي الإعاقة !    معدلات الخصوبة بين المدن الصناعية والزراعية    أميرٌ شاب    حفلات التخرج: استلاب وانطماس هوية !    هل بدأ اليوم التالي في المنطقة؟    الاتحاد يلعن غياب "كانتي" عن مواجهة الأخدود للإصابة    يونايتد وتن هاغ للخروج من النفق المظلم أمام بورتو    دوري أبطال آسيا للنخبة .. التعاون يتعثّر أمام القوة الجوية العراقية بهدفين    «الصحة اللبنانية» : 46 قتيلاً حصيلة الغارات الإسرائيلية على لبنان الأربعاء    أعيرف.. ذكريات تاريخية في قلب حائل    اتفاقية شراكة بين كرة المناورة واتحاد الجامعات    القهوة تقي من أمراض القلب والسكري    جراحة السمنة تحسن الخصوبة لدى النساء    «مايكروسوفت» تتصدى لهلوسة الذكاء الاصطناعي    مملكة العز والإباء في عامها الرابع والتسعين    مبادرة «قهوة مع الأمين» حرية.. شفافية.. إنجاز    "مهوب حلال أبوك"!    المطوف جميل جلال في ذمة الله    رواد الكشافة باالطائف يطمئنون على الرائد عطية    عمر يدخل القفص الذهبي في مكة المكرمة    هل بدأ حريق سوق جدة الدولي من «محل أحذية»؟    وداعاً يا أم فهد / وأعني بها زوجتي الغالية    الفرج ينقل تعازي وزير الداخلية لذوي شهيد الواجب السبيعي    الابتكار والاستثمار السياحي في الأحساء.. هل يأتي بحجمه أو بتأثيره؟    البنك المركزي السعودي يصدر مبادئ "الالتزام"    يوميات معرض    الرياض "تقرأ"!    جادة القهوة    العلا.. حماية التراث الطبيعي والإنساني    تثمين المواقع    لماذا لا تبكي؟    المفتي العام يستقبل مفوّض الإفتاء بجازان    وطن خارج الوطن    بعدما أصبح هداف الهلال آسيويا.. الدوسري يقترب من صدارة هدافي القارة الصفراء    صلاح يقود ليفربول للفوز على بولونيا بثنائية في دوري أبطال أوروبا    شركة أمريكية تدعم أبحاث طبيب سعودي    نملة تأكل صغارها لحماية نفسها من المرض    إسرائيل وإيران يدخلان خط التصعيد رغم المخاوف    العيسى في معرض «كتاب الرياض»: وثيقة مكة ترسي حقيقة الإسلام    والد الشهيد أكرم الجهني ل«عكاظ»: نبذل الغالي والنفيس فداء للوطن    الحياة الزوجية.. بناء أسرة وجودة وحياة    أمير مكة المكرمة ونائبه يعزيان أسرتي الشهيدين في حريق سوق جدة    أمير الشرقية يثمن دعم القيادة للقطاع الصحي    المملكة.. الثبات على المبدأ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المتسلّقون على ميدان الانتفاضة
نشر في الحياة يوم 10 - 02 - 2011

مصر في الأسبوع الثالث للانتفاضة... جموع المحتشدين في التجمعات المليونية في قلب «ميدان التحرير» وغيره، محاصرة بالسقف الأعلى لمطالبها، أي الإصرار على تنحية الرئيس حسني مبارك أو تركه البلد، فيما ما تبقّى من نظام أو ببساطة رأس السلطة عاجز عن ترك «الشرعية الدستورية» في يد الشارع.
وما هو مقصود بالشرعية الدستورية عناه نائب الرئيس عمر سليمان، حين حذّر شباب الانتفاضة من إنهاء النظام أو تصفيته الآن، بما يرجح احتمال الانقلاب العسكري، كما يعتقد، والتصفية والانقلاب طريق مصر الى الفوضى.
من يعرف أكبر بلد عربي بسكانه، يدرك أن مأزق المصريين تفاقم على مدى السنين العشر الأخيرة بين حكم تتآكل صدقية أجهزته نتيجة القبضة الأمنية وقبضة الفقر التي سحقت ما تبقّى للطبقة المتوسطة، وبين معارضة اهترأت شعبيتها في الشارع، بالاحتواء والتهديد والابتعاد عن مطالب الناس. السقف الذي بني فوق رؤوس عشرات الملايين من المصريين، كان الخضوع لواقع يحمي فساد الآلاف من المنتمين الى الحزب الحاكم أو المحتمين به، وجشع أصحاب الملايين ممن تضخمت ثرواتهم وتنكروا للفقراء فزرعوا بذور الغضب وعمّقوا حفرة النظام... لكن الورطة في ميادين الغضب هي إثبات قدرة شباب الانتفاضة على إدارة شؤونها وقيادة مصر الى اليوم التالي، سواء ثبُت أن «هيئة دعم الثورة» تمثلهم بصدقية أم لا.
والحال أن أحداً لا يمكنه أن يضع في كفةٍ ما سُمي «خريطة الطريق» الى الإصلاحات التي ستراقب تنفيذها لجنة متابعة بموجب جدول زمني يضمن تبديد شكوك المنتفضين، وفي الكفة المقابلة مغادرة مبارك قصر الرئاسة، إلا إذا طغت نوازع الثأر على التعقل... والتعقل وحده كفيل بضبط إيقاع «ميدان التحرير» على ما يكفل إنقاذ مصر من شبح الفوضى والخراب.
قد يقال إن بقايا النظام هي التي تروّج لترهيب المصريين من المجهول وبركانه الذي لا يمكن السيطرة على حِممه إذا تنحى الرئيس، لكن الصحيح الذي لا يقبل التشكيك هو حماية مصير بلد نجح، على مدى سنوات طويلة في مقاومة كل الضغوط الخارجية، وهُزِم نظامه أمام أحلام الشباب والفقراء.
أسمى الأهداف أن تحمي قبضة الانتفاضة مصريتها، فتلك بداية الطريق الى حماية البلد من المتسلقين في الداخل والخارج، دعاة المزايدة وأبواق الأوامر التي توحي من واشنطن بأن باراك أوباما يدير «ثورة 25 يناير»، أو تزعم من طهران أن شباب مصر يستكملون مسيرة إطاحة الشاه!
كانت الحفرة القاتلة للنظام المصري فضيحة تزوير الانتخابات، لا جدال في ذلك، لكن ادعاء وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس الذي بات فجأة «رائداً» للإصلاح في العالم العربي، انه نصح حكوماته فلم تستمع، هو ادعاء وقح، يثير الاشمئزاز كلما تبادرت الى الذهن عشرات الاتفاقات التي وقعها لتعزيز القبضة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية. ذروة الوقاحة أن تنصّب واشنطن نفسها وصياً على المنطقة، رافعة راية حقوق الإنسان. وللتعذيب ضحاياه في مصر ودول عربية كثيرة، ولكن لماذا لا يخجل الأميركي أمام تعذيب الفلسطيني بأيدي الشريك الإسرائيلي، بل قتله وتشريده ومصادرة مصير شعب؟
وأما النموذج البديل الذي تريده الولايات المتحدة لأنظمة المنطقة، فإذا كان على الطريقة العراقية، لا يمكن إلا أن يحيي نظرية المؤامرة، رغم كل وهنها، إذ يختصر المسافة الى الخراب والفوضى التي لا تترك شرعية إلا ل «جهاديي» القتل وتدمير الدول لمصلحة شرطِيين جدد.
يجثم في المنطقة وعلى شعوبها أسْر الجمود وتآكل المواطَنة، بفعل محاصرة الشباب بين فكي الأمن والتخوين. وإن رفعت ثورة تونس وانتفاضة مصر حظوظ التغيير، فالأمل أن يبقى انتزاع الإصلاح سلماً، الكفة الراجحة في ميزان المصالح، بعيداً من لغة المزايدات والتجاذبات الإقليمية والدولية. يكفي تذكر اللهاث الأميركي للحاق ب «25 يناير»، وحرص إسرائيل على تضخيم حال «هلع» مما سيخلف مبارك، وحتى الإشادة بالرئيس المصري كأنها تشجع استعجال رحيله. وأما توني بلير فلم يرَ في شهادته لمصلحة النظام المصري سوى منع وصول الأسلحة الى «حماس»، ليحذر من عواقب سقوطه على عملية السلام!
لا يداني غباء الغرب في التعامل مع أزمات المنطقة ومعضلاتها، سوى «ذكاء» النظام الإيراني الذي هلّل لتداعي أركان حكم مبارك، ساعياً الى تحجيم انتفاضة المصريين لتبدو «امتداداً» للثورة على الشاه. بعد طبول الشماتة بالنظام المصري، مُنِعت المعارضة في إيران من تنظيم مسيرات للتضامن مع مصر وتونس. ففي طهران وحدها تنقلب المعادلة: الثورة تحكم وكل معارِض خائن أو عميل.
لا يحتاج شعب مصر دروساً في الولاء، لكن انتفاضة شبابها وفقرائها ما زالت على محك الاختيار بين الثأر من الماضي، وانتزاع غد الإصلاح وخريطة البلد من «خريطة الطريق» الدستورية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.