اتسعت دائرة التحذيرات على نحو لافت من الأوساط الاقتصادية العراقية المختلفة في شأن شمول المواد والسلع الغذائية الأساسية في قانون التعرفة الجمركية الجديد المتوقع تطبيقه مطلع آذار (مارس) المقبل، الذي استقبله الخبراء بحذر شديد، لأن فرض هذه التعرفة على المواد الغذائية الأساسية قد يزيد الفقراء فقراً ويضاعف من مستوى الفقر في البلاد، مع ما يرافق ذلك من تداعيات اجتماعية. ودعا الخبير الاقتصادي طعمة السعدي في دراسة له إلى إعادة النظر في القانون قبل تطبيقه وإعادة تحديد المواد التي ستطّبق عليها التعرفة الجمركية الجديدة، مطالباً بإعفاء المواد الأساسية منها، ورأى أن الإنتاج المحلي يُحمى عبر الدعم الحكومي للمواد الأولية التي تدخل في الصناعات المختلفة، خصوصاً البذور والأدوية والأعلاف والأسمدة ووقود الديزل والمعدات، إلى جانب المواشي والدواجن. وطالب بإلغاء التعرفة الجمركية على مركّزات العلف، كالبروتين (5 في المئة) وفول الصويا (10 في المئة) والفول السوداني والقطن والكتّان وعباد الشمس (5 في المئة) والحنطة والشعير والذرة، التي تستخدم كأعلاف، والأدوية البيطرية وكل ما يتعلق بتربية الدواجن. وحض الحكومة على بيع المواد الأولية والأدوية البيطرية لأصحاب الحقول بأسعار مدعومة بأقل من 30 في المئة من سعر السوق، وتجهيز المربّين بمولدات كهربائية وتوفير الوقود اللازم لهم بسعر مدعوم. وأوضح أن هذه الإجراءات كفيلة بتأمين فرص عمل لعشرات الآلاف من العاطلين من العمل. وحذّر خبراء مختصون من عواقب انعكاس هذا القانون وما سيفرضه من ضرائب على السلع والمواد الداخلة إلى البلاد في شكل سلبي على التضخم وارتفاع الأسعار، غير أن مسؤولين حكوميين بينهم المستشار الاقتصادي لرئيس الوزراء عبدالحسين العنبكي أفاد بأن البدء بتطبيق القانون كفيل بإنعاش الصناعة والزراعة المحلية، وبالتالي زيادة الإنتاج المحلي والمساهمة في القضاء على البطالة. وتوقع خبراء اقتصاديون أن يساهم القانون بارتفاع في أسعار المواد المباعة في الأسواق المحلية، داعين إلى إجراء دراسة متأنية لما يمكن أن ينجم بعد تطبيق القانون وقراءة المؤشر التضخمي خلال فترة تطبيقه. وأوضح نائب محافظ البنك المركزي العراقي احمد بريهي أن الرسم الجمركي الجديد يمكن أن يؤثر في نواح حياتية عدة، غير انه سيساهم في زيادة إيرادات الدولة وتقوية القطاع الإنتاجي العراقي في شكل عام، وتابع أن ارتفاع أسعار السلع المستوردة سيكون أمرأً مؤكداً، ما يشير إلى أهمية تحليل النتائج النهائية لتطبيق قانون التعرفة الجمركية، بهدف ضمان اقل نسبة ممكنة من الآثار السلبية التي ترافقه. وأوضح أن تأثيره يعتمد على السياسات الاقتصادية الأخرى التي يمكن أن ترافق عمل القانون الجديد. وينصّ القانون على فرض رسم جمركي على البضائع المستوردة غير الواردة في جدول تعرفة الرسوم الجمركية، بنسبة لا تزيد على 20 في المئة من قيمتها، كما يراعي القانون في تطبيق أحكامه التسهيلات الممنوحة بموجب قانون الاستثمار رقم 13 لعام 2006 وتعديلاته على السلع المستوردة لأغراض مشاريع الاستثمار حصراً، بهدف جذب اكبر قدر ممكن من الشركات الاستثمارية ورجال الأعمال إلى البلاد.