في مقابلة مع "إسلام أون لاين.نت"، قال عبد العزيز بن عثمان بن صقر مدير مركز "الخليج للأبحاث الإستراتيجية" في دبي: "على السعودية تكثيف العمل على المستويين الدبلوماسي والمخابراتي بالتوازي فيما يتعلق بسياستها الخارجية"، معتبرا أن الدبلوماسية لا تكفي وحدها للحفاظ على مصالح الدولة؛ لأن "الدبلوماسية لها حدود ومعوقات لا يمكن تجاوزها". وانتقد بن صقر عدم تفعيل الدور المخابراتي السعودي في أزمة العراق، خاصة في ظل الاحتلال الأمريكي للبلاد منذ عام 2003 مقابل النفوذ الواسع لإيران. وقال: "هناك شعور بالمرارة تجاه الموقف السعودي، ولوم شديد من جانب المجتمعين السني والعربي، كونها تركت الساحة مفتوحة لأمريكا وإيران دون محاولة التواجد الفعلي والمؤثر حماية لمصالحها ومصالح من يحبون السعودية ويشعرون بالولاء لها داخل المجتمع العراقي". واعتبر الخبير الإستراتيجي هذا الأمر "خطأ فادحاً كلّفنا وسيكلف السعودية الكثير مستقبلا"، لكنه رأى في ذات الوقت أن "الرياض أدركت مؤخرا أنه يجب أن تتبنى مواقف محددة تجاه الأزمات والتحديات في المنطقة، مع ثبوت خطأ فرضية (إذا لم أتدخل في شئون الآخرين فلن يتدخل أحد في شئوني)". ويتركز عمل أجهزة المخابرات السعودية بشكل أساسي على حفظ وصيانة الأمن الداخلي للمملكة. "توسع" استخباراتي إيراني وقال بن صقر: إن توسع نفوذ إيران "الذي نشاهده اليوم ماثلاً أمامنا يعود في جزء كبير منه للاستثمار المخابراتي الناجح وطويل المدى الذي تبنته مخابرات الحرس الثوري الإيراني، وأصبحت دبلوماسية الدولة تتبع وتعزز المسلك المخابراتي وتستفيد من نجاحاته". وأرجع ما وصفه ب"نفوذ إيران في لبنان والعراق وفلسطين" إلى "إنجازات جهاز مخابرات الحرس الثوري (قيادة قوات القدس) في تأسيس قواعد النفوذ عبر تقديم دعم لا محدود لأحزاب وتجمعات سياسية أو ميليشيات مسلحة تعمل ضد الأنظمة الشرعية"، بحد قوله. وأضاف: "إيران تقوم باستخدام الورقة الدينية أو الطائفية لبناء قواعد النفوذ في الدول العربية وخلق دولة داخل دولة، كل هذه الأمور كانت مهمات مخابراتية بحتة". لكن بن صقر أشار في الوقت ذاته إلى الدور السعودي الفعّال في الأزمة اللبنانية والفلسطينية، قائلا: إنهما "دليل على حدوث تغيرات جذرية في سياسة المملكة الإقليمية". وللسعودية نفوذ كبير في لبنان عبر حلفائها السنة ورئيس الوزراء سعد الحريري، وأسهمت الرياض عبر اتفاق مع سوريا في تسهيل تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة والخروج من نفق الأزمة التي استمرت أربع سنوات بين قوى المعارضة والموالاة. كما أطلقت الرياض المبادرة العربية للسلام والتي تعد أساسا للموقف العربي في التفاوض مع إسرائيل، ورَعَتْ الرياض اتفاق مكة للمصالحة الفلسطينية عام 2008 بين حركتي فتح وحماس، لكنه لم يصمد كثيرا. وتتنافس إيران والسعودية على النفوذ في منطقة الشرق الأوسط حيث يتصدر كل منهما محورا يضم عددا من الدول التي تتخذ موقفا موحدا تجاه قضايا المنطقة. وتقود إيران ما يعرف بمحور الممانعة الذي يرفض التفاوض مع إسرائيل والهيمنة الأمريكية في المنطقة على حد المنظرين له ويضم سوريا وحزب الله اللبناني وحركة حماس. وفي المقابل تقود السعودية ما يسمى بمحور الاعتدال ويضم مصر وباقي دول الخليج حيث يدعم هذا المحور التفاوض مع إسرائيل كسبيل لاسترجاع الحقوق العربية. ويسود توتر حاليا في العلاقات بين طهرانوالرياض على خلفية العمليات العسكرية التي تخوضها اليمن ضد المتمردين الحوثيين. وتتهم السعودية إيران بدعم المتمردين الشيعة الزيديين من أجل إيجاد موطئ قدم لها في الجزيرة العربية وخاصة على حدود السعودية وهو ما تنفيه طهران. ودخلت القوات السعودية الحرب ضد الحوثيين بعدما تسلل بعض المتمردين إلى داخل أراضي المملكة الشهر الماضي، بينما تنتقد إيران في المقابل التدخل السعودي العسكري في الحرب.