حرص صندوق النقد الدولي على نفي أن لنصائحه دوراً في اندلاع الثورة التونسية، حيث قالت راتنا ساهاي، نائبة رئيس إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى بصندوق النقد الدولي: «حذرنا من البطالة، لكن المسؤولين - السابقين - في تونس ركزوا على الإيجابيات». في تصريح البراءة ونفض اليد هذا قالت راتنا ساهاي لصحيفة «الشروق» ومن القاهرة، إن الوضع في مصر مختلف «ان هناك فروقاً عدة بين الوضع الاقتصادي - الاجتماعي في مصر وتونس، حيث نجحت مصر في تحقيق معدل مرتفع من الوظائف في الفترة بين عامي 2005 و2007 كنتاج للإصلاحات الاقتصادية،» ثم عادت لتحذر من معدلات البطالة المرتفعة. تصريح الصندوق تم في الفترة الفاصلة بين نجاح الثورة التونسية وقبل تزايد التظاهرات في مصر. ومن الطبيعي ان يحرص الصندوق على نفي أي علاقة لنصائحه وسياسات يحض عليها من التسبب بقلاقل سياسية أصلها اجتماعي اقتصادي. لا علاقة للصندوق بالشعوب فهو مهتم كثيراً بأرقام يسميها نسبة النمو، حيث يقدم وجبات جاهزة لكبار التنفيذيين الاقتصاديين في الدول المرتهنة له ليتبنوها، وبدلاً من أن يقوموا هم بعمل الخطط اللازمة والمناسبة لمجتمعاتهم، بدلاً من ممارسة الطبخ المحلي، يفضل هؤلاء تسلّم الوجبات الجاهزة من خبراء الصندوق، والأخيرة تأتي ومعها شهادات معتمدة «دولية» تشيد بتحسن النمو والأداء الاقتصادي لتستخدم لاحقاً في التصاريح الرسمية من قبل المسؤولين المحليين. لكن ماذا سيقول الصندوق بعد أحداث مصر؟ مؤكد انه سيركز على معدلات البطالة المرتفعة قائلاً: «مليش دعوى». يدفعنا هذا للبحث عن أسباب البطالة المرتفعة أو دور الصندوق في توجهات تزيد من ارتفاع نسبة البطالة، إذا عدنا الى نصائحه خصوصاً في الضغط على الحكومات لرفع الدعم عن السلع الأساسية وعدم استحداث وظائف، والترغيب بالخصخصة ولو كانت تزيد من احتكار القلة وعلى حساب الاستقرار المجتمعي... إذا عدنا إلى ذلك يمكن تحديد أصل الداء. نصائح الصندوق ليست سوى سم بطيء قاتل لا يظهر أثره بين يوم وليلة بل يتجمع ويتضخم ليتحول إلى ورم ينفجر في المستقبل. ومستشاروه مع البنك الدولي أصبحوا في كل مكان من أجهزة حكومية عربية. تحول إلى ما يشبه المستشار المؤتمن وربما الوحيد. وفي هذا خطورة نرى نتائجها ماثلة أمامنا في أكثر من بلد. www.asuwayed.com