دشنت مصر أمس أكبر قاعدة عسكرية في المنطقة تحمل اسم أول رئيس لمصر بعد إنهاء الملكية اللواء محمد نجيب، لتعيد الحياة إلى الرجل الذي مكث تحت الإقامة الجبرية في منزله وغُيّب عن الظهور حتى وفاته العام 1984. وشهد الاحتفال الذي أقيم لتدشين القاعدة في منطقة الحمام في محافظة الاسكندرية المتاخمة للحدود المصرية مع ليبيا، حضوراً عربياً لافتاً، إذ شارك فيه مستشار خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، أمير منطقة مكة الأمير خالد الفيصل، وولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد، وولي عهد البحرين الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، وقائد الجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر، والنائب الأول لرئيس الوزراء الكويتي وزير الدفاع محمد الخالد الحمد الصباح، وقائد أركان الجيش الموريتاني الفريق محمد ولد الشيخ محمد. وأكد الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي في كلمة ألقاها على هامش الاحتفال، أن هذا الصرح العسكري «يمثل إضافة إلى جهد وعطاء الأجيال السابقة»، ورحب ب «مشاركة ضيوف مصر من الدول العربية الشقيقة»، معتبراً أن حضورهم «يمثل تأكيداً على وحدة الصف والتضامن العربي»، وشدد على أن «مصر وهذه الدول الشقيقة تتشارك في التعاون والبناء وحماية السلام وليس الدمار والتآمر وبث الفرقة بين الشعوب»، وأشار الى أن «دماء الأبرياء لن تمر من دون حساب»، قبل أن ينبه إلى «ظرف إقليمي ودولي دقيق، يتطلب أقصى درجات اليقظة والاستعداد القتالي». وأضاف السيسي أن «المؤسسة العسكرية المصرية مؤسسة وطنية عريقة، آلت على نفسها منذ القدم أن تصون هذا الوطن وتحمي مقدرات أبنائه. وهي مؤسسة ذات تقاليد عسكرية راسخة، تقوم على الكفاءة والفاعلية والانضباط والفداء، والولاء التام للوطن». وأوضح أن بلاده «واجهت تحديات فرضتها عصور وأزمنة متعاقبة. وكما خاضت من قبل معارك الاستقلال الوطني وتحرير الأرض فإنها تخوض اليوم معركتين فاصلتين، وهما مواجهة الإرهاب وتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية»، منبهاً إلى أن طبيعة الحروب «تغيرت، وأصبح العدو مستتراً متخفياً، لا يلجأ الى المواجهة المباشرة، وإنما يعتمد على ترويع الآمنين وبث روح الإحباط، وهذا ما لن نسمح به أبداً». وأوضح أن الإرهاب «ظاهرة معقدة، لها جوانب متعددة. ولعل من أهمها، وطال الصبر عليه، هو دور الدول والجهات التي تقوم برعاية الإرهاب وتمويله. فلا يُمكن تصور إمكان القضاء على الإرهاب من خلال مواجهته ميدانياً فقط، والتغافل عن شبكة تمويله مادياً، ودعمه لوجستياً، والترويج له فكرياً وإعلامياً. ولا يمكن التسامح مع من يمول الإرهاب ببلايين الدولارات، فيتسبب في مقتل مواطنينا، بينما يتشدق في الوقت ذاته بحقوق الأخوة والجيرة»، محذراً هؤلاء من ان «ما تفعلونه لن يمر من دون حساب، فدماء الأبرياء غالية». وشدد السيسي على أن مصر ستظل على عهدها، «دولة محبة للسلام وداعمة له، بكل قوة جيشها وشرطتها ومفكريها وجميع أبنائها، وستظل عصية على الرضوخ لتهديدات الإرهاب ومن يقفون وراءه، وسيظل شعبها على عزيمته رافضاً الإحباط، وستعلو إرادته دوماً فوق إرادة أعداء الإنسانية». وخاطب السيسي المصريين قائلاً: «لم ولن نتخذ الإرهاب يوماً ذريعة لتعطيل الحياة الطبيعية للمجتمع، على رغم ما تفرضه مواجهته من أعباء جسيمة ومتطلبات استثنائية. ولم نتخذ الإرهاب يوماً مبرراً لعدم الاستمرار في تحديث اقتصادنا وإصلاحه وتحقيق التنمية الشاملة. وإنما نتخذ تحدي الإرهاب كحافز إضافي، لبذل مزيد من الجهود على المسارات كافة»، لكنه نبه إلى أن «حجم الجهد والإنجاز الذي تحققونه كل يوم، في جميع أرجاء مصر، هو الرد الأمثل والأقوى على محاولات أعدائكم النيل منكم، كما أنه الطريق الوحيد نحو تحقيق آمالكم وتطلعاتكم نحو المستقبل». وتطرق الرئيس المصري إلى الوضع الاقتصادي، مشيراً إلى أنه» على مدار عقود طويلة، ونتيجة لأسباب متعددة، لم يكن هيكل الاقتصاد المصري يقوم بدوره الأساسي في تحقيق الاستفادة المثلى من مواردنا، فتراكمت أزمات الاقتصاد حتى ارتفعت تكلفة إصلاحه، وبات على جيلنا، حتماً لا اختياراً، أن يتصدى لهذه المهمة ويُرسي الأساس المتين لمصر جديدة، متقدمة، ينعم شعبها بالرخاء والازدهار». وتعهد المضي «في هذا الطريق، بقوة وتصميم، متسلحين بمنهج علمي منظم، وإصلاح اقتصادي مدروس ومحسوب بدقة وليس عشوائياً. نفتح اقتصادنا للاستثمار الجاد، سواء كان مصرياً أو عربياً أو أجنبياً، ونتيح فرص عمل جديدة للشباب تتناسب مع معدل النمو السكاني شديد الارتفاع. ونعمل على زيادة إيرادات الدولة». واضاف «نسير في هذا الطريق موقنين بأن شعب مصر يميز بين الخبيث والطيب، ويدرك مصالحه العليا بوعي وحكمة، وأن هذا الشعب العريق عاقد العزم على إتمام مسار الإصلاح الاقتصادي، حتى يجني ثمار التحمل والتعب: مستقبلاً كريماً، ووطناً مزدهراً».