أكد الأمين الأسبق لمجلس التعاون الخليجي عبدالله بشارة أن دخول «الجهاديين» في معادلة السلم والحرب في المنطقة بدلاً من الجيوش النظامية بات معضلة، تجعل «وحدة المنظور الخليجي» في المعالجة الأمنية أكثر ضرورة وسرعة. وفي لفتة نادرة، نبّه بشارة إلى أن أولئك الجهاديين ليسوا مقاتلين «سنة فقط»، ولكن الاستخبارات الدولية أبرزت دور المقاتلين من الطوائف الأخرى من إيران ودول أخرى في سورية حالياً، ما يشير إلى اتساع «الفلسفة المقيتة» - كما سماها -. وقال: «حروب المنطقة في الماضي تتم بين جيوش نظامية تسعى إلى فرض سيطرتها، مثل الحرب العراقية - الإيرانية التي هدفت إلى كسر حدة الراديكالية الإيرانية المفزعة، وتحقيق توازن في نظام القوى، وجني مكاسب وأرباح جغرافية (...). لكن الوضع تغيّر كثيراً في الوقت الحالي، إذ برزت حقائق المنظمات المستترة، مثل «القاعدة» و«داعش» التي طفت على سطح الحياة بلا مقدمات، لتمارس وحشية عابرة للحدود لم تعتد عليها المنطقة، بمحاربين من هويات غامضة وصلت إلى أراضي الشام واليمن والعراق وتكاثرت». ولفت إلى أن «الاستخبارات الغربية تشير إلى أن أكثر المقاتلين الجهاديين في سورية والعراق هم من إيران ودول عربية أخرى، مدفوعين بالتطرف الديني والطائفي، ومدعومين بتمويلات خارجية، وترافق أعمالهم ممارسة همجية». واعتبر أن العمل لمكافحة تلك هذه الظاهرة يستدعي «انضباطاً خليجياً وعربياً أكبر، لضمان تدفق المعلومات والوصول إليها عبر مراكز المخابرات الدولية، وتبني الوسائل المؤثرة لحفظ الاستقرار بالمنطقة ودعم الآليات الأمنية في اليمن والأردن، لمواجهة المخاطر غير المألوفة المتسعة بوجودها، والمؤثرة في سياسات الخليج». كما أكد بشارة أنه لا مفر من تطبيق الديبلوماسية الاستباقية بالانفتاح التكاملي مع دول الإقليم المتعرضة لآفة الإرهاب، والتعاون مع صنعاء وعمّان وتركيا، للحد من انسياب المقاتلين نحو البؤر المشتعلة، وتعزيز الذراع السياسي والديبلوماسي والمخابراتي. ورأى أن هناك بنداً واسعاً لمكافحة الإرهاب، ليس فقط بالآليات المالية والفكرية، وإنما بالتواصل مع المتغيرات الكونية بالانفتاح وتعزيز مفاهيم المواطنة والإحساس بالانتماء والشعور بالمساواة واحترام سيادة القانون. وشدد بشارة على ضرورة التلاحم الخليجي وتعزيز مقاربتها من ديبلوماسية الطاقة، لافتاً إلى أن «أمن الخليج يعني الازدهار العام والإسهام المؤثر في أمن الكون بأسره واستقراره، وإدراك حاجات العالم من النفط بترسيخ الوجود بين المنتج بسعر معقول والمستهلك في انسياب ثابت لا يتأثر، لتحقيق صحة الاقتصاد العالمي والحفاظ على نموه».