على رغم أن قرار إغلاق محال التجزئة عند التاسعة في مناطق المملكة كافة لم يصدر عن الجهات الرسمية بعد، إلا أن تبايناً في ردود الأفعال بدا واضحاً، إذ أيده كثير من الرجال، في حين استبقت نساء سعوديات التنفيذ بإبداء امتعاضهن وشعورهن بالضيق، خصوصاً في العاصمة التي تنحصر وسائل الترفيه فيها في الأسواق الكبرى. ورصدت «الحياة» آراء مواطنين ومواطنات حول قرار «التاسعة مساء» طبقاً لنوع الوظيفة التي ينتمون إليها، إذ أبدى الموظف هشام الفايز الذي يعمل بنظام «شفتات» تفاؤله بالقرار، لتوقعه أن يقل معدل استهلاك المصاريف الشهرية، لعدم تمكنه من توفير الوقت اللازم للتسوق له ولعائلته. وأضاف: «الشعب يصرف فلوسه للرفاهية، وليس لحاجته لكل ما يشتريه، وبعد تقليص الوقت سيقل صرف الأموال على المشتريات الكمالية»، واصفاً القرار ب «الرائع». ويعتقد الفايز أن المجتمع سيرى تأثير القرار بعد أن يعتاده كما حدث مع القرار الملكي الأخير بتغيير الإجازة الأسبوعية من الخميس والجمعة إلى الجمعة والسبت، معتبراً أن النساء «المتضرر الأكبر» بحكم السيطرة الذكورية، وقال: «كانت السوق التجارية توفر خياراً مريحاً لمعظم الرجال، أما بعد تطبيق القرار فستقل الخيارات، ما يؤدي إلى مزيد من بقاء النساء في المنازل». وهو ما أيده بحماسة المواطن عادل الجميعي الذي وصف القرار بالرائع، لأنه سيحد من سهر النساء لأوقات متأخرة خصوصاً في الإجازات. في المقابل، عبّر موظفا القطاع الخاص عبدالرحمن الدايل وعبدالله الجمعان عن انزعاجهما من إقفال المحال في التاسعة نظراً إلى طول أوقات عملهما التي تمتد من الثامنة وحتى السادسة مساءً، موضحين أن القرار سيجبرهما على كثرة الاستئذان من العمل، وهو أمر صعب على موظفي القطاع الخاص بشكل عام. وأكدت نسوة في مدينة الرياض ما ذكره بعض الرجال من تضررهن من قرار «التاسعة»، إذ وصفت فاطمة عبدالله نفسها بأكبر متضررة، مطالبة بتمديد الفترة حتى منتصف الليل بدلاً من تقليل مدة التسوق، وبررت طلبها بكثرة انشغال زوجها في أعماله الخاصة وعدم توافر سائق في المنزل. وأكدت أن التجار سيتكبدون خسائر فادحة «لأن النساء مصدر أرباحهم». وتوافقها الرأي ريم محمد التي هددت مازحة عند تنفيذ القرار بحرمان التجار من إيراد «حافز» الذي تتسلمه. وتطرقت ريم إلى مشكلة حرارة الطقس: «التسوق نهاراً في صيف الرياض مزعج، وغالبية أفراد المجتمع الذي أعيش فيه لا يذهبون للتسوق إلا ليلاً»، مشيرة إلى أنهن في الوضع الراهن - كنساء سعوديات – مللن من قلة الترفيه المتاح لهن بحسب قولها. في حين اعتبرت عزة سليم أن القرار سيحرم أهل الرياض من النافذة الوحيدة للترفيه، «فهم لا يملكون إلا الأسواق، ولا يوجد مكان يجمع بين الألعاب والترفيه والمطاعم ويلبي رغبات العائلة إلا الأسواق التجارية». بينما أيدت سارة العمري ومقبولة محمد القرار، لأنه يجمع العائلة ويقلل من الزحام في الشوارع، فهناك متسع من الوقت من الصباح حتى التاسعة للتسوق على حد قولهما. وكانت لتاجر التجزئة باسم محمد وجهة نظر مؤيدة لما ذهب إليه الرجال، إذ أكد أن السلبيات لن تؤثر فيهم كثيراً كتجار، وقال: «عامة الناس هم من سيتأثرون، مطالباً بأن يكون وقت الإقفال في العاشرة، وفي الإجازات الأسبوعية عند منتصف الليل»، واعتبر ذلك منصفاً للجميع. وأضاف: «القرار يصب في مصلحة الموظف ويرغّب الشباب في القطاع الخاص»، مكرراً أن تأثير القرار سيكون في الأشهر الثلاثة الأولى، وسيكون مُتعباً لمن ليس لديه سائق خاص. وأشار التاجر باسم بحكم امتلاكه محال داخل الأسواق المتأثرة بالقرار وخارجها إلى أن «النساء عادة يفضلن المطاعم داخل المجمعات، في حين أن الشبان هم جمهور لمقاهي القهوة بشكل دائم ولن يتأثروا به». وتناول مغرّدون على موقع «تويتر» القرار بجمل مختصرة غلب عليها التهكم، مثل تغريدة لتركي الفهيد قال فيها «دوام مرافق الصحة ينتهي في التاسعة والنصف وإقفال المحال في التاسعة، أشعر بأن فيه شيء غلط»، وقال محمد العبيدي في تغريدة أخرى «اللي دوامه يخلص 11 وش يسوي؟». وذهب مغرّدون إلى المطالبة بتأخير صلاة العشاء إلى التاسعة بعد إغلاق المحال، وكان أبرزهم إمام الحرم المكي السابق عادل الكلباني، الذي قال إن ذلك «لا يخالف الشرع» بحسب ما صرح به لبرنامج «الثامنة». فيما ذهب بعض المغرّدين إلى افتراض سوء النية، معتبرين أن القرار «توطئة لعدم إغلاق المحال وقت الصلاة بحجة ضياع المصالح». وكان رئيس هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عبداللطيف آل الشيخ رحب في تصريح - نشرته «الحياة» في 11 نيسان (أبريل) الماضي - بقرار إقفال المحال في التاسعة مساء، واعتبره فرصة مناسبة لتهيئة المرأة وتمكينها من القيام باكتساب الرزق الحلال، مضيفاً: «يجب أن نؤيد القرار وألا نوجد ما يعرقله، إذ إن فيه مصلحة وطنية عظيمة لأبناء وبنات المملكة، وتنظيم أوقات العمل سيمكنهم من التلاحم الأسري وتوفير حياة اجتماعية كريمة».