لطالما حلمت أم صالح المعلمة في إحدى مدارس حي قويزة بالسفر إلى «فينسيا»، المدينة العائمة في إيطاليا أو «البندقية» كما تسمى، إلا أن «فينسيا» جاءت إلى أم صالح إلى مدرستها وهي تزاول مهمتها بين طالباتها داخل الصف الدراسي. يوم الأربعاء الغارق، عاشت أم صالح تجربة المدن العائمة في جدة، لكن من دون حكايات عشاقها الذين يتنقلون بالقوارب الحالمة، بل بالرعب وكوابيس الموت وآمال النجاة. غمرت المياه المدرسة وارتفع منسوبها في فنائها، ثم اقتحمت صفوف الطالبات. وتصف أم صالح التجربة بقولها: «فعلاً أبحرت في شوارع غارقة بزورق مطاطي! لكنها لم تكن الرحلة التي طالما حلمت بها، كانت مرعبة ومضنية وتواصلاً لمسلسل الرعب السنوي الذي عانيناه في جدة العام قبل الماضي، لكنني كنت مضطرة على خوض غمار السيول لأعود إلى أبنائي الصغار الذين كانوا ينتظرونني لدى جدتهم تلك الليلة». وتابعت أم صالح حديثها بتهكم: «أقولها بصدق، على رغم أن أمنيتي تحققت ولكنها تحققت بالعكس، فبدلاً من السفر إلى «فنيسيا» الغرب لأرى شوارعها المطلة على القنوات المائية وأنفاقها وكباريها من فوق سطح الماء، أبحرت أنا وزوجي في رحلة مرعبة إلى المنزل!». وتضيف: «يمكن بالتأكيد أن تبحر في قنوات «فينيسيا»، تسير كيفما تشاء وتصل إلى حيث تريد بكل راحة واطمئنان، لأنها مدينة تطفو على سطح البحر، أما "جدة الغارقة" فقنواتها تجرفك إلى حيث تريد هي، تقودك المياه في شوارع تحولت مجاري للسيول، وربما توصلك إلى نقطة لا يمكنك العودة منها!». وتساءلت أم صالح عبر «الحياة» «هل يمكن للمسؤولين أن يحددوا مناطق ومجاري السيول لإبعاد الخطر عن أهالي جدة؟ ويجنبوهم خطر الغرق حتى لا تتكرر مأساتهم كل عام؟!».