دعا زعيم حزب «النهضة» الإسلامي راشد الغنوشي رئيس الحكومة التونسية يوسف الشاهد إلى التعهد بعدم الترشح للاستحقاق الرئاسي المفترض إجراؤه في العام 2019، مجدداً التأكيد على عدم ارتباط حزبه بالإسلام السياسي أو أي تنظيمات خارج تونس، في إشارة إلى «الإخوان المسلمين». وقال الغنوشي في مقابلة تلفزيونية، إنه «على حكومة الوحدة الوطنية أن تركز جهدها على مواجهة التحديات الاقتصادية وإدارة الانتخابات المقبلة بدل الانشغال بالمستقبل السياسي لوزير أو لرئيس الحكومة». وفسر الغنوشي قوله بإن «الانشغال باستحقاق 2019 الانتخابي لا يزال مبكراً، ومن الضروري تجنب الخلط وتوظيف الشأن الاقتصادي في أي مطامح انتخابية»، مذكراً بتجربة الرئيس الباجي قائد السبسي (عندما كان رئيساً للحكومة في العام 2011) ومهدي جمعة (2014)، اللذين أشرفا على ادارة شؤون البلاد وتنظيم انتخابات رئاسية من دون الترشح. وكان الغنوشي التقى قبل ايام بالسبسي في قصر قرطاج، ما دفع مراقبين إلى الاعتقاد أن دعوة الشاهد إلى عدم الترشح للرئاسة تحظى بتأييد الرئيس وحزبه «نداء تونس» الذي لا تربطه علاقات جيدة برئيس الحكومة. ويأتي هذا التصريح المثير للجدل لرئيس حزب «النهضة» مفاجئاً للرأي العام، باعتبار أن لا حجج قانونية أو دستورية تمنع رئيس الحكومة من الترشح لأي استحقاق انتخابي، بخاصة وأن شعبية الشاهد ارتفعت أخيراً بعد إعلانه الحرب على الفساد وتوقيف رجال اعمال بارزين. وفِي هذا الصدد، جدد الغنوشي دعم حزبه الحرب على الفساد «الذي استفاد كثيراً من مناخ الحرية في البلاد بعد الثورة». وقال إن على الحكومة أن تلتزم بالقانون وأن لا تمد يدها إلى أموال الناس إلا وفق القانون واستناداً إلى أحكام قضائية قابلة للطعن. وأعلن الغنوشي، الذي ظهر لأول مرة مرتدياً ربطة عنق، عن لقاء قريب يجمع الاحزاب والمنظمات الداعمة للحكومة للتحاور والتشاور حول امكان اجراء تعديل حكومي، مشيراً إلى أن الوضع يفرض تعديل الفريق الحكومي سواء بتغيير بعض الوزراء أو بسد الشغور في وزارتي المالية والتربية. وتعالت في الآونة الاخيرة دعوات من المعارضة ومن داخل التحالف الحكومي إلى اجراء تعديل وزاري لتعزيز العمل الحكومي، وجاءت هذه الدعوات من احزاب «مشروع تونس» و «الجبهة الشعبية» والاتحاد العام التونسي للشغل المنظمة ذات التأثير الكبير في البلاد، في حين أن الشاهد لا يرى ضرورة لذلك حالياً. وتطرق الغنوشي إلى صعوبة الأوضاع الاقتصادية، وصرح بأن «إدارة الحكومات الائتلافية هي الأصعب، خصوصاً في ظل الأوضاع الانتقالية»، داعياً الى مصارحة الشعب بحقيقة الوضع الاقتصادي والمالي للبلاد وإعادة الاقتصاد الى منطق الربح وتجنب توجيه رسائل سوداوية تحبط التونسيين. وكان وزير الاستثمار والتعاون الدولي (والمالية بالنيابة) الفاضل عبد الكافي حذر في كلمة له أمام المجلس النيابي منذ أيام، من «وضع صعب للاقتصاد والمالية العامة قد يجعل الدولة عاجزة عن دفع رواتب الموظفين في الشهرين القادمين اذا لم تتم الموافقة على قرض جديد». في سياق آخر، جدد الغنوشي التأكيد على عدم انتماء حزبه إلى تنظيم «الإخوان المسلمين» وتيار الإسلام السياسي، فقال إن «النهضة حركة متماسكة ديموقراطية ليست من الاسلام السياسي وهي جزء من المجتمع التونسي»، مؤكداً أن تونس التي جربت اقصاء الاسلاميين سابقاً، ترفض الاقصاء والعنف والإملاءات الخارجية.