يرعى الرئيس اللبناني ميشال سليمان اليوم الجلسة السابعة والأخيرة لمؤتمر الحوار الوطني قبل دخوله في إجازة قسرية فرضتها الانتخابات النيابية المقرر إجراؤها الأحد المقبل والتي سيعاد تشكيل طاولة الحوار في ضوء نتائجها. وستخصص الجلسة لتوفير الأجواء الهادئة لإنجاز الاستحقاق الانتخابي ما يستدعي من المشاركين خفض وتيرة لهجة خطابهم الانتخابي التي بدأت ترتفع تدريجاً وتولد احتكاكات مباشرة بين محازبي قوى 14 آذار والمعارضة في عدد من الدوائر الانتخابية. ومع ان الأحد الانتخابي امس كان حافلاً بمواقف للقيادات الرئيسة في 14 آذار والمعارضة، فإن جلسة الحوار تنعقد وعلى جدول أعمالها بند واحد يتعلق بتوفير العبور الهادئ للانتخابات النيابية التي تشكل محطة إعادة إنتاج السلطة في لبنان. وفي سياق آخر، حصلت «الحياة» على معلومات جديدة خاصة بأبرز المتعاملين مع إسرائيل الموقوفين لدى مديرية المخابرات في الجيش اللبناني وفرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي وعلى رأسهم الموقوف ناصر محمود نادر. وبحسب المعلومات، فإن نادر الموقوف لدى فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي «يتميز» عن المتعاملين الآخرين الموقوفين بأنه مكلف من «الموساد» الإسرائيلي بمهمة مزدوجة. الأولى استعلامية لرصد تحركات كوادر عليا في صفوف المقاومة الإسلامية واستطلاع عدد من المناطق، والثانية تنفيذية لجهة الإعداد لاغتيال قياديين في «حزب الله». وتبين من خلال التحقيقات الأولية بأن لنادر علاقة مباشرة باغتيال القيادي في «المقاومة الإسلامية» غالب عوالي في 19 تموز (يوليو) 2004 في حي معوض في الضاحية الجنوبية لبيروت تتجاوز رصد تحركاته ومراقبته عن كثب الى الاشتراك على الأرجح في تفجير العبوة التي أودت به لحظة فحصه سيارته المتوقفة في مرآب البناية التي يقيم فيها، على رغم انه لم يعترف حتى الساعة بمسؤوليته عن التفجير الذي حصل بواسطة جهاز تحكم من بعد. وأشارت المعلومات الى ان تفجير العبوة تم من مسافة عشرات الأمتار وأن الذي تولى تفجيرها كان يقف خلف حائط مطل على المرآب الذي كانت سيارة عوالي مركونة فيه. وبحسب المعلومات ايضاً فإن نادر اعترف بإتلاف الجهاز الذي تسلمه من «الموساد» والخاص بإرسال الرسائل وتلقيها فيما ضُبط معه بعض العتاد الذي يستخدمه في تصوير المواقع وتحديدها. ولم تستبعد مصادر امنية مواكبة للتحقيقات التي يخضع لها نادر ان يكون ايضاً مسؤولاً عن زرع العبوة التي كانت اكتُشفت الى جانب الطريق الواقعة تحت جسر الزهراني المؤدي الى منطقة النبطية. وتبين من خلال التحقيقات انه كان يخطط لاستهداف سيارة احد الكوادر الرئيسة في المقاومة الإسلامية أثناء مروره على الطريق بعد ان تولى مراقبته ورصد تحركاته، لكن المصادر لم تكشف عن هوية الشخص المستهدف، بانتظار انتهاء التحقيق مع نادر. كما تبين ان نادر كان يتردد الى إسرائيل، وأنه توجه إليها بحراً من طريق الناقورة العام 2002 أي بعد تحرير الجنوب في 25 أيار (مايو) 2000. وبالنسبة الى الموقوف الفلسطيني خالد القن الذي أوقفه فرع المعلومات في مخيم المية ومية للاجئين الفلسطينيين بجوار صيدا بعد ان كان أوقف محمود سرحان من البيسارية (قضاء قرى صيدا - الزهراني) وسمير الحاج من مخيم عين الحلوة وأُفرج عنهما لاحقاً، علمت «الحياة» ان القن كان مكلفاً بمهمة محصورة بإجراء مسح ميداني وأمني لمخيمي المية ومية وعين الحلوة. وكشفت المصادر المواكبة نفسها ان القن نشط بعد عدوان تموز 2006 وأنه توجه الى إسرائيل بحراً بواسطة دراجة مائية اقتربت من شاطئ الجية امام منتجع «اوراس» وكان على متنها اثنان من الكوماندوس الإسرائيلي رميا «فرشة بحر» ارتمى القن عليها وسحباه الى داخل الدراجة وأبحرا به باتجاه الأراضي المحتلة. ولفتت المصادر عينها الى ان التحقيقات مع المفتش في الأمن العام «ج- ع» الذي كان فرع المعلومات أوقفه في مركز عمله في نقطة الناقورة، أظهرت انه كان يتولى نقل البريد الى الموساد. وأكدت انه على صلة قرابة مع العميد المتقاعد في الأمن العام اديب العلم الموقوف بتهمة التجسس لمصلحة إسرائيل وأن دوره محصور بنقل البريد اثناء الاحتلال الإسرائيلي للجنوب وبعد تحريره، خصوصاً انه كان يتردد الى المنطقة إبان فترة الاحتلال. وعلمت «الحياة» ان أبرز المتعاملين مع إسرائيل ليسوا من أصحاب السوابق ولم يسبق ان أوقفوا بتهمة التجسس بعد تحرير الجنوب عام 2000، وعزت المصادر المواكبة السبب الى ان «الموساد» تجنب التعامل مع موقوفين سابقين خشية ان يكونوا موضع مراقبة من قبل الأجهزة الأمنية الرسمية وجهاز «الأمن المضاد» التابع ل «حزب الله» ما يسهل إلقاء القبض عليهم. كما علمت «الحياة» ايضاً ان توقيف العلم دفع «الموساد» الى الطلب من المتعاملين معه، إتلاف ما لديهم من أجهزة تستخدم للتصوير وتلقي الرسائل وإرسالها والرصد خشية ضبطهم بالجرم المشهود في حال توقيفهم. على صعيد آخر، أكد مصدر أمني بارز في قيادة الجيش ان مديرية المخابرات تخضع منذ يوم اول من امس ضابطاً في الجيش برتبة عقيد للتحقيق لاستيضاحه بعض الأمور وسؤاله عن بعض المعلومات والتدقيق فيها. وأوضح المصدر نفسه ل «الحياة» انه لم توجه الى الضابط الموقوف أي تهمة حتى الساعة، وبالتالي من السابق لأوانه الاشتباه به قبل انتهاء التحقيق والوقوف على ما لديه من معلومات، خلافاً لما تناقلته امس بعض وسائل الإعلام العربية. على صعيد المواقف الانتخابية، برز امس موقف لافت لرئيس الحكومة السابق عمر كرامي في خطاب ألقاه في طرابلس لمناسبة الذكرى الثانية والعشرين لاغتيال شقيقه رئيس الحكومة السابق رشيد كرامي هاجم فيه بعنف تيار «المستقبل» والوسطية (الرئيس نجيب ميقاتي) و «فلتات زمانهم» في الاقتصاد والتجارة (الوزير محمد الصفدي) والمرشح الذي يعتدي على التاريخ والجغرافيا (مرشح حزب الكتائب سامر سعادة) وقال ان هذه المدينة «تحتاج ان يحلوا عن سماها الزرقاء». ورأى كرامي انه ربح نصف المعركة الانتخابية معهم قبل ان تبدأ الانتخابات وقال: «سأربح النصف الثاني من المعركة وان تشريع حيثية القاتل لن تكون عبر طرابلس لا مباشرة ولا بالواسطة ولا بالوسطية». واعتبر كرامي ان معركته ليست في طرابلس بل في لبنان حول: أي لبنان نريد؟ وقال ان المعركة الأهم ستبدأ بعد الانتخابات «وإذا فازت المعارضة ستكون لدينا القدرة على إدارة الأزمات اما في حال تعادل الفريقان سيكون لبنان صندوق فرجة وسنرجع الى بدعة تلوح في الأفق اسمها كتلة الرئيس أو الوسطيين ولا مسّ بالطائف وصلاحيات رئيس مجلس الوزراء وأن المضي في مثل هذه البدعة ستكون له ذيول وتداعيات خطيرة». بدوره واصل رئيس كتلة «المستقبل» سعد الحريري جولته على عدد من بلدات الشمال مؤكداً «إذا لم تكن هذه الانتخابات النيابية مصيرية كما قلنا مراراً، فلماذا نسمع عبر البحار كلاماً ورهاناً على نتائجها من اجل قيام جبهة إقليمية معينة في المنطقة؟»، غامزاً بذلك من قناة الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد. الى ذلك، أكدت مصر تطلعها الى انتخابات حرة ونزيهة في لبنان، وجددت نفيها أن يكون الإعلان عن خلية «حزب الله» في مصر محاولة للتأثير في نتائجها. وأشار الناطق باسم رئاسة الجمهورية في مصر سليمان عواد رداً على سؤال عن قول «حزب الله» أن بعض الدول العربية تحاول التأثير في نتائج الانتخابات اللبنانية، فأشار إلى تأكيد الرئيس المصري حسني مبارك أن «قضية خلية «حزب الله» في مصر هي في يد القضاء المصري منذ اليوم الأول، وأنها قضية لها تبعات قانونية تخضع للقضاء المصري بكل ما هو معروف عنه من حيدة واستقلالية». وقال: «أما التدخل في الانتخابات اللبنانية، فليس على أجندة مصر وليس من سياساتها ولا من سياسات الرئيس مبارك»، معرباً عن أمل مصر ب «انتخابات حرة ونزيهة تأتي بمن يختاره شعب لبنان». وأضاف: «مصر ستظل دائماً في موقع الشقيقة الكبرى التي تهتم دائماً بأمن لبنان واستقراره وسلامه ووفاق أبنائه وقواه السياسية كافة».