القاهرة - ا ف ب - جاء تعيين رئيس الاستخبارات العامة المصرية اللواء عمر سليمان نائباً لرئيس الجمهورية ليضع حداً لطموحات جمال مبارك نجل الرئيس المصري في خلافة والده، لكن هذا «التغيير في الأشخاص» لا يرضي على ما يبدو المتظاهرين. ومع تعيين عسكري آخر هو الفريق أحمد شفيق رئيساً للوزراء، يسعى مبارك إلى إضافة صورة الحازم على نظامه المهتز، لكن نجاحه في ذلك غير مضمون في مواجهة الحشود الغاضبة التي تطالب برحيله كما يرى عدد من المحللين. وعلى رغم إعلان هذه التعيينات السبت ودعوة الجيش إلى حفظ النظام مع تواري الشرطة، استمرت أمس الانتفاضة الشعبية غير المسبوقة التي تشهدها مصر منذ ستة أيام والتي سقط خلالها حتى الآن أكثر من مئة قتيل في أقل من أسبوع. وأعلن التلفزيون الرسمي أمس، أن الرئيس مبارك الذي يطالب المتظاهرون برحيله، زار مركز عمليات القوات المسلحة «لمتابعة» تطورات السيطرة على الوضع الأمني، وبث صوراً له وسط سليمان ووزير الدفاع محمد حسين طنطاوي ورئيس الأركان سامي عنان وقادة الجيش. ويرى الخبير في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» عمرو الشوبكي أن تعيين اللواء سليمان نائباً للرئيس والفريق شفيق رئيساً للوزراء لم يهدئ من حدة الغضب الشعبي. وقال إن «المشكلة ليست في شخص سليمان أو شفيق، لكن في طريقة تعيينهما. الشعب لم يُستشَرْ، ومبارك تصرف بالطريقة القديمة». ويضيف أن التظاهرات مثلت «عودة للشعب المصري. وكان يجب التحدث عن إصلاحات والتوجه إلى الشباب الذي دفع الثمن غالياً» في الانتفاضة. وخلف هذه الواجهة الأمنية القوية، فإن هذه التعيينات يمكن أن تعكس أيضاً ضعف سلطة مبارك، الذي رفض دوماً طوال ثلاثين عاماً تعيين نائب يمكن أن يصبح بديلاً له. وترى أستاذة العلوم السياسية في الجامعة الأميركية في القاهرة رباب المهدي، أن «مبارك في مأزق، والوحيدون الذين يمكنه الاعتماد عليهم هم العسكر. إنه يسعى إلى كسب الوقت». وأشارت إلى أن تعيين قياديين عسكريين بارزين هدفه «تعزيز ولاء الجيش له» واستخلاص العبر مما حدث في تونس، حيث تخلى الجيش عن الرئيس زين العابدين بن علي. وعلى رغم أن سليمان من المقربين من مبارك منذ وقت طويل، فإنه يعتبر منذ فترة مرشحاً ممكناً لخلافة مبارك، البالغ حالياً الثانية والثمانين من العمر. وقالت برقية ديبلوماسية اميركية نشرها موقع «ويكيليكس» وترجع إلى العام 2007إن سليمان «شخصية انتقالية» ممكنة رغم «ولائه التام» لمبارك. من جانبه، يعتبر شفيق إدارياً جيداً، ويلقى تقديراً في بعض الأوساط المعارضة لمبارك. وترافقت هذه التعيينات أيضاً مع إشارات تنم عن صراعات عميقة داخل النظام، إذ أعلن التلفزيون استقالة أحمد عز أمين تنظيم الحزب الوطني الديموقراطي الحاكم الذي يعتبر العقل المدبر لجمال مبارك الذي يقال إنه يطمح لخلافة والده. وهاجمت الصحف القومية أمس رجل الاعمال هذا، الذي كان قبل أيام فقط شخصية لا يمكن المساس بها. وكتبت صحيفة «الأخبار» الحكومية في صدر صفحتها الأولى: «سقوط احمد عز... خربها واستقال». وقالت إن «البعض يعتبر أن عز أحد أسباب إثارة الجماهير بقراراته وسياساته داخل الحزب الوطني». ونشرت صحيفة «الأهرام» تصريحات لزعيم كتلة الحزب الحاكم في مجلس الشورى محمد رجب، قال فيها إن عز «مسؤول إلى حد كبير عما جرى في الانتخابات الاخيرة لمجلس الشعب»، التي حقق فيها الحزب فوزاً كاسحاً، وأكدت المعارضة أنها شهدت عمليات تزوير سافرة ما أسهم في زيادة تردى صورة الحزب لدى الرأي العام. ويمكن أن ينعكس زوال حظوة أحمد عز سلباً على جمال مبارك الخبير المصرفي البالغ السابعة والاربعين الذي لا يلقى تأييداً من المؤسسة العسكرية التي لم ينتم إليها يوماً.