فجّر اعتقال الأمن الفلسطيني صحافياً معروفاً يحظى باحترام واسع، بسبب تصويره موكب رئيس الوزراء، حملة احتجاجات واسعة بين الصحافيين. وحمّل الصحافيون، في سلسلة مقالات وتغريدات على وسائل التواصل الاجتماعي، بشدة على الحكومة لاعتقال الصحافي جهاد بركات، بعد قيامه بالتقاط صور من هاتفه النقال لموكب رئيس الوزراء، مطالبين الحكومة بوقف الانتهاكات ضد الصحافيين. وقال شهود عيان إن سيارة أمن مدنية اعتقلت الصحافي بركات بعد أن أنزله عناصرها بعنف من سيارته، عصر يوم الخميس. واعترف بيان رسمي باسم الحكومة باعتقال الصحافي بركات ومواطن آخر. وقال البيان إن «الأجهزة الأمنية قامت باعتقال شابين نتيجة تجاوزهما القانون وقيامهما بتصوير موكب رئيس الوزراء الفلسطيني الدكتور رامي الحمدالله بالقرب من مدينة طولكرم، بشكل غير قانوني». وقال الناطق باسم الحكومة طارق رشماوي، في بيانه، إن «الأجهزة الأمنية كانت ترصد تحركاتهما منذ مدة طويلة وسيتم التحقيق معهما وإحالتهما إلى جهات الاختصاص». وجاء اعتقال بركات بعد سلسلة إجراءات تعرّض لها الصحافيون على أيدي السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، وسلطة حركة «حماس» في قطاع غزة، إضافة إلى الإجراءات المعروفة من قبل سلطات الاحتلال. ففي الضفة الغربية، عمدت السلطة الفلسطينية إلى حجب أكثر من عشرين موقعاً إخبارياً لأسباب سياسية. وجاء الحجب بقرار من النائب العام الذي أصدر أوامره لمزودي خدمة الإنترنت بحجب المواقع المذكورة. وفي غزة، أوقفت سلطة حركة «حماس» عدداً من الصحافيين والكتّاب بسبب كتاباتهم على وسائل التواصل الاجتماعي، كان آخرهم مراسل تلفزيون فلسطين، فؤاد جرادة، الذي ما زال موقوفاً منذ نحو شهر. وقال تقرير صدر أخيراً عن المركز الفلسطيني للتنمية والحريات الإعلامية «مدى»، إن شهر حزيران (يونيو) شهد ارتفاعاً في الانتهاكات ضد الحريات الإعلامية في فلسطين مقارنة بالشهر الذي سبقه. وجاء في التقرير أن عدد الانتهاكات والتجاوزات الفلسطينية في ذلك الشهر فاق عدد انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي. ورصد المركز 51 انتهاكاً ضد الحريات الإعلامية الشهر الماضي، منها 41 انتهاكاً ارتكبت على أيدي جهات فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة، وعشرة على أيدي الاحتلال الإسرائيلي. وأشار إلى أن الارتفاع الملموس في عدد الانتهاكات الفلسطينية ضد الحريات الإعلامية جاء مع حملة الحجب الواسعة التي استهدفت مواقع إخبارية إلكترونية. وأضاف أن السلطة الفلسطينية والنائب العام تكتما على تفاصيل هذه الحملة ودوافعها ولم يفصح حتى عن عدد المواقع التي شملتها. وأعد مركز «مدى» قائمة تضم 29 موقعاً تعرض للحجب، 26 منها لا تزال معطلة حتى اليوم. واستند المركز في قائمته إلى إفادات مباشرة من عاملين في هذه المواقع. وقال التقرير: «من أبرز الانتهاكات الفلسطينية الأخرى التي سُجلت هذا الشهر اعتقال جهاز الأمن الوقائي في رام الله الصحافي في مركز إعلامنا ظاهر عيسى الشمالي، وكذلك اعتقال جهاز الأمن الداخلي في غزة مراسل تلفزيون فلسطين فؤاد كمال جرادة، والصحافي في جريدة الأيام حسن جبر، واحتجاز خمسة إعلاميين من طاقم تلفزيون فلسطين ومنعهم من تصوير نشاط اجتماعي في غزة». وشملت الانتهاكات سلسلة استدعاءات لصحافيين واستجوابهم حول كتاباتهم وتوجيه تهديدات لهم. ونقل المركز في تقريره شهادة الكاتب عيسى الشمالي الذي اعتقل 16 يوماً على خلفيه مقال نشره في وسائل التواصل الاجتماعي. وجاء في شهادته: «بتاريخ 3/6 كتبت مقالاً صحافياً ضد تصريحات أدلى بها أمين سر اللجنة المركزية لحركة فتح جبريل الرجوب حول حائط البراق في صحيفة الرأي الإلكترونية، وبعد ذلك بيومين اعتقلت وتم احتجازي في الزنزانة لمدة 13 يوماً، وتم التحقيق معي بتهمة قدح وذم مقامات عليا، حيث خضعت للعديد من جلسات التحقيق، بواقع جلستين كل يوم، وحقق معي أكثر من محقق، وكان بعضهم يعاملني بصورة حسنة والبعض الآخر كانت معاملتهم سيئة تخللها السب والشتم، وكان مجرى التحقيق حول عملي الإعلامي وما أتقاضاه لقاء كل مقالة أكتبها». وفي غزة، اعتقل جهاز الأمن الداخلي الصحافي في جريدة «الأيام» حسن جبر (53 سنة)، وحقق معه في شأن تقرير كان كتبه حول المجموعات السلفية في غزة. وقال جبر في إفادته للمركز: «يوم الأحد 18/6 تم احتجازي لدى جهاز الأمن الداخلي من الساعة العاشرة صباحاً حتى العاشرة مساء، وفي اليوم التالي تكرر احتجازي من الساعة العاشرة صباحاً حتى الواحدة ظهراً». وأضاف: «بعد أن وصلت إلى المقر حسب الموعد تمت مصادرة هاتفي النقال وبدأ استجوابي حول موضوع الجماعات السلفية وأنه ليس لها أي علاقة بقاتل الأسير المحرر مازن فقهاء. أما الموضوع الآخر الذي تمت مساءلتي حوله فهو موضوع حوالة مالية بقيمة ألف دولار قدمتها إحدى المتبرعات من الدنمارك لمصلحة حملة تخص مرضى السرطان، والأوراق الثبوتية بحوزتي. وبعد انتهاء التحقيق نُقلت إلى زنزانة صغيرة مدة من الوقت قبل أن أعود إلى غرفة التحقيق مجدداً للإجابة على نفس الأسئلة السابقة، وبعده نقلت إلى غرفة الانتظار حتى الساعة العاشرة ليلاً حين جاء المحقق وأخبرني بأنه سيطلق سراحي على أن أعود في اليوم التالي».