أتت دورة هذا العام من هذه الأيام السينمائية تمنح الفرصة للفيلم السينمائي المغربي بمختلف تجلياته الفنية والموضوعاتية للتعبير عن نفسه سواء باللغة العربية أو اللغة الأمازيغية أو اللغة الفرنسية أو حتى اللغة الانكليزية بطريقة مباشرة أو غير مباشرة من خلال الترجمة المصاحبة للفيلم. تجلى التنوع أيضاً في انتماء هذه الأفلام إلى أنواع سينمائية مختلفة، حيث تراوحت الأفلام بين الروائي التخييلي ذي البينة البسيطة التي تحظى بتجاوب الجمهور، وقد نجح في هذا الصدد كل من فيلم «الخطاف» لسعيد الناصري وفيلم «خمم» لعبدالله تكونة (فركوس)، بحيث استطاعا معاً إثارة إعجاب الجمهور، (ومن المتوقع أن يحقق فيلم «خمم» لعبدالله تكونة نجاحاً ملحوظاً حين يتم عرضه في القاعات السينمائية، كما فعل فيلم «الخطاف» لسعيد الناصري)، وبين الفيلم ذي البينة السينمائية التركيبية التي تحاول الجمع بين تحقيق إعجاب الجمهور والمحافظة على النهج السينمائي المركب عبر تقطيع بنية التسلسل السردي وتفكيك بنياته. لوحظ ذلك في كل من فيلم «جناح الهوى» لعبدالحي العراقي، وفيلم «نساء في المرايا» لسعد الشرايبي. في حين تميزت أفلام أخرى ببساطة التعبير السينمائي وقوته في ذات الآن، نذكر هنا كل من فيلم «الوتر الخامس» لسلمى بركاش وفيلم «ماجد» لنسيم عباسي. وفيلم «ذاكرة الطين» لعبدالمجيد ارشيش، وفيلم «العربي» لإدريس المريني. في مقابل هذين النوعين من الأفلام كانت أفلام أخرى تسير في إطار التجديد سواء على مستوى الدخول إلى مناطق التعبير الجديدة كما هي الحال مع حكيم بلعباس في فيلمه الوثائقي الذي يمكن إدراجه في إطار السينما الذاتية، بحيث قدم لنا عالماً يحكي فيه سيرة حياته/ حياتنا في شكل سينمائي محكم سواء على مستوى البناء السينمائي القوي أو على مستوى التعبير «التيماتي» الوجداني. في حين تميز فيلم «أيام الوهم» لطلال سلهامي بحداثة سينمائية جديرة بالثناء، فمن طريق لعبة التصوير السينمائي وقوة التعبير للشخوص تمكن الفيلم من خلق عالم متاهات تتوالد إلى ما لا نهاية، فكل متاهة لا تنتهي إلا من خلال ظهور متاهة جديدة. وتمثل النوع السينمائي الحداثي التفكيكي وهو يسعى لخلق تصور سينمائي مغاير على مستوى التعبير الشكلي من طريق لعبتي التفكيك وإعادة البناء، مع جعل قصة الفيلم تتنامى من طريق التجميع التركيبي وليس من طريق الربط التسلسلي في كل من فيلم «النهاية» لهشام العسري و «فيلم» لمحمد أشاور. أما بخصوص الأفلام السينمائية القصيرة فقد تراوحت بين الفيلم الجيد المتحكم في أدواته التعبيرية السينمائية وبين الفيلم المتوسط الذي قد يتميز بقوة الفكرة من دون إمكانية الوصول إلى التعبير عنها سينمائياً. فاز فيلم «أشلاء» لحكيم بلعباس بالجائزة الكبرى للمهرجان في صنف الفيلم الطويل في حين عادت جائزة لجنة التحكيم الى فيلم «النهاية» لهشام العسري، وجائزة أول عمل سينمائي الى فيلم «فيلم» لمحمد أشاور. كما حظي فيلم «ماجد» بجائزة السيناريو. وقد ذهبت جائزة أحسن دور نسائي للممثلة مريم الراوي عن دورها في فيلم «أيام الوهم» في حين حصل الممثل عمر لطفي على جائزة أحسن دور رجالي عن دوره في فيلم «جناح الهوى». كما حصلت الممثلة نفيسة بنشهيدة على جائزة أحسن ثاني دور نسائي عن دورها في فيلم «أكادير - بومباي» في حين حصل على نفس الجائزة بالنسبة الى الرجال الممثل فهد بنشمسي عن دوره في فيلم «فيلم». جائزة الصوت ذهبت إلى فيلم «الوتر الخامس» وجائزة المونتاج ذهبت إلى فيلم «أرضي» وجائزة الموسيقى حصل عليها فيلم «أرضي» أيضاً، أما جائزة التصوير فقد فاز بها فيلم «أيام الوهم». وقد نوهت لجنة التحكيم التي ترأسها أحمد الغزالي بفيلم «الوتر الخامس» وبالتشخيص الرائع لكل من الطفلين إبراهيم البقالي ولطفي صابر في فيلم «ماجد». بالنسبة الى الأفلام القصيرة، التي ترأس لجنة التحكيم الخاصة بها المخرج محمد مفتكر، تم التنويه بفيلم «باسم والدي» لعبد الإله زيراط، في حين فاز فيلم «حياة قصيرة» لعادل الفاضلي بالجائزة الكبرى للمهرجان، كما نال فيلم «القرقوبي» لقيس زينون جائزة لجنة التحكيم، ونال فيلم «المنحوتة» ليونس الركاب جائزة السيناريو الذي كتبه مراد الخوضي. أما جائزة النقد السينمائي التي ترأسها الناقد السينمائي أحمد فرتات والتي حملت هذه الدورة اسم الناقد السينمائي الراحل نور الدين كشطي، فقد ذهبت إلى فيلم «أشلاء» لحكيم بلعباس في صنف الفيلم الطويل، كما تم التنويه في نفس الصنف بفيلم «النهاية» لهشام العسري، في حين ذهبت الجائزة نفسها في صنف الفيلم القصير إلى فيلم «حياة قصيرة» لعادل الفاضلي.