خلص متخصصون، في ندوات المؤتمر الثاني للأمن الوطني والإقليمي، الذي اختتم أعماله الأسبوع الماضي في البحرين، إلى أن منظومة مجلس التعاون الخليجي مطالبة بالانتصار في معركتين داخلية وخارجية، إذا ما أرادت البقاء مستقرة محلياً، ومؤثرة خارجياً. غير أن كل باحث طرح الأمثلة من زاويته المتأثرة بدولته الخليجية أو تخصصه العلمي، فبالنسبة إلى رئيس جهاز الأمن الوطني في الكويت الشيخ ثامر العلي الصباح، فإنه يرى أن المنطقة شهدت «تحولات جوهرية من المتوقع أن تظل تأثيراتها وتداعياتها فترة من الزمن، وبالتالي فإن الاستراتيجية الأمنية في الخليج كانت ولا تزال مرشحة للتغيير والتبدل بفعل التطورات الإقليمية والدولية وتوازنات القوى الإقليمية في منطقة الشرق الأوسط، وأن معطيات الواقع الراهن بالبديهة العملية مرشحة للاستمرار بالتغير المتسارع خلال العقود المقبلة في ظل الأحداث المتسارعة والمتشابكة». أما أبرز التحديات للأمن الخليجي حالياً، فيرجح أنها في «كيفية الحفاظ على المنجزات المتحققة طوال ثلاثة عقود من الزمن، وزيادتها بنحو نوعي، ووضع حلول جذرية للأزمات الطارئة داخل البيت الخليجي، واستكمال الانتقال إلى مرحلة الاتحاد الخليجي». بينما يرى الأمير نايف بن أحمد بن عبدالعزيز آل سعود أن أربعة أنواع من الأخطار تواجه الأمن الخليجي «تقليدية ونووية وإلكترونية وحروب غير متماثلة، وسط متغيرات إقليمية ودولية متسارعة للغاية، أبرزها انكفاء أميركا، وتنافس بريطانيا وفرنسا القديم الجديد لعقد شراكات مع دول النفط بالمنطقة، وعودة هيمنة روسيا والصين على الساحة السياسية الإقليمية والدولية». ولا يرى الأمير نايف إمكان تعزيز الأمن الخليجي من دون «تشكيل منظومة قتالية أكثر واقعية وفعالية لتعزز استراتيجية الردع»، مؤكداً أن تجربة وقوف الخليج مع الكويت لتحريرها من غزو العراق، تاريخية أثبتت أنه لا بديل عن التلاحم الخليجي لمواجهة التحديات والمشكلات كافة». وكانت التجربة الكويتية كما يرى «امتحاناً لقيم الوحدة الخليجية في أوقات الأزمات العصيبة». وأضاف: «التعاون الأمني والعسكري شكّل إحدى أهم ركائز تأسيس مجلس التعاون، ولن يتطور من دون قيام الإطار الوحدوي الذي يوفر الحاضنة الأساسية للأمن والاستقرار الخليجي». مشيراً إلى أن الخليج يواجه الأخطار الخارجية نفسها، «وهو ما يتطلب تطوير هيكلية عسكرية قيادية لتطوير القدرات الجماعية للتعامل مع الأخطار المشتركة». من جهته، تناول رئيس قسم العلوم السياسية في جامعة الإمارات الدكتور محمد بن هويدن المهددات الرئيسة لأمن الخليج، مختصراً إياها في محاربة «القيم المحافظة»، التي رآها سمة خليجية حققت له الاستقرار. وقال: «الفترة التي تلت اندلاع أحداث ما يسمى بالربيع العربي، أبرزت ثلاثة مصادر رئيسة للتهديدات التي يمكن أن تهدد أمن دول الخليج العربي من خلال تهديدها للفكر السياسي المحافظ وهي الفكر الليبرالي، والفكر السياسي الإسلامي، والفكر الطائفي». مشيراً إلى أن تلك التوجهات الفكرية جميعها «أتت تحمل أجندات تهدف إلى القضاء على النظام السياسي المحافظ القائم في منطقة الخليج العربي أو تفكيكه بطرق مختلفة، ومحاولة دفع التيار الإسلامي للسيطرة على الحكم وتهديده لمفهوم وطبيعة الدولة الوطنية القائمة في هذه المنطقة، أو من خلال التأجيج الطائفي الساعي لضرب وحدة التجانس الاجتماعي القائم في دول الخليج العربي». وتخلص الورقة إلى ضرورة تعاون دول الخليج العربي بشكل مشترك لمواجهة تلك التهديدات، خصوصاً «فكر جماعة الإخوان المسلمين» التي قال إن مشروعها السياسي يقوم على «إنهاء مفهوم الدولة الوطنية».