صادق خطاب خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز الذي ألقاه في مجلس الشورى أول من أمس على الآراء التي تؤكد أهمية الخطاب «الملكي» السنوي، وما يحمله من مكانة مميزة للمجلس لدى القيادة السياسية، إضافة إلى مضامين عدة. خطاب الملك عبدالله الأخير كان أحد أهم فصول مسلسل الاهتمام الشخصي، إذ كان صوته يصدح تحت قبة المجلس دائماً، موجهاً وناصحاً وحاضّاً الأعضاء على تحمل المسؤولية العظمى الملقاة على عاتقهم، والعمل لما فيه مصلحة الوطن والمواطن، وخطابه هذا كان استمراراً لذلك النهج. وينظر الكثير من السعوديين إلى مجلس الشورى بغبطة كبيرة، ويصفون أعضاءه بأنهم «ذو حظ عظيم». المسألة ليست معنية بالامتيازات الخاصة، إنما بحجم الاهتمام المباشر من خادم الحرمين، إذ يتميز المجلس بعلاقته المباشرة بالرجل الأول في البلاد ومن دون وسيط. ونجح الملك عبدالله في خطابه الذي ألقاه تحت قبة المجلس في لي أعناق الكثير من المتابعين محلياً ودولياً بما يتضمنه للكثير من القضايا التي تعنى لأطراف عدة، ولعل أهمها «التطمينات» التي وجهها لشعبه، على رغم الأزمة المالية العالمية التي لم يسلم من وجعها أحد، إذ أكد خادم الحرمين أن بلاده تجنبت أسوأ عواقبها، ولا تزال تراقب الموقف بحذر ويقظة، مشيراً إلى استمرار العمل بلا كلل ولا ملل لصناعة غد سعودي مشرق بالرفاه، مزدهر بالمحبة والتسامح. الخطاب تضمن رسائل عدة، فيها الكثير من استنهاض الهمم لتجاوز أزمات المنطقة، ومد يد العون لكل من يريد الخير للأمة، إضافة إلى التأكيد على نهج الحوار الذي يستلهمه من الدين الإسلامي. الأمين العام ل«مؤسسة سلطان بن عبدالعزيز الخيرية» الأمير فيصل بن سلطان قال عن الخطاب: «ليس من قبيل المصادفة ما يواكب الكلمات التي يدلي بها خادم الحرمين من ترقب واهتمام محلي وعالمي، فقد عهد الجميع منه صدق وشفافية ورؤية يتطابق فيها القول مع العمل، وها هو يضع الصورة كاملة أمام مواطنيه والعالم من خلال خطابه التاريخي في مجلس الشورى متحدثاً إلى من يعدهم شركاء في القرار والرأي». وأضاف: «لقد تناول خادم الحرمين في تلك الوثيقة محاور مهمة عدة، ولكن ما أود الإشارة إليه هنا هو تأكيده على نهج الحوار الذي يؤمن به، ويسعى إلى ترسيخه داخلياً وخارجياً، فهو من تحت قبة مجلس الشورى، يريد أن يبعث مجدداً برسالة إلى أبنائه المواطنين وفي مقدمهم أهل الشورى بأنّ «الحوار هو وسيلتنا المثلى للتعايش وتحقيق طموحاتنا في السلام الاجتماعي، والأمن والازدهار، ورسالة أخرى إلى كل من يعنيه الأمر خارج حدود الوطن بأننا لدينا عقول وقلوب مفتوحة لاستيعاب الأفكار والرؤى كافة بهدف التعايش الثقافي والحضاري والديني من دون تصادم أو تقاطعات». وأشار الأمير فيصل بن سلطان إلى أنّ الملك عبدالله يستشعر نبض الناس وهمومهم، وقد جسّد ذلك في كلمته «الوثيقة» من خلال تطرقه إلى قضية الأزمة الاقتصادية العالمية، وتداعياتها على الاقتصاد الوطني، باعثاً برسالة طمأنة إلى المواطن في المقام الأول ولكل الدوائر الاقتصادية المحلية والعالمية التي تعوّل كثيراً على القيادة السعودية بصفتها محوراً رئيسياً في مواجهة تلك الأزمة. أستاذ الإعلام في جامعة الإمام محمد بن سعود الدكتور عبدالله الرفاعي، وصف هذا الخطاب والخطابات التي قبله بأنها تحمل همين أساسيين، أولها: همّ عربي وإسلامي، وقال: «نستطيع وبكل فخر أن نقول أن خادم الحرمين قائد حقيقي لليقظة العربية، بداية من طرحه في قمة مجلس التعاون، مروراً بقمة بيروت، نهاية بقمة الكويت الاقتصادية، والمتابعون لحراك الملك عبدالله يأملون نجاح خطواته، في ظل تعايش الأمة للأوضاع السيئة في وقتنا الحاضر». وأضاف: «الملك يتكئ في خطاباته ومبادراته في حراكه المستمر على قوة الشعب داخلياً، إذ إنه يهدف لإشراك المواطن في تبني وممارسة التطور، بدليل الحرص على رفاه المواطن».