جال رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» يحيى السنوار في قطاع غزة ومسؤولين كبار في اللجنة الإدارية (حكومة الأمر الواقع) التي تديرها الحركة في القطاع صباح أمس على الشريط الحدودي الفاصل بين القطاع ومصر. وتفقد السنوار برفقة رئيس اللجنة الإدارية عبد السلام صيام ورئيس قطاع الأمن في اللجنة اللواء توفيق أبو نعيم الأعمال الجارية لإنشاء منطقة أمنية عازلة على الشريط الحدودي لمنع تسلل أي «ارهابيين» على جانبي الحدود. وكانت وزارة الداخلية التي تديرها «حماس» شرعت قبل نحو أسبوعين في إنشاء المنطقة العازلة على الشريط الحدودي مع مصر البالغ طوله 14 كيلومتراً، وبعمق 100. وتسعى الوزارة الى منع تسلل فلسطينيين الى القطاع، وكذلك منع لجوء أي «عناصر ارهابية» أو «مطلوبين» للحكومة المصرية الى القطاع. وجاء إنشاء المنطقة بعد محادثات ناجحة أجراها السنوار وعدد من قياديي «حماس» في مصر مطلع الشهر الماضي. كما يأتي في وقت يزور وفد رفيع من الحركة ولجنتها الإدارية برئاسة روحي مشتهى عضو المكتب السياسي المقرب من السنوار، وعدد من القادة العسكريين والأمنيين. وذكرت وزارة الداخلية في بيان أمس إن «الجولة تأتي لتفقد الإجراءات التي تقوم بها وزارة الداخلية على الحدود الجنوبية بناء على التفاهمات الأخيرة مع مصر». وجال السنوار خلال الجولة، التي امتدت على طول الحدود من الشرق إلى الغرب، معبر رفح الحدودي مع مصر، والجانب الفلسطيني من معبر كرم أبو سالم التجاري جنوب شرقي رفح، الذي تسيطر عليه اسرائيل. كما شملت الجولة النقاط الحدودية ومواقع قوات الأمن الوطني ونقاط انتشارها على الحدود. وبموجب التفاهمات مع القاهرة تدفقت كميات من الوقود والسلع المصرية الى القطاع خلال الأسبوعين الأخيرين، ما مكن تشغيل محطة توليد الكهرباء الوحيدة في القطاع لتغطية العجز في كميات الطاقة، بخاصة بعد تقليص اسرائيل نحو 55 ميغاواط من أصل 125 خلال الأيام الماضية. الى ذلك، قالت سلطة الطاقة، التي تديرها «حماس» في القطاع، أمس إن التقليص الإسرائيلي «يزيد من الأعباء والمعاناة في القطاع في ظل الأجواء الصيفية الحارة الحالية». وأشارت السلطة في بيان إلى أن «إنتاجية محطة التوليد مع استخدام الوقود المصري تصل حالياً إلى 70 ميغاواط، أي أن المتوافر من كل المصادر لا يتجاوز 140 ميغاواط، وهي لا تغطي الحد الأدنى من حاجات القطاع التي تتجاوز 500 ميغاواط في هذه الظروف». في الأثناء، قال رئيس سلطة الطاقة التابعة للسلطة الفلسطينية في رام الله ظافر ملحم أمس إنه تمت إحالة أعداد من موظفي سلطة الطاقة في القطاع الى «التقاعد المبكر». وأوضح ملحم أن قرار حكومة التوافق الوطني إحالة 6145 موظفاً من القطاع قبل أيام إلى التقاعد المبكر يشمل موظفين في سلطة الطاقة في غزة. وكانت الحكومة قررت الثلثاء الماضي إحالة 6145 من موظفيها في القطاع إلى التقاعد المبكر. وجاءت هذه الخطوة بعد نحو ثلاثة أشهر على تقليص رواتب موظفيها في القطاع البالغ عددهم نحو 55 ألفاً، ووقف مخصصات 270 من أسر الشهداء والأسرى، وتقليص عدد التحويلات الطبية الى مستشفيات الخارج والطلب من اسرائيل تقليص كميات الكهرباء. وتأتي هذه الخطوات في اطار أعلنه الرئيس محمود عباس قبل أشهر من أنه سيتخذ «إجراءات غير مسبوقة» ضد حركة «حماس» لإرغامها على «إعادة غزة الى حضن الشرعية». وفي وقت تشهد العلاقة بين «حماس» ومصر تطوراً كبيراً، أعلنت اللجنة القطرية لإعمار قطاع غزة أمس أن السفير القطري محمد العمادي، ونائبه خالد الحردان سيصلان إلى القطاع الجمعة في «زيارة اعتيادية ستستمر أياماً». «فتح» تتهم «حماس» ب «التضليل» والى ذلك تباينت المواقف إزاء الخطاب الأول لرئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» اسماعيل هنية بين مرحب ورافض. ودعت حكومة التوافق الوطني الفلسطينية حركة «حماس» الى الاستجابة ل «مبادرة» الرئيس محمود عباس لإنهاء الانقسام و «الابتعاد عن الخطاب التضليلي وتزييف الحقائق». ودان الناطق باسم الحكومة أمس طارق رشماوي «حملة التضليل والتزييف التي تقوم بها حركة حماس وتحاول عبرها تضليل الرأي العام وحرف الأنظار عن السبب الحقيقي لتفاقم الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة». واعتبر رشماوي في تصريح صحافي أن «استمرار حال الانقسام، واستمرار حماس بممارسة سلطة الأمر الواقع، وعدم استجابتها لمبادرة الرئيس وتشكيلها ما يسمى اللجنة الإدارية لإدارة شؤون قطاع غزة، يشكل معيقاً أساسياً أمام الحكومة التي عملت جاهدة طيلة السنوات الماضية، وستظل تعمل من أجل كسر الحصار الظالم المفروض من قبل سلطات الاحتلال على القطاع». وأشار رشماوي الى أن «الحكومة تنفق ما يقارب 450 مليون شيكل شهرياً في قطاع غزة، بينما تقوم حركة حماس وسلطة الأمر الواقع في قطاع غزة بفرض الضرائب في شكل غير قانوني على المواطنين الفلسطينيين وجباية هذه الضرائب وجباية كل الإيرادات ولا تقوم بتحويل هذه المبالغ الى خزينة الحكومة الفلسطينية، بل بسرقة وقرصنة هذه الأموال». واتهم «حماس» بأنها «مارست طيلة سنوات الانقلاب كل أشكال الإرهاب على المواطنين الفلسطينيين في قطاع غزة عبر إنشاء محاكم غير قانونية وتنفيذ أحكام إعدام في شكل غير قانوني أيضاً، والاستيلاء على شاحنات الدواء التي تقوم وزارة الصحة بإرسالها للقطاع، وبيعها للمواطنين وتوزيع هذا الدواء على عناصرها». كما اتهم الحركة «بفرض رسوم على التحويلات الطبية التي تصدرها وزارة الصحة في شكل مجاني». واعتبر أن «هذه الممارسات وغيرها يعيق عمل الحكومة، ويؤدي إلى تفاقم الأوضاع في القطاع». وأشار رشماوي الى أن «القيادة والحكومة الفلسطينية ستتخذان كل الإجراءات المناسبة من أجل إنهاء حال الانقسام»، داعياً «حماس» الى «الاستجابة» لمبادرة عباس و «رؤيته لإنهاء الانقسام». ووصف عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية أحمد مجدلاني خطاب هنية أول من أمس بأنه «مرن في الشكل متصلب في الجوهر». كما وصف مجدلاني اتفاق (تفاهمات) حركة «حماس» مع القيادي المفصول من حركة «فتح» زعيم «التيار الإصلاحي» في الحركة النائب محمد دحلان ب «تحالف المأزومين». واعتبر أن «مرجعية الطرفين لا تسمح لهما بالذهاب بعيداً في ما اتفقا عليه». وقال مجدلاني لإذاعة «صوت فلسطين» أمس إن «الجانبين يحاولان عبر تفاهمات مشوهة الهروب إلى الأمام، سواء في ما يتعلق بالأوضاع المتأزمة في قطاع غزة، أو في معاداة القيادة الشرعية» برئاسة عباس. ورأى أن خطاب هنية «يبدو مرناً في الشكل؛ لكنه متصلب في الجوهر من خلال وضعه شروطاً، وتهربه من الالتزامات المترتبة على تنفيذ اتفاق المصالحة الموقع في القاهرة والاستجابة لمبادرة» عباس. في الأثناء، رحبت الجبهتان الشعبية والديموقراطية لتحرير فلسطين وحركة الجهاد الإسلامي بخطاب هنية. واعتبرت أن الخطاب حمل رؤية وطنية توافقية يمكن البناء عليها، وتمسك بثوابت الشعب الفلسطيني، والمقاومة والوحدة الوطنية، ومواجهة مشاريع التسوية الهادفة الى تصفية القضية الفلسطينية. ورأت أن الخطاب يمكن أن يشكل آليات عملية لإنهاء الانقسام، وإنجاز ملفات المصالحة وفق التفاهمات والاتفاقات الوطنية، بخاصة اتفاق القاهرة عام 2011. وكان لافتاً اشادة هنية بحركة الجهاد الإسلامي والجبهتين الشعبية والديموقراطية. كما أشاد هنية في خطابه، الأول منذ انتخابه رئيساً للمكتب السياسي قبل ثلاثة أشهر، كثيراً بمصر وقطر وتركيا وإيران والسعودية. ولم يأتِ هنية على ذكر عباس أو دحلان بالاسم.