تعد الحكومة الفلسطينية «خطة طوارئ» لدعم القدس بتمويل عربي وإسلامي، في وقت تواصل اعتصام موظفي الأوقاف الإسلامية والمواطنين أمام باب الأسباط في القدس لليوم الثالث على التوالي، رافضين دخول الحرم القدسي الشريف عبر بوابات الفحص الإلكتروني التي نصبتها إسرائيل على اثنتين من بواباته. وجددت المرجعيات الإسلامية في القدس رفضها دخول المسجد عبر البوابات، مطالبة بإزالتها فوراً. وأعلن المدير العام للأوقاف الإسلامية في القدس عزام الخطيب التميمي أمس في كلمة أمام عشرات موظفي الأوقاف والمصلين المعتصمين أمام باب المجلس، أحد بوابات الأقصى، عقب صلاة الفجر في الشارع العام، عن «التزام الإجماع الصادر عن مشايخ ومرجعيات القدس الدينية»، وقال: «لن ندخل الأقصى من البوابات الإلكترونية المرفوضة دينياً وإسلامياً وأخلاقياً. هذا موقفنا، وسنبقى عليه حتى إزالتها من أمام الأقصى». في الوقت ذاته، نشرت قوات الاحتلال أعداداً كبيرة من دورياتها حول جميع أبواب المسجد حيث دارت مواجهات واسعة مع شبان مقدسيين. وأعلن الهلال الأحمر الفلسطيني نقل 15 إصابة إلى مستشفى المقاصد، وصفت إصابة أحدهم بأنها حرجة. لاحقاً، اقتحمت قوات الاحتلال مستشفى المقاصد في القدس بهدف اعتقال علاء أبو تاية (19 سنة) الذي أصيب بجروح حرجة. وقال مدير المستشفى إن الشرطة الإسرائيلية ووضعت عدداً من أفرادها أمام غرفة «العناية المكثفة» حيث يرقد أبو تايه. وأفادت إدارة المستشفى في بيان لها بأن وجود قوات الاحتلال داخل المبنى يعرقل عمل الطواقم الطبية، مشيرة إلى أن الجنود يقومون بفحص هويات وتصاريح الموجودين في الأقسام من موظفين ومرافقين، مضيفة: «أن ما تمارسه قوات الاحتلال من ترويع بحق المرضى ومرافقيهم والطواقم الطبية يعد خرقاً للقوانين والمواثيق الدولية، بما في ذلك اتفاقية جنيف الدولية». وناشدت المنظمات الأممية والحقوقية ضرورة التدخل العاجل لتوفير الحماية للمستشفيات. ويعتبر الفلسطينيون البوابات الإلكترونية تغييراً إسرائيلياً في الوضع القائم في المسجد، وأنها تشكل مدخلاً للمزيد من التغييرات التي تخدم الأهداف والخطط الإسرائيلية. وقال مدير المسجد الشيخ عمر الكسواني إن وجود البوابات الإلكترونية يرمي إلى تقليص عدد المصلين في المسجد. وأضاف: «تدخل المسجد أعداد كبيرة من المصلين، وتصل في المناسبات الدينية إلى مئات الآلاف، فكيف لكل هذه الأعداد أن تدخل من بوابات فحص معدني؟». وأضاف: «نرفض أي تغيير في المسجد، ونرى في بوابات الفحص هذه وسيلة لتقليص أعداد المصلين». مفتي السعودية وأكد المفتي العام للمملكة العربية السعودية، رئيس هيئة كبار العلماء، رئيس اللجنة الدائمة للبحوث العلمية الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ أن إغلاق الأقصى والتعدّي على المصلين يعدّ انتهاكاً لحرمة المسجد واستفزازاً لمشاعر المسلمين لما له من مكانة عظيمة في الدين الإسلامي الحنيف، ومنزلة كبيرة في وجدان المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها. وقال في بيان بثته وكالة الأنباء السعودية أمس، إن هذه الجرائم المتكرّرة تُوجب على المسلمين تنسيق مواقفهم لمنع قوة الاحتلال من العدوان على الأقصى وإنهاء الاحتلال الظالم. في السياق ذاته، دان مجلس الشورى السعودي الانتهاك الإسرائيلي المتمثل بإغلاق الأقصى أمام المصلين، واعتبره سابقة خطرة من شأنها استفزاز مشاعر المسلمين. وعبّر في بيان خلال جلسة أمس، عن قلقه البالغ لهذا التصعيد البالغ الخطورة وهذه الإجراءات العبثية التي لا تشير إلا إلى توجه واحد يهدف إلى خنق الأوضاع المتأزمة أصلاً للشعب الفلسطيني الشقيق. وأكد ضرورة أن تعمل الحكومات العربية والإسلامية والمجالس البرلمانية مع المجتمع الدولي والدول المحبة للسلام على إنهاء هذه الممارسات المستفزة. الحكومة الفلسطينية وحمل رئيس الحكومة الفلسطينية رامي الحمد الله في بيان إسرائيل المسؤولية عما يجري في الأقصى، مندداً ب «محاولاتها الرامية إلى تغيير معالم مدينة القدس وطمس هويتها العربية والإسلامية». وطالب الدول العربية والإسلامية بتولي مسؤولياتها تجاه الحرم القدسي الشريف، وبتوفير حماية دولية للشعب الفلسطيني ومقدساته. وقال مجلس الوزراء في بيان عقب اجتماعه الأسبوعي أمس في رام الله، إن «أبسط ما يمكن أن يقدمه العالم والعرب والمسلمون هو مد يد العون إلى الفلسطينيين في مدينة القدس لمساعدتهم على الصمود على أرضهم». وشدد على أن «على المسلمين والعرب أن يثبتوا تمسكهم بمدينة القدس في مواجهة المخططات الإسرائيلية الحكومية والخاصة لتهويد المدينة باستثمار بلايين الدولارات فيها». وأوضح أنه سيشرع «في إعداد خطة طوارئ توطئة لتقديمها إلى الدول المعنية والصناديق العربية والإسلامية»، معرباً عن الأمل «في التزام جدي بتبني هذه الخطة والاستجابة لمتطلباتها». من جهتها، دعت «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين» الشعب الفلسطيني إلى «التصعيد الميداني والنزول إلى الشارع والاشتباك مع الاحتلال في مواقع التماس وتنظيم المسيرات الحاشدة في كل المناطق دعماً لصمود أهلنا في مدينة القدسالمحتلة، ودفاعاً عن عروبتها وهويتها ومقدساتها». وأشادت في بيان أمس «برسائل التحدي لأهلنا في مدينة القدس وهم يتصدون ويفشلون مخططات الاحتلال في حق المدينة والمسجد الأقصى، فهم يعطوننا كل يوم دروساً ملهمة، فلا الإجراءات ولا القوانين ولا المنع من دخول الأقصى استطاعت أن تنال من عزيمتهم الثورية وتمسكهم بقدسهم». وحذرت من «محاولات الاحتلال الخبيثة إلى تحويل ما يجري في القدس والمسجد الأقصى إلى صراع ديني مستهدفاً الحق التاريخي لشعبنا في المدينة»، مؤكدة أن «الصراع مع هذا الاحتلال الاستيطاني الكولونيالي العنصري صراع وجود لن ينتهي إلا برحيله عن أرضنا ومقدساتنا، وإقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس». وقالت إن «المحتلين توهموا أن إجراءاتهم وتصعيدهم ضد مدينة القدس والمسجد الأقصى ستمكنهم من فرض الأمر الواقع على شعبنا، وسيسهم في خلق الانطباع المزعوم أمام العالم بأن القدس يهودية، لكن التصدي الفاعل لشعبنا في القدس قلب حسابات الاحتلال». ودعت السلطة إلى «ممارسة دور جاد وفاعل حيال التطورات الخطيرة في مدينة القدس»، داعية إلى «توفير كل أشكال الدعم المالي والسياسي للمدينة وأهلها، من بينها التوجه إلى المؤسسات الدولية من أجل تنفيذ قرارات الشرعية الدولية، وآخرها قرار يونيسكو الذي أكد أن إسرائيل محتلة لمدينة القدس، ما يؤكد أحقية شعبنا ومشروعية مقاومته وتصديه لهذا الاحتلال». بدورهما، حذرت حركتا «حماس» و «الجهاد الإسلامي» الاحتلال من «مغبة استمرار عدوانه في حق الأقصى». وهددتا خلال مسيرة مشتركة في غزة ليل الاثنين- الثلثاء، ب «الرد على تلك الجرائم وتصعيد العمل المقاوم» ضد الأهداف الإسرائيلية. وحذر عضو المكتب السياسي في «حماس» فتحي حماد الاحتلال من الاستمرار في عدوانه في حق الأقصى، وإلا «سيفتح على نفسه باباً من أبواب الجحيم». وقال إن «المرحلة المقبلة في الصراع مع الاحتلال ستشهد تطوراً في المواجهة»، و «سنقفز عن كل الحواجز، وسنصل إلى رقاب اليهود وسندوسها كما دسناها في العصف المأكول». من جهته، قال عضو المكتب السياسي لحركة «الجهاد» محمد الهندي إنه عندما بدأت «إسرائيل إجراءاتها ضد الأقصى جاء الرد من أم الفحم لنؤكد أننا شعب واحد». وشدد على أن «المؤامرة ضد الأقصى لن تمر بهدوء، وإسرائيل تتوهم حينما تستغل الوهن العربي، لكن ذلك يستنفر فينا كل معاني الجهاد والمقاومة، ومن حيث لا تتوقع إسرائيل سيأتيها الرد».