حسم الاتحاد الأوروبي الموقف إزاء الأحداث في مصر ودعم تصريحات المسؤولين في الإدارة الأميركية حول رحيل الرئيس حسني مبارك والوعد بمواكبة المرحلة الانتقالية وقبول التعاون مع أي حكومة شرعية يختارها الشعب المصري. وأكدت القمة الأوروبية في بروكسيل أمس «وجوب الاستجابة لتطلعات الشعب المصري من خلال إصلاح ديموقراطي حقيقي في نطاق الاحترام الكامل للحريات الأساسية ومن خلال تنظيم انتخابات حرة ونزيهة». وقالت منسّقة السياسة الخارجية والأمن المشترك في الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون إن الاتحاد «سيكون في الموعد لدعم التحول في مصر». وذكرت في حديث إلى «الحياة» أن «من المهم أن ينعم الشعب المصري بالاحترام والحماية». وشددت على وجوب «أن يتحرك الرئيس مبارك إلى الأمام الآن». وذكرت، قبل انعقاد القمة الأوروبية، أن كافة الحكومات «تتحمل مسؤوليات أمن الشعب وهذه أولى مهماتها وتخضع للمساءلة عن ذلك»، في إشارة إلى أعمال العنف التي استهدفت المتظاهرين في ميدان التحرير في منتصف هذا الأسبوع. وفنّدت آشتون وجود انقسامات بين وجهات النظر في صفوف الدول الأعضاء في الاتحاد، وذكرت أن «الدول السبع والعشرين تدعو الرئيس مبارك إلى الاستجابة لتطلعات الشعب المصري، ومن الواضح أن ما قدّمه إلى حد الآن ليس كافياً. وهناك حاجة إلى اقناع الشعب المصري بوجود خطة تضمن إحلال الديموقراطية وتنظيم الانتخابات». وأشارت آشتون إلى أن الديبلوماسية الأوروبية تجري مشاورات منتظمة مع الولاياتالمتحدة حول الوضع في مصر ومع كافة الأطراف في الميدان من دون استثناء. وقالت: «نُجري اتصالات مع مختلف الأطراف في مصر وعلى جميع المستويات مثلما تصلنا تقارير المراقبين والديبلوماسيين لتحليل التغيّرات الجارية»، الأمر الذي يمكّن الاتحاد من تحديد المساعدات التي سيقدمها للمصريين من أجل إنجاح المرحلة الانتقالية نحو الديموقراطية والاستقرار. وقالت: «سنقف إلى جانب الشعب المصري ليس في الأمد القريب فقط ولكن في الأمد البعيد أيضاً. والمهم هو أن يتمكن الشعب المصري من فرصة اختيار القيادة التي يرتضيها. ويجب الإعداد للانتخابات بكل عناية. الديموقراطية ليست لحظة زمنية وإنما هي مسار. فهي أسلوب حياة الناس. وهناك الكثير من الخطوات التي تقتضي إعداداً جيداً من أجل ضمان نجاح هذا المسار. وسنكون جاهزين لمساعدة القيادة الجديدة منذ انطلاق المسيرة والعمل على تأمين فرص نجاحها. وعندما تنظم الانتخابات فسنعمل مع أي حكومة يختارها المصريون. وأكثر من ذلك فإننا سنعمل مع السكان أنفسهم ومع منظمات المجتمع المدني والمجموعات التي تعمل من أجل تعزيز حماية حقوق الإنسان والحرية. وسنقدم العون بقدر ما أوتينا وبأفضل السبل». ويبدو أن الديبلوماسية الأوروبية قد طوت صفحة مقاطعة الحركات الإسلامية بخاصة إذا ما وصلت إلى سدة الحكم. وسيتجاوز الاتحاد سابقة مقاطعة حكومة «حماس» في أراضي السلطة الفلسطينية. وقالت آشتون في رد على سؤال عن احتمال وصول «الإخوان المسلمين» إلى الحكم في مصر: «إذا أعطي الشعب فرصاً حقيقية وإذا تم دعم دولة القانون وحقوق الإنسان والديمقراطية فإن الشعب سيقول كلمته في النهاية وسيختار ممثليه، ونحن نحترم اختياره. والمهم أن يختار الشعب مستقبله ونحن نتفهم تطلعاته من أجل الحرية وحقوق الإنسان واحترام معتقداته. هذه العناصر تمثّل جوهر حقوق الإنسان التي نشترك فيها جميعاً. والحكومة التي تضمن هذه الحقوق ستكون ذات فائدة كبيرة بالنسبة إلى مصر. وهو ما نتمناه». ويختزل ديبلوماسيون وصف الوضع في مصر بالتساؤل «إن هو صورة مُكَبرة للثورة التونسية أو إيران ثانية» تكون لها تأثيرات جديدة في الشرق الأوسط. ورأت آشتون أن «ما يجري يعني مصر. ويجب الحذر من المقارنة السهلة في هذا الشأن». وهي ترى أن «تونس تسير إلى الأمام». وقد بحثت آشتون في تفاصيل الأوليات العاجلة في تونس مع وزير الخارجية الجديد أحمد ونيس، وشددت على أن «أوروبا تعرض الخبرة والمساعدة في قضايا التحول السياسي والسير نحو الديموقراطية وحقوق الانسان». ووعدت بأن الاتحاد الأوروبي «سيقدم إلى شعب تونس الخبرة اللازمة ويعرض عليه المساعدة السياسية والاقتصادية والمالية من أجل أن يتقدم في مسيرته». وعلى صعيد القمة الأوروبية، دعا رئيس البرلمان الأوروبي جيرزي بوشيك دول الاتحاد إلى دعم تطلعات الشعوب المجاورة حيث «صرخة الديموقراطية عالية وواضحة ولا يمكننا الوقوف غير مبالين للصوت العالي».