«لبنان قائم على التنوع ومنه يستمد تقاليده في الحرية والديموقراطية، وهو وجد فعلاً ليكون بلد اللامركزية»، «إن دفع الوضع نحو الحكم المدني اللاطائفي، هو وحده الكفيل بجمع اللبنانيين وتوحيدهم وبصهرهم شعباً واحداً». كلام للزعيم اللبناني كمال جنبلاط مؤسس الحزب التقدمي الاشتراكي يستقبل زائر قصر بيت الدين في معرض عنوانه «كمال جنبلاط رؤية مستقبلية وقيادة تاريخية»، ويقدم صوراً عن مراحل حياته المختلفة ونضاله السياسي وعدداً من أقواله كأنه يحدث المواطن اللبناني اليوم: «كيف يتوحد شعب لبنان وتزول منه التناقضات إذا كان نظام الحكم هو الذي يكرس الطائفية السياسية». ومن أقواله «المطلوب في لبنان حكم يقضي على الامتيازات ويحرر الإرادة الشعبية ويفتح الباب أمام التطور والتقدم». حتى أن الزعيم اللبناني تطرق الى التلوث، ومن أقواله في هذا الموضوع: «التلوث مأساة العالم المتقدم وهو الخطيئة المفجعة التي سترتد على الجميع ولن ترحم أحداً». وفي المعرض أقوال لبنانيين وعرب وأجانب عن جنبلاط. فالرئيس الفرنسي الراحل فرانسوا ميتران قال فيه «تعلمت من كمال جنبلاط أول درس في الجغرافيا السياسية لمنطقة الشرق الأوسط». وقال عنه العاهل السعودي الراحل الملك عبدالله بن عبدالعزيز: «أعطى كمال جنبلاط فكره ونفسه وكل لحظات حياته من أجل قومه ووطنه ومثله وخلف وراءه منهجاً وفكراً في خدمة الآخرين». ومن أقوال اللبنانيين في كمال جنبلاط كلام رئيس الحكومة الراحل رشيد كرامي: «أعطى كمال جنبلاط حياته لقومه واستشهد في سبيل ما آمن به، فكان كبيراً في الحالتين وتميز بفكره وحلمه وعلمه وأدبه وأعطى كل ما يملك لوطنه». وكان الوزير مروان حمادة النائب في كتلة وليد جنبلاط حاضراً في افتتاح المعرض وهو من أقرب الأصدقاء لعائلة وليد جنبلاط ووالده كمال ووالدته الراحلة مي. وروى حمادة ل «الحياة» أنه تعرّف الى كمال جنبلاط من خلال عمله كصحافي في جريدتي «النهار» و«الاوريان». ويقول حمادة: «كنت أتردد الى منزله القديم في حي فرن الحطب حيث كان يجلس على كرسيه الهزاز». ومن ثم توطدت العلاقة عام 1970 أثناء قضية طائرات الميراج، حيث إن مصر ورئيسها عبد الناصر كانا في حرب استنزاف وكانت الميراج تسقط الطائرات الروسية وقرر المصريون والروس أن يأخذوا من لبنان طائرة من هذا الطراز (لبنان كان اشترى 12 طائرة ميراج) لفحص تقنيتها والبحث في سبب تفوقها على الميغ. ويضيف: «وكان ابن عمي نزيه حمادة عقيداً في الطيران وكلف بأخذ الطائرة الى الروس لكنه سُجِنَ، ومن خلصه كان كمال جنبلاط. هكذا بدأت توطيد العلاقة بين آل حمادة وكمال جنبلاط. ومن ثم بدأت أكتشف شخصيته عبر محاضراته في «الندوة اللبنانية». ولم أكن أعرف آنذاك، وليد حتى يوم تخرج، إذ كنت حضرت تخريج إميل بيار إدة وبعد ذلك توطدت العلاقة مع وليد جنبلاط». ويتابع حمادة: « كنت في المنفى في باريس بسبب الهجوم السوري على «النهار» في الحرب اللبنانية، أتناول طعام الغداء مع العميد ريمون إدة في مطعم لوفيو برلان ، أعلمنا المصرفي اللبناني جوزيف عبده خوري بخبر اغتيال كمال جنبلاط فاتصلت بوليد الذي قال لي كلمة واحدة «جيب مي معك» أي والدته التي كانت انقطعت عن قصر المختارة لمدة عشرين سنة». ويوضح: «عدنا في اليوم التالي معاً وبكت مي في الطائرة، على رغم أنهما كانا على خلاف ولكنها كانت تبكي ذكرى الرجل العظيم». وكان الرئيس المصري الراحل أنور السادات نصح كمال جنبلاط أواخر عام 1976 بعدم العودة الى لبنان، كما أوصى رئيس الحكومة السابق صائب سلام والعميد ريمون إدة بعدم العودة أيضاً. عمل الاثنان بنصيحة السادات، لكن جنبلاط الذي كان في القاهرة أخذ سفينة تجارية تحمل بضائع وعاد فيها الى صيدا ومن هناك الى الشوف قبل شهرين من اغتياله. وقال كمال جنبلاط قبل استشهاده «إن الصراع في سبيل الحق هو انتصار أكانت نتيجته الاستشهاد أو النصر الساحق». ويقول حمادة: «على الصعيد الدرزي، وجّه جنبلاط الحزبيات القديمة والجنبلاطيين باتجاه التقدمية الاشتراكية، واستقطب الشباب اليزبكي وبذلك بدأ يمحو الخطوط التي كانت موجودة بين العائليات والفئويات التاريخية، وأنا كنت من الذين استقطبوا. أما على الصعيد الوطني فقد دعم كمال جنبلاط القضية الفلسطينية والقضايا العربية وبات زعيماً سنياً، وبمدافعته عن القضايا الاجتماعية أصبح زعيماً شيعيا،ً وبانفتاحه ومعركته من أجل الديموقراطية أصبحت له جذور مسيحية. والحرب فقط فرزت اللبنانيين وأعطت صبغة مذهبية لكل حزب».