يطل مقدّم البرامج جورج قرداحي منذ بضعة أسابيع عبر شاشة «أم بي سي 1» من خلال برنامج «مسابقة الجماهير»، لا بصفته مقدّماً للبرنامج بل رئيساً للجنة التحكيم التي تضم الممثلة منى زكي والإعلامية سارة الدندراوي. «لنقُل إنني الأكبر سنّاً في اللجنة ولست الرئيس»، يعلّق قرداحي بتواضع قبل إبداء رأيه بالبرنامج الذي يفضّل عدم مقارنته بأي برنامج آخر، حتّى بِ «مَن سيربح المليون؟». ويعتبر أنّ «مسابقة الجماهير» يتميّز بجائزته الكبيرة التي تبلغ مليونَي ريال سعودي، إضافة إلى مستواه العالي حيث لا مكان لغير المتفوقين. «نسبة المشاهدة حتّى الآن مرتفعة مقارنة بالبرامج الأخرى على شاشة «أم بي سي 1» وغيرها، ولكن ما يهمّني هو أن تحافظ هذه النسبة على مستواها، وأعتقد أن ذلك سيحصل لأنّ المشاهدين سيبدأون بالتفاعل مع المشتركين الذين يتأهلون إلى المراحل المتقدمة، وبالتالي سيتحمّسون ويشجّعون الأشخاص الذين سيلفتون انتباههم». كيف يبدو الأمر لجورج قرداحي حين يطل في برنامجٍ حيث يتولى مهمة أخرى غير التقديم؟ يبتسم قائلاً: «أعتبر أنني عسكري برتبة ضابط في محطة «أم بي سي»، وقد أوكلت إليّ تلك المهمة في لجنة التحكيم ووجدت أنّ الأمر يتناسب مع شخصيتي مع العلم أن برنامج «مَن سيربح المليون؟» لم ينتهِ بل توقف موقتاً حتى نهاية «مسابقة الجماهير». ويشير إلى أنّ مقدم البرنامج أشرف حمدي يتمتّع بالحضور اللافت وبكفاءة عالية. يوافق على أنّ هذا البرنامج كسر قليلاً صورة المواطن العربي البعيد من الكتاب والقراءة والثقافة، فاشتراك الآلاف في مسابقة تحتاج إلى الكثير من المعلومات والثقافة العامة دليل على أنّ عالمنا العربي مليء بالأفراد المطّلعين على كل المعلومات في المجالات المختلفة. «أنا أتفاجأ إيجابياً حين أرى شخصاً يتمتّع بكل تلك المعرفة التي تغطّي مواضيع متنوعة، وأقدّر كثيراً الأشخاص الذين يستطيعون الإجابة على أسئلة صعبة قد أكون أنا نفسي لا أعرف إجابتها لأنّ الإنسان لا يستطيع أن يُلِم بكل المعلومات، والقادر على ذلك يجب تقديره ومكافأته». ولكن على رغم كثافة المشتركين في هذا البرنامج المبني تماماً على المعلومات العامة نلاحظ أنّ البرامج الثقافية أو برامج المعلومات العامة شبه غائبة في عالمنا العربي، فما السبب؟ يجيب قرداحي أنّ هذا الموضوع أخذ جدلاً طويلاً في الإعلام وعند أصحاب المحطات التلفزيونية وحتّى الإذاعية لأنّ البرامج الثقافية، على حد تعبيره، إن لم تشفعها بشيء من التسلية والترفيه فلن يتابعها المشاهدون. لكن أين الترفيه في «مسابقة الجماهير»؟ يقول: «لا أخفي عنك أنّ هذا البرنامج قائم بشكلٍ أساسي على الثقافة والمعلومات العامة ولا يكسر من جديته سوى بعض التعليقات من لجنة التحكيم، ولكن يجب عدم غض النظر عن وجود النجمة منى زكي في اللجنة بالإضافة إلى الإعلامية الناجحة سارة الدندراوي اللتين تجذبان الكثير من المشاهدين العرب لمتابعة البرنامج». ويلفت قرداحي إلى أنّ النجوم في «مسابقة الجماهير» هم المشتركون أنفسهم، بمعرفتهم ومعلوماتهم، وكما يولد النجوم من برامج مثل «ستار أكاديمي» أو «سوبر ستار» أو «استوديو الفن»... كذلك سيظهر نجوم في «مسابقة الجماهير». إذا أردنا اعتبار «مَن سيربح المليون؟» برنامجاً يجمع بين الثقافة والترفيه من خلال أسلوب مقدّمه المميز، فهل نستنتج أنّ كل محطة تريد تقديم برنامج تثقيفي ناجح عليها أن تأتي بفكرة تشبه «مَن سيربح المليون؟» وبمقدّم شبيه بجورج قرداحي؟ يؤكّد أنّ الجمع بين الثقافة والترفيه هو أمر صعب جداً والدليل أنّ ما من برنامج نجح منذ تأسس التلفزيون العربي كما نجح «مَن سيربح المليون؟» الذي «شكّل ظاهرة تستحق الوقوف عندها، أمّا في ما يتعلّق بالاستعانة بمقدّم يشبهني فأعتقد أنّ كل شخص قادر أن يخلق لنفسه أسلوبه المميز شرط أن يتمتّع بالمقومات اللازمة». ماذا يشاهد جورج قرداحي على شاشة التلفزيون؟ «أهتم بالبرامج التاريخية والوثائقية لأنّها باب من أبواب تنمية الثقافة، ولكن أكثر ما أشاهده هو نشرات الأخبار لأنّ كل شخص في لبنان والعالم العربي حياته مبنية على الأخبار، وأتابع نشرات كل القنوات لأنّ التنوّع الموجود عندنا يجبرنا أن نستمع للجميع كي نخرج بصورة واضحة عمّا يجرى وكي نعرف كل وجهات النظر». وعند ملاحظتنا أنّ كثراً «قرفوا» من الوضع السائد وقاطعوا نشرات الأخبار يعلّق: «إن متابعتي للأخبار لا تعني أنني لم «أقرف» من الوضع، لأنني حتى لو «قرفت» فسأظل أتابع، تماماً كما يحصل حين ينزعج المرء من طعم قرص الدواء ويتابع تناوله، علينا أن نعرف ماذا يحصل في بلدنا»، ويضيف بانفعال: «لا يجوز أن تبقى كل محطة تلفزيونية في بلدنا ناطقة باسم طائفة أو حزب أو تيار، هذا أمر كبير جداً علينا لأننا لامسنا حدود الحرب الأهلية بسبب نشرات الأخبار، وأتمنى من الحكومة الجديدة أن تعيد النظر جدياً في قانون تنظيم الإعلام بشكلٍ يحفظ كرامة كل إنسان، ويحفظ كل مواطن لبناني بمنأى عن التأثير المذهبي والطائفي والحزبي المتطرّف والغرائزي والمحرِّض». ربما لا يعرف بعض الجمهور أنّ جورج قرداحي كان مختاراً للمشاركة في مسلسل «ذاكرة الجسد» إذ تحدث معه المخرج نجدة أنزور كما كاتبة الرواية أحلام مستغانمي، «لكنني ترددت كثيراً ووضعت شروطاً تعجيزية كي لا يقبلوا بها فأتراجع»! ويفصح عن أنّه في بداية نجاحه كان يُعرض عليه الكثير من الأعمال التمثيلية لكنّه كان يخاف خوض غمار هذه التجربة، أمّا اليوم فأصبح أكثر تقبّلاً للفكرة.