بصوته العذب وكلماته الرقيقة وتحيزه الدائم إلى المرأة سطع «قيصر الأغنية العربية» كاظم الساهر ليلة أمس (الجمعة) في مهرجان بيت الدين، مثل نجم متوهج في سماء لبنان سحر القاصي والداني والعاشق والخالي. وفور ظهوره على المسرح ردد الحاضرون اسمه «كاظم... كاظم» فبادلهم الحب بالحب قائلاً: «مسرح بيت الدين من أروع المسارح التي أقف عليها... ودائماً الجمهور راق ويمنحني السعادة. أنا أحبكم كثيراً وشكراً للتنظيم الرائع». وأمام جمهور تجاوز الخمسة آلاف من لبنان وخارجه قدم المغني العراقي باقة من أبدع أغانيه الحديثة والقديمة والمأخوذ معظمها من أشعار الشاعر السوري الراحل نزار قباني. وفيما تسود انقسامات عربية ولا تجد لها نقاط تجمعها استطاع الساهر أن يجمع على صوته مستمعين من أنحاء الوطن العربي اصطفوا جنباً إلى جنب، رافعين أعلام بلادهم ومرددين مع مغنيهم المفضل أناشيد الحب التي صاغها على مدى عقود من مشواره الفني. وعلى رغم حرص الساهر على تقديم أحدث ما لديه من أغان من ألبومه الجديد «كتاب الحب» طالبه الجمهور بأغانيه القديمة مثل «قولي أحبك» و«زيديني عشقاً» و«يا مستبدة» و«هل عندك شك» و«عيد العشاق» فما كان منه إلا أن استجاب لكل رغبات الجمهور. وبأداء شعري متميز ألقى الساهر بعض القصائد على مسامع جمهوره قبل أن يغنيها ما أضفى أجواء رومانسية على السهرة التي تجاوزت الموعد المقرر لها. وكان للون العراقي حضور أيضاً في حفل ابن مدينة الموصل الذي قدم بعضاً من الأغاني العراقية المبهجة ذات الإيقاع الشرقي الرنان. ومن بين الأغاني التي تفاعل معها الجمهور كثيراً «شؤون صغيرة» التي تقول كلماتها «شؤون صغيرة تمر بها أنت دون التفات/ تساوي لدي حياتي جميع حياتي/ حوادث قد لا تثير اهتمامك أعمر منها قصور/ وأحيا عليها شهور وأغزل منها حكايا كثيرة/ وألف سماء وألف جزيرة شؤون صغيرة». وعلى امتداد ساعات الحفل كانت أيادي الحضور مرفوعة تمسك بالهواتف المحمولة لتوثيق اللحظة وتصوير الأغنيات وسط صيحات غالباً جاءت نسائية لدى انتهاء كل أغنية. وجنباً إلى جنب وقوفاً وجلوساً كان العراقي إلى جانب السوري والكردي والفلسطيني واللبناني وجنسيات عربية أخرى. وقال عدنان درويش (48 عاماً) وهو كردي يعيش في لبنان، إن كاظم الساهر يغني لكل شعوب العالم العربي «هو بالنسبة إلي بحجم العالم العربي». وكان لافتاً حضور عدد من اللاجئين من بلاد عربية تشهد أوطانهم حروباً ونزاعات. وقالت بلقيس الآتية من العراق «كاظم يشعل قلوب الناس... هو لا يغني للحب فقط إنما هو يمثل هذا الحب. أنسانا الحرب وجعلنا نستعيد الحضارة في بلادنا. هذه ليلة نسينا فيها الوجع». وقبيل انتهاء الحفل تدافع الجمهور نحو المسرح وجازف الفتى العراقي أحمد بابجي (14 عاماً) في تجاوز الأمن والصعود إلى المسرح لالتقاط الصور مع كاظم الساهر الذي أوعز لرجال الأمن بتسهيل مروره قائلاً «شوية شوية (مهلاً) عليه... تعا لعندي.. أنا أريد أن أتصور معك». وقال بابجي ل «رويترز» مفسراً اندفاعه هذا «أنا أفتخر به كعربي وكعراقي... حلمي أن أتصور معه وقد حققت هذا الحلم». ومن المقرر أن يحيي كاظم الساهر مساء اليوم حفلة إضافية في قصر بيت الدين والذي يعرف أيضاً ب «قصر الأمير بشير» ويعتبر من أفضل الأمثلة على العمارة اللبنانية في أوائل القرن ال19.