بعد أعوام عانى فيها الإسباني رافائيل نادال، المصنف الأول عالمياً بين لاعبي التنس المحترفين، من مرارة الإصابات التي حرمته من إنجازات كبرى، تذوق «رافا» حلاوة هذه الكأس بانسحاب الياباني كي نيشيكوري، المصنف التاسع عالمياً في نهائي بطولة مدريد لتنس الأساتذة، ليصبح اللاعب الإسباني الوحيد الذي ينجح في الدفاع عن لقب البطولة منذ إقامتها في مدريد في 1992. ربما كانت أسوأ هذه الإصابات تلك التي تعرض لها في الركبة اليسرى، وأبعدته عن الملاعب لسبعة أشهر، لكنها لم تكن المرة الأولى التي تنغص فيها ركبة نادال مسيرته الاحترافية. فقد بدأت «رحلته» مع إصابات الركبة في عام 2005، إذ أثرت على المستوى الذي ظهر به في بطولة مدريد ذلك العام، إلا أنه نجح في التغلب عليها ليستكمل الموسم بشكل طبيعي. إلا أن تلك الإصابة عادت لتتفاقم في 2009، إذ حرمت «ملك الأراضي الترابية» من المشاركة في بطولة رولان غاروس، ثاني بطولات الجراند سلام الأربع الكبرى وويمبلدون التي تليها في ترتيب بطولات الجائزة الكبرى في عالم التنس. وتجددت إصابات الركبة في مستهل 2010 لينسحب «الماتادور» من ربع نهائي بطولة أستراليا المفتوحة ليغيب على إثرها حتى آذار (مارس) من ذلك العام. لكن أحدث هذه اللحظات التي حرمته فيها الإصابة من إنجاز جديد في نهائي بطولة أستراليا المفتوحة، أولى بطولات الغراند سلام الأربع الكبرى لهذا العام، فبعدما قدم مستوى رائعاً خلال البطولة، تعرض لإصابة في الظهر خلال مواجهة السويسري ستانيسلاس فافرينكا. وحرمت هذه الإصابة اللاعب الإسباني من تقديم أفضل مستوى له أمام فافرينكا، الذي ارتبك أمام هذا الموقف، نظراً لكونه النهائي الأول له في إحدى بطولات الجائزة الكبرى، ليخسر مجموعة، إلا أنه عاد وتدارك الوضع ليحسم اللقب أمام لاعب ربما يغمره شعور بالحسرة أكثر منه ألماً. وبعد أشهر، وفي نهائي بطولة مدريد لتنس الأساتذة أمس، تعرض نيشيكوري لإصابة أيضاً في الظهر عندما كان اللاعب الياباني متفوقاً بنتيجة 6-4 و4-1 لكنه آثر الاستمرار في المباراة، على أمل الفوز باللقب الأول له في سلسلة بطولات الألف نقطة، إذ كان يحتاج لشوطين فقط لتحقيق هذا الإنجاز. لكن الوقت الطبي الذي أخذه نيشيكوري كان كافياً بالنسبة إلى نادال لإعادة ترتيب الأوراق أمام لاعب تحوم الشكوك في رأسه، ليعود ويفوز بالمجموعة الثانية، قبل أن ينسحب نيشيكوري من المجموعة الثالثة بعد تأخره بثلاثة أشواط، بدت فيها حركته متأثرة بالإصابة، ليفوز «رافا» بلقبه الرابع في البطولة ورقم 27 في سلسلة بطولات الألف نقطة. وبينما تتباين وجهة نظر «رافا» ومدربه وعمه توني نادال بشأن أحقية اللاعب بهذا الفوز، إذ يرى الأول أن منافسه كان يؤدي بشكل جيد في المجموعة الثانية التي كان متقدماً فيها 4-2 بعد الفوز بالمجموعة الأولى 6-2، ويعتقد الأخير أنه فوز غير مستحق وأن الياباني سيطر على مجريات اللقاء حتى الإصابة، فإنهما متفقان، وإن لم يفصحا عن ذلك بأنه التوقيت «المثالي» للفوز بلقب. فنادال لا يقدم المستوى المعهود عنه في الأراضي الترابية، ومن قبلها الصلبة، ربما نتيجة التأثير الذهني للإصابة التي تعرض لها في أستراليا، وربما أمور أخرى لكنها ليست بدنية على الإطلاق، فلا يزال اللاعب يحبس أنفاس المنافسين قبل الجمهور بانطلاقاته القوية والسريعة والكرات التي قد تصل في بعض الأحيان للمستحيلة. لم ينجح نادال «ملك الأراضي الترابية» في تخطي ربع نهائي مونت كارلو، التي فاز بلقبها ثمان مرات متتالية، إذ خرج على يد مواطنه ديفيد فيرير، الذي تغلب عليه «رافا» بنتيجة 6-2 و6-0 في نهائي أكابولكو العام الماضي، ثاني البطولات التي يخوضها منذ غيابه عن الملاعب لسبعة أشهر للإصابة، كذلك الحال في بطولة برشلونة، خرج من الدور ذاته أمام مواطنه نيكولاس ألماغرو، الذي تغلب عليه «رافا» في المواجهات العشر التي جمعت بينهما قبل هذه المباراة. لذا فقد كان يحتاج لدفعة معنوية قوية في هذا التوقيت تحديداً، ليس فقط كون البطولة تقام على أرضه ووسط جماهيره، وإنما لأنه يحتاج لاستعادة الثقة في هذه اللحظة، قبل الاصطدام ب«الكبار» على الأراضي الترابية. فالسويسري روجيه فيدرير انسحب من بطولة مدريد للتواجد بجوار زوجته ميركا أثناء وضع توأمه الثاني، القرار نفسه الذي اتخذه الصربي نوفاك ديوكوفيتش ولكن للتعافي من الإصابة التي يعاني منها في معصم يده اليمنى، ونصب عيني اللاعبين بطولة رولان غاروس، ثاني بطولات الغراند سلام الأربع الكبرى. وفي ظل هذا السيناريو، تصبح بطولة روما، التي تقام منافساتها هذا الأسبوع، «البروفة الأخيرة» قبل رولان غاروس، والتي يبدو أن «رافا» يخوضها في حال أفضل بعد أن تذوق «حلاوة» كأس الإصابات «المر»، وفي الوقت «المثالي» قبل مقارعة الكبار في ثاني بطولات الجائزة الكبرى.