أكدت تقارير اقليمية ان الظروف الاقتصادية والعالمية المتمثلة في ضيق الأفق الاستثماري والضبابية، إضافة إلى عوامل تتعلق بالصحة العامة جراء انتشار مرض «أنفلونزا الخنازير»، غيرت خريطة السياحة العربية، ومن شأنها توجيه الاستثمارات العربية والخليجية صوب الاستثمار في المناطق الأقرب. وأشار تقرير اصدرته مؤسسة «المزايا القابضة» امس، الى أن العوامل السابقة مجتمعة «تدعم حظوظ دول عربية مثل سورية، التي ساهمت التشريعات والقوانين الجديدة، وتوافر عوامل اقتصادية وديموغرافية مواتية، في وضعها في صدارة اهتمامات المستثمرين العرب والخليجيين، إذ عملت الحكومة السورية على تشجيع هذه الاستثمارات من خلال تعديلات شاملة لكل التشريعات والقوانين بهدف خلق مناخ استثماري ايجابي. وسلط التقرير الضوء على الفرص الاستثمارية في سورية، مشيراً الى ان دمشق تحتاج إلى استثمار عشرات بلايين الدولارات في القطاع العقاري، سواء للأغراض السكنية أو التجارية أو السياحية أو التجزئة وغيرها، اذ أفادت هيئة الاستثمار السورية أن الاستثمارات الخليجية في سورية تأتي في مقدم الاستثمارات الخارجية. وتتنافس شركات عربية خليجية كبرى على مشاريع استثمارية ضمن قطاعات متعددة تشمل المصارف والبنوك والقطاعين الصناعي والزراعي، والاستثمار في السياحة والعقار والطاقة. وأعلنت هيئة الاستثمار السورية فتح كل مجالات الاستثمار أمام المستثمرين في القطاعات كافة، من ضمنها البنية التحتية، مثل الطرق والسكك الحديد والكهرباء. وبيّن تقرير «المزايا القابضة» أن الإصلاحات التشريعية في سورية الهادفة الى جذب الاستثمارات، هي امتداد للقوانين التي صدرت قبل سنوات، ومرتبطة بقانون تشجيع الاستثمار (رقم 10) لعام 1991 وتعديلاته، التي سمحت للمستثمر الأجنبي بتملك الأراضي والعقارات، وصولاً إلى إقرار قانون هيئة عامة للتطوير والاستثمار العقاري، اذ أصدر الرئيس السوري بشار الأسد في 2008، قانوناً يقضي بإنشاء الهيئة العامة للتطوير والاستثمار العقاري التي تهدف إلى تنظيم أعمال القطاع العقاري. وأشار الى ان الهيئة العامة للتطوير والاستثمار العقاري، تهدف إلى تنظيم التطوير العقاري وتشجيع الاستثمار في هذا المجال وتفعيل دور القطاع الخاص، وجذب الاستثمارات العربية والأجنبية والمساهمة في إمداد قطاع الإسكان والتعمير بما يلزم من الأراضي المعدة للبناء وإقامة مدن وضواحٍ سكنية متكاملة. غير ان «المزايا القابضة» أكدت ان اللوائح والشروط لا تزال تحتاج إلى مزيد من الوضوح. ومع تدفق الاستثمار غير السوري خصوصاً من دول الخليج، ارتفعت أسعار العقارات والإيجارات في شكل كبير في سورية بعد ارتفاع الطلب وسط قلة المعروض. وساهم النمو السكاني في تنمية الطلب على العقارات في سورية، اذ ازداد عدد سكانها منذ 1960 أكثر من ثلاثة أضعاف، وساهمت الهجرة من الريف، في تعزيز الطلب على العقارات في المدن. وتشير تقديرات إلى أن عدد سكان سورية سيصل إلى أكثر من 30 مليون نسمة في 2025، ولفت التقرير الى أن الأسباب المذكورة أدت إلى تفاوت في أسعار العقارات بين دمشق وريفها، وغيرها من المدن السورية. السكن العشوائي ولاحظ التقرير أن ظاهرة السكن العشوائي لا تزال تؤرق المسؤولين السوريين، اذ يُقدر أن العشوائيات بدأت بالانتشار مع انتشار الهجرة الداخلية، بخاصة من الريف إلى المدن الكبرى، بسبب غياب خطط التنمية في الريف، ومشاريع ومنشآت إنتاجية توفر فرص العمل والمعيشة. وينظر إلى مناطق السكن العشوائي المحيطة بمدينة دمشق والمتداخلة معها، على أنها الأماكن المناسبة لتطبيق فكرة التطوير العقاري نظراً الى المساحة الكبيرة التي تشغلها هذه المناطق من جهة، وللحاجة الماسة إلى تطويرها وتحويلها إلى أحياء سكنية حديثة ويتصف السكن العشوائي بأنه لا يتقيد بأنظمة البناء والملكية، سواء من خلال السجلات العقارية أو من خلال التوثيق القضائي أو عبر عقود بيع موثقة عند كاتب العدل أو عقود بيع عرفية، وقد تكون مقامة على أملاك الدولة أو الوحدات الإدارية. السوريون في الخارج من جانب آخر، رصد تقرير «المزايا» تنامياً في رصد السلطات السورية احوال العاملين السوريين في الخارج خصوصاً مع تسريح الكثير منهم نتيجة لأزمة المال العالمية، وخصوصاً العاملين في دول الخليج، لارتباط تحويلات العاملين السوريين الوثيق بالتنمية في سورية ومخاوف من عودة الآلاف منهم، ما قد يزيد أزمة البطالة ويعمقها. وقدّر صندوق النقد العربي حجم تحويلات السوريين العاملين في الخارج إلى بلادهم ب850 مليون دولار في 2008، ما يضع سورية في المرتبة التاسعة عربياً من بين 10 دول تستقبل التحويلات. غير أن دراسة ل «بنك الاستثمار الأوروبي» أكدت انخفاض تحويلات السوريين وتراجع مشاركتها في الناتج المحلي الإجمالي إلى 6 في المئة فقط. وتشير توقعات وكالة الأنباء السورية الرسمية، إلى تسريح 50 ألف عامل سوري هذه السنة من الخليج وحده، لكن يُعتقد أن هذه التوقعات هي مجرد تكهنات. وتشير التقديرات الرسمية الى ان معدل البطالة لا يتجاوز 8 في المئةً.