ما أحوجنا الى هواء عذب جديد وطرق معبّدة تقودنا الى بيوت العناكب ليس لأحد منا أن ينحني أمام اكتمال القمر لكي يطل على نجومه العارية صرنا نتناسل كالفراشات المحمومة وفي أيدينا شذرات من حلم قديم نحصد به الفرص الضائعة فالمصائد ما زالت منصوبة والأشجار ما زالت واقفة وضربات الطبول تزعج الكواليس الناعسة ليس فينا من يجلس فوق عرش الخيانة ويتقيد بمواعيد لا يضربها من أجل ترويض الحبل السري لوطن ولد مخنوقاً في ساحة الإعدام وطن لا يسكنه إلا الغرباء مآذنه من الطوب الأخرس وراياته من الغمام الأسود ترفرف فوق العمائم واللحى والسبحات وطن ينزف دماً فوق منصة لغسل موتاه وطن لم تعد فاكهته الناضجة مغرية وذخيرته على وشك أن تنفد وطن لا يقوى على صنع رغيفه اليومي فيزرع ويحرث ويحصد حصاداً مراً وشعاره: «إذا الشعب يوما أراد» الخبز فليعجنه بيديه * * * وطن باعوه بالثمن الذي يريدون وطن يتأرجح بين حليب الأمومة وسن الفطام أبحث عن وطن يحافظ على رباطة جأشه وعند اشتداد الغليان ينام على سرير من الجمر * * * معاً نتبادل أنخاب الحلم واليقظة ونتساءل في ما بيننا: هل نريد وطناً ديموقراطياً ومحتلاً أم خبزاً وافراً محشواً بالحرية أم نريد ملائكة حتى ولو كانت بلا أجنحة؟ وكيف ننجو من الانزلاق على الجليد ونحن ما زلنا نتمرغ في وحل الأعوام المدجنة ثمة حوذي يُلهب بالسوط حصانه الوفي حتى يكاد يدمّي مؤخرته فيذكي فيه شعلة الانتقام فتنتفض الجماهير الغاضبة وهي تهتف:من يزرع العتمة في وجوه الأشقاء يجني ظلاماً دامساً يجثم على صدره الى الأبد.