على رغم مرور أسبوع على الكارثة التي اجتاحت عروس البحر الأحمر، لا تزال السيول «المنقولة» تتخذ من حي «التوفيق» (شرق محافظة جدة) مصباً لها، مواصلة تدفقها عليه ومحاصرتها حتى أول من أمس (الثلثاء) فاحتجزت السكان ومنعتهم من الخروج، بينهم مواطناً لا تزال تحاصره وأبناؤه تلك المياه داخل سكنه في إحدى المدارس الحكومية حتى الآن. وبحسب عدد من الذين تحدثوا إلى «الحياة» أن هناك مياه لا تزال تتدفق على الحي مقبلة من الناحية الشرقية بدأت في محاصرة المنازل، مشيرين إلى أنها قد تكون سيول منقولة من شرق جدة تواصل جريانها على الحي، فيما تمكنت سيول الأربعاء الماضي من جرف امرأة مسنة كانت إلى بجوار منزلها وقذفتها إلى إحدى الشوارع التي غمرتها المياه قبل أن يتمكن عدد من السكان من إنقاذها قبل أن تفارق الحياة. وواصلت السيول جريانها لترمي بعدد من السيارات في عالم المجهول بحسب ما أفاد به عدد من سكان حي التوفيق ل«الحياة»، إذ أكدوا أن المياه الجارية التي لم يكتشفوا حتى الآن مصدرها الذي تأتي منه تفرض على منازلهم حصاراً محكماً، خصوصاً أنها بدأت في ازدياد كبير. وقال خليل الحربي: «إن حي التوفيق يتوسطه مجرى للسيل وهو ما تسبب في الأضرار التي لحقت بهم»، مشيراً إلى أنه سمع صرخات استغاثة من سكان الحي، خصوصاً أن الأمطار استمرت من الساعة التاسعة صباحاً إلى الثانية ظهراً من دون توقف. وتساءل الحربي: «كيف يتم تخطيط الحي وهو في الأساس يقع في وادٍ؟»، مطالباً في الوقت نفسه أمانة جدة بالتدخل لإيقاف السيول المتدفقة على الحي حتى الآن، الأمر الذي جعل البعض يتحصن داخل منزله ولا يستطيع الخروج. وأشار حارس إحدى المدارس في الحي المواطن عطية بن جلوي الزهراني إلى أن السيل اقتحم مسكنه المخصص له داخل المدرسة ولا يزال محاصراً حتى أمس (الأربعاء) ملحقاً به أضراراً كبيرة، لافتاً إلى أنه وأسرته المكونة من ستة أطفال عاشوا لحظات عصيبة داخل منزله بسبب دخول كميات من المياه لم يعد يفكر حينها سوى في إنقاذ أطفاله الذين لجأوا لإحدى الغرف الصغيرة من المنزل المتواضع للاحتماء. وأوضح أن استمرار المطر لساعات عدة أسهم في زيادة كمية السيول، وأصبح ارتفاعها أكثر من متر تقريباً، مضيفاً أن السيول جرفت مركبته من نوع «كرسيدا» إلى أحد الشوارع وألحقت بها أضراراً كبيرة. واشتكى عبدالعزيز عبدالله من عدم الرد على الاتصالات التي أجراها على أرقام الخدمات في أمانة محافظة جدة، مفيداً أنه ظل على اتصال منذ هطول الأمطار على الأمانة إلا أنه لم يتم الرد على اتصالاته المتكررة. وتابع: «تعرضت محولات كهربائية عدة للاحتراق نتيجة جريان السيول في الحي»، موضحاً في الوقت نفسه أن السيول لا تزال تجري في الحي وتصب في تجمعات مياه كبيرة أضرت بعدد من السكان المجاورين للخط السريع. أما أحمد الزهراني من سكان التوفيق فأكد حاجة الحي إلى أشهر عدة لتنظيفه من تجمعات المياه التي غمرت أجزاء كبيرة منه إذ لم يعد هناك مكان لم تصله المياه، لافتاً إلى أن الخوف لا يزال ينتاب الأهالي بسبب جريان السيول في الحي حتى الآن. وفيما منعت السيول المتدفقة ما تبقى من السكان أداء الصلاة في أحد الجوامع الذي غمرته، رصدت «الحياة» مواطنين يغوصون في المياه التي تجمعت وسط الحي، وسجلت عدداً من المواقع في الحي تصب فيها السيول الأمر الذي أدى إلى زيادة كميات المياه التي غمرت عدداً من الشقق في الطوابق الأرضية، ولم يتم إنقاذهم إلا من طريق القوارب التي توزعت في أرجاء الحي منذ هطول الأمطار، إضافة إلى الدبابات البحرية. وطالب عدد من سكان حي التوفيق الجهات المختصة بالتدخل لإنقاذهم من السيول التي لا يزال تدفقها مستمراً ضاربة حصاراً محكماً على منازلهم فترة طويلة، مشيرين إلى أنهم شاهدوا دخاناً يتصاعد من بعض المحولات الكهربائية بسبب تراكم كميات كبيرة من المياه الأمر الذي يمكن أن يؤدي إلى وقوع كارثة من نوع آخر أخطر.