رحبت الحكومة الفلسطينية بقرار لجنة التراث العالمي في «اليونيسكو» في دورتها الحادية والأربعين، المنعقدة حالياً بمدينة كراكوف في بولندا، اعتبار البلدة القديمة في القدس وأسوارها تراثاً فلسطينياً، داعية إلى الإبقاء عليه كما كان قبل احتلال المدينة عام 1967. وقال الناطق باسم الحكومة يوسف المحمود، في بيان له أمس، إن القرار «يؤكد زيف ادعاءات الاحتلال الإسرائيلي في شأن مدينة القدس العربية المحتلة، ويسقط مزاعم السيادة الإسرائيلية وبطلان وعدم شرعية كل ما نفذه الاحتلال فيها». وأضاف: «إن هذا القرار العالمي الجديد يتوج سلسلة قرارات سابقة تؤكد جميعها على زيف وتلفيق الرواية الاحتلالية، وينحاز إلى صدق الرواية العربية الفلسطينية وإلى الوضع الطبيعي والحقيقي لعاصمة دولة فلسطين وعاصمة روح الأمتين العربية والإسلامية، التي استعصت طوال تاريخها العميق على كل المحتلين والغزاة». وتبنت لجنة التراث العالمي التابعة ل «اليونيسكو» في قرارها المعنون باسم «بلدة القدس القديمة وأسوارها» والمعد من قبل الأردنوفلسطين والمقدم من المجموعة العربية، بغالبية كبيرة، إذ أيدته 10 دول وعارضته 3 دول. ولم تخف إسرائيل ممارسة العديد من الضغوط على الدول الأعضاء و «اليونيسكو» لإفشال مشروع القرار. وأكدت اللجنة في قرارها اعتماد 12 قراراً سابقاً للمجلس التنفيذي ل «اليونسكو» و7 قرارات سابقة للجنة التراث العالمي، وجميعها تنص على أن تعريف الوضع التاريخي القائم في القدس هو ما كان عليه تراث المدينة المقدسة قبل احتلالها عام 1967. وأعاد القرار تأكيد عدم شرعية أي تغيير أحدثه الاحتلال الإسرائيلي في بلدة القدس القديمة ومحيطها بعد احتلال القدس عام 1967 بخاصة بطلان الانتهاكات والنصوص القانونية التي بنيت على ما يسمى «القانون الأساس» الذي أقره الكنيست الإسرائيلي «لتوحيد القدس عاصمة دولة إسرائيل» عام 1980. وطالب القرار إسرائيل بإلغائها والتراجع عنها بحسب قرارات مجلس الأمن والأمم المتحدة وخصوصاً قرار مجلس الأمن الأخير 2334 (2016). وطالبت «اليونيسكو» في قراراها سلطات الاحتلال ب «الوقف الفوري» لجميع أعمال الحفريات غير القانونية، باعتبارها تدخلات صارخة ضد تراث القدس والأماكن المقدسة. وأعاد القرار التأكيد على إدانة اقتحامات المتطرفين وقوات الاحتلال للمسجد الأقصى باعتباره مكان عبادة للمسلمين فقط، وأن إدارته من حق الأوقاف الإسلامية الأردنية بحسب تعريف الوضع التاريخي القائم منذ قبل احتلال عام 1967. وأعاد التأكيد على قرارات سابقة طالبت سلطات الاحتلال بتسهيل تنفيذ مشاريع الإعمار الهاشمي في المسجد الأقصى، مع التشديد على وقف التدخل في مبنى باب الرحمة، باعتباره جزءاً لا يتجزأ من المسجد الأقصى. وطالب إسرائيل بالسماح غير المشروط لوصول السلطة المعنية والمتمثلة بخبراء الأوقاف الأردنية من أجل المحافظة على بلدة القدس القديمة وأسوارها من الداخل والخارج، بما في ذلك حق الوصول وترميم طريق باب المغاربة الذي يعتبر جزءاً لا يتجزأ من المسجد الأقصى. كما أعاد التأكيد على قرارات سابقة طالبت سلطات الاحتلال بوقف جميع مشاريع التهويد مثل «بيت هليبا» و «بيت شتراوس» والمصاعد الكهربائية والتلفريك الهوائي والقطار الخفيف الذي يمر بمحاذاة سور القدس، وإزالة آثار الدمار الناجم عن هذه المشاريع. وطالب سلطات الاحتلال بإعادة الآثار المسروقة، وتزويد مركز التراث العالمي في «اليونيسكو» بتوثيق واضح لما تمت إزالته أو تزوير تاريخه من آثار في بلدة القدس القديمة ومحيطها. ودان استمرار إسرائيل بمنع بعثة المراقبة وتعيين ممثل دائم لليونيسكو في شرق القدس لكتابة تقارير دورية حول حالة الحفاظ على تراث مدينة القدس وأسوارها والمخالفات التي ترتكبها سلطات الاحتلال بهذا الخصوص. ودعا مدير عام «اليونيسكو» ومركز التراث العالمي، لبذل كل الجهود والسبل الممكنة لتنفيذ قرارات وتوصيات «اليونيسكو» المتعلقة بالقدس، والإبقاء على «بلدة القدس القديمة وأسوارها» على قائمة التراث العالمي المهدد بالخطر كموقع مسجل من قبل الأردن عام 1981. وأشاد مجلس وإدارة أوقاف القدس ومفتي القدس والهيئة الإسلامية العليا بموقف لجنة التراث العالمي التابعة لليونيسكو. وقال المتحدث باسم الحكومة أن كل محاولات الاحتلال لطمس معالم مدينة القدس باءت بالفشل، على رغم الإمكانات الهائلة التي يسخرها منذ نصف قرن للاستيلاء على مدينة القدس، وعلى رغم كل الخطوات والإجراءات غير المسبوقة التي اتخذها ويتخذها بحق المواطنين المقدسيين وبحق المدينة وتاريخها العربي الضارب في القدم.