اعتبر رئيس «حزب الجبهة الديموقراطية» الليبرالي المصري الدكتور أسامة الغزالي حرب أن «لا حل من دون رحيل (الرئيس حسني) مبارك». واقترح مخرجاً من الأزمة السياسية الحالية يتمثل في قيادة الجيش مرحلة انتقالية يتم فيها الترتيب لمرحلة ما بعد مبارك، لكنه شدد في الوقت ذاته على «رفض عسكرة الدولة». وحذر من أن النظام يسعى إلى «الالتفاف على الثورة الشبابية». وكان حرب أحد رموز «الفكر الجديد» الذي قاده نجل الرئيس جمال مبارك في «الحزب الوطني الديموقراطي»، لكنه استقال اعتراضاً على سياسات الحزب وتباطؤ خطوات الإصلاح، ليقدم نفسه رئيساً لحزب معارض، وهو قاطع الانتخابات البرلمانية الأخيرة، ورفض تعيينه في مجلس الشعب (البرلمان)، «لعدم المشاركة في برلمان مزور». ولا يخفي أستاذ العلوم السياسية إعجابه بالمدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية الدكتور محمد البرادعي منذ عودته إلى مصر لقيادة «الجمعية الوطنية للتغيير» في شباط (فبراير) العام الماضي، معتبراً أن ما طرحه كان «ملهماً» لثورة الشباب. وانتقد حرب الحوار الذي تجريه قوى معارضة مع نائب الرئيس عمر سليمان، قائلاً: «نرفض أي حوار مع النظام في ظل وجود الرئيس مبارك في السلطة. الشعب قال كلمته، وهي أنه لا مخرج للأزمة الراهنة من دون تنحي الرئيس. وهذا المطلب لا مناص منه للخروج من الأزمة الراهنة». وتساءل: «كيف نذهب للتفاوض والمطلب الرئيسي للجماهير لم يُستجب؟». ورأى أن «ما يتم الحوار عليه الآن قضايا ثانوية. ونحن نلحظ محاولات من السلطة للالتفاف على مسألة خروج مبارك في هذا الحوار، لكن تلك المحاولات تم كشفها، والشباب في ميدان التحرير أكدوا أن من ذهبوا للتفاوض لا يمثلونهم، وأنه لا رحيل من ميدان التحرير قبل رحيل مبارك». ولفت إلى أن «الحل يكمن في رحيل مبارك، وبعدها تجتمع القوى السياسية لترتيب المرحلة المقبلة. ومن المؤكد أن الجيش سيلعب دوراً كبيراً في انتقال سلمي للسلطة، أما غير ذلك فهي محاولات عبثية لن تؤدي إلى نتيجة». غير أنه أقر بأن «هناك مشاكل كثيرة لترتيبات ما بعد مبارك خصوصاً ونحن نعيش في دولة سلطوية لا يتم فيها انتقال سلس للسلطة، لكن المؤكد أن المشاكل الدستورية لا تمثل عقبة. وفي أسوأ الأحوال نحن نقول إننا لا نريد الانقلاب على الشرعية بل سنعمل وفق بنود الدستور الحالي». وأوضح أن «هناك شرعية جديدة ولدت في ميدان التحرير وهي شرعية الثورة والشعب، والدستور يقول إن الشعب مصدر السلطة، فمن الممكن أن تتولى قيادة شعبية لمرحلة انتقالية، على أن تتولى التفاوض مع الجيش لانتقال آمن للسلطة، كما أن لا مشكلة في أن يتولى رئيس البرلمان السلطة مع إجراء إصلاحات لحين انتقال السلطة، ويمكن أيضاً أن يتولى مجلس عسكري الحكم لمدة سنة تمهيداً لانتقال سلمي للسلطة». لكنه نفى أن يكون طرحه هذا قبولاً بتولي الجيش السلطة، قائلاً: «لا أحد يمكنه أن يقبل عسكرة الدولة مرة أخرى. الجيش وارد كمرحلة انتقالية لمدة عام أو عامين فقط. بمعني أنه سيكون حاضراً في عملية صياغة النظام الجديد لكن من دون تدخل، فالشعب يريد دولة مدنية ولن يقبل بسيطرة الجيش». وقال إن «البرادعي في مقدم البدائل المطروحة، أي أنه يمكن أن يقود البلاد لمرحلة انتقالية. ولا شك أن ما طرحه البرادعي منذ عودته شكل أساساً ملهماً لانتفاضة الشباب ومعظم الموجودين في ميدان التحرير الآن هم من المناصرين له». وعزا الاتهامات للبرادعي ب «القفز» على الثورة إلى «الحملة الشرسة التي قادها النظام ضده، من خلال عمليات تشويه وتشنيع، كما أن قطاعاً عريضاً من الشعب لا يعرف البرادعي. هو فقط يحظى بشعبية في أوساط المثقفين والنخب. لكن بلا شك أن للبرادعي أثراً كبيراً في ما تشهده البلاد الآن من حراك سياسي، لذا فهو من أهم البدائل المطروحة الآن». وقلل من المخاوف من استيلاء «الإخوان المسلمين» على السلطة، قائلاً إن «هناك كثيراً من المبالغة في شأن دور الإخوان. فالجماعة لا تشكل سوى نسبة ضئيلة جداً من الملايين الموجودين الآن في ميدان التحرير. وهؤلاء لا يمكن أن يقبلوا استيلاء أحد على ثورتهم. الإخوان من حقهم أن يلعبوا دوراً في المرحلة المقبلة مثلهم مثل القوى السياسية كافة في البلاد، لكن تضخيم دورهم خطأ». وشدد على أن «مصر أمام ثورة من أروع الثورات في تاريخها... وهذه الانتفاضة لها خصائص عدة بينها أنها حدث فريد في التاريخ المصري منذ الفراعنة، كما أن مصر لم تعرف ثورة جماهيرية شاملة في هذا الشكل. هؤلاء الشباب لا يمثلهم أحد، ولا يمكن لشخص أن يقودهم، وهذه عبقرية الثورة. لذلك فمن المستحيل أن تجعلهم يتخلون عن مطلبهم، وهو رحيل مبارك». وعن الموقف الدولي، قال إن «وضع مبارك يزداد حرجاً يوماً بعد يوم، فمع اشتداد الضغوط عليه بات فاقداً للشرعية ولا يمثل المصريين أمام العالم. ومن هنا تكمن الخطورة، فشرعية مبارك أمام المجتمع الدولي أصبحت منتهية».