ارتفعت أسعار النفط إلى أعلى مستوى في أسبوعين أمس، لتواصل صعودها للجلسة السادسة على التوالي بعدما أظهرت البيانات الأسبوعية انخفاض الإنتاج الأميركي، ما قلص المخاوف بشأن زيادة الفائض في المعروض. وانخفضت أسعار الخام إلى أدنى مستوى لها في عشرة أشهر الأسبوع الماضي، لكنها ارتفعت منذ ذلك الحين أكثر من سبعة في المئة لتواصل أطول موجة ارتفاع منذ نيسان (أبريل). وارتفعت العقود الآجلة لخام القياس العالمي مزيج «برنت» 33 سنتاً إلى 47.64 دولار للبرميل بعدما لامست أعلى مستوى في أسبوعين عند 47.83 دولار في وقت سابق من الجلسة. وارتفعت أسعار خام غرب تكساس الوسيط الأميركي 32 سنتاً إلى 45.06 دولار للبرميل. وسجل الخام أعلى مستوى خلال التعاملات عند 45.24 دولار وهو أيضاً أعلى مستوى في أسبوعين. وأظهرت بيانات حكومية أميركية أول من أمس، أن إنتاج الخام المحلي انخفض 100 ألف برميل يومياً إلى 9.3 مليون برميل الأسبوع الماضي في أكبر هبوط منذ تموز (يوليو) 2016. ويؤكد بعض المحللين والمتعاملين أن الانخفاض يرتبط بعوامل موقتة مثل الأخطار المرتبطة بالعاصفة المدارية «سيندي» في خليج المكسيك وأعمال صيانة في ألاسكا. وتجاهل المستثمرون أنباء سلبية تتمثل في ارتفاع مفاجئ يبلغ 118 ألف برميل في مخزون الخام الأميركي، وفقاً لما أظهرته البيانات الأسبوعية. ولا تزال إمدادات النفط العالمية وفيرة على رغم خفوضات الإنتاج التي تعكف عليها «منظمة البلدان المصدرة للبترول» (أوبك) ومنتجون آخرون بواقع 1.8 مليون برميل يومياً منذ كانون الثاني (يناير). إلى ذلك، أكد وزير الطاقة الإماراتي سهيل بن محمد المزروعي، أمس أن «لا حديث عن مزيد من الخفوضات في إنتاج المنظمة وحلفائها على رغم بطء وتيرة تراجع المخزون». وقال للصحافيين على هامش مؤتمر في باريس: «أعتقد أن دول أوبك والبلدان غير الأعضاء التي انضمت إلينا قامت بدورها، وننتظر من الآخرين أن يقوموا بدورهم أيضاً». وأضاف: «لسنا قلقين في شأن تعافي السوق». وأشار إلى أن «الإنتاج الإضافي من بعض المنتجين يؤخر التعافي بالطبع، لكنني أعتقد أن ذلك لن يدوم طويلاً». وأمل في «تسجيل مزيد من التعافي في الربعين الثالث والرابع»، مؤكداً وجود «تصحيح، ولكن بوتيرة أبطأ قليلاً من المتوقع. نحن في أواخر الربع الثاني ودائماً ما يقلّ فيه الطلب. سنشهد تسارعاً في الطلب خلال الربعين الثالث والرابع ونأمل في الوصول إلى سوق أكثر توازناً». وفي السياق ذاته، أكد مصدر مطلع في قطاع النفط في ليبيا لوكالة (رويترز) أمس، أن إنتاج البلد من الخام يتراوح بين 950 ألف برميل وما يقرب من مليون برميل يومياً، ارتفاعاً من نحو 935 ألف برميل يومياً في وقت سابق من هذا الأسبوع. وقال المصدر، إن الإنتاج متقلب لأسباب في مقدمها وجود «مشاكل فنية وأخرى متعلقة بتوليد الكهرباء». إلى ذلك، أكد إقليم كردستان العراق أمس، أن مشتري نفطه أبلغوه بأن تلك المشتريات لا تذهب إلى الولاياتالمتحدة، في وقت يسعى الإقليم شبه المستقل إلى تجنب التوترات مع الحكومة المركزية في بغداد. ولطالما عارضت بغداد صادرات النفط المستقلة من الإقليم وتمكنت من وقف ناقلات نفط كانت متوجهة إلى السوق الأميركية قبل سنوات. لكن الحكومة المركزية خففت معارضتها لصادرات الخام الكردية خلال العام الماضي، في الوقت الذي تحارب بغداد وأربيل معاً تنظيم «الدولة الإسلامية». وقال وزير الموارد الطبيعية في حكومة الإقليم أشتي هورامي لوكالة «رويترز» عقب تقارير إعلامية تفيد بأن خاماً كردياً في طريقه إلى السوق الأميركية للمرة الأولى منذ عام 2014، إنه «استفسر من مشتري نفطنا، وتلقيت تأكيدات بأن لا شُحنات في طريقها إلى الولاياتالمتحدة». وتبيع أربيل النفط في أوروبا وآسيا عبر شركات تجارية، وتبيع الخام مباشرة إلى «روسنفت» الروسية لكن أياً من نفطها لم يصل إلى الولاياتالمتحدة، وهي سوق تصدير رئيسة لبغداد. وحين أبحرت ناقلة النفط «نيفرلاند» عبر جبل طارق الأسبوع الماضي وهي تحمل خاماً كردياً على متنها، بدا أنها متجهة عبر المحيط الأطلسي. وقال هورامي: «ربما يخزّن النفط أو ينقل إلى أماكن أخرى، لكن ليس الولاياتالمتحدة»، مضيفاً أن حكومة إقليم كردستان تبيع نفطها على أساس تسليم ظهر السفينة، ومن ثم فإنها لا تتعامل بشكل مباشر مع المشترين النهائيين. وقال هورامي: «لا نية لدينا لإثارة غضب بغداد. تتمثل سياستنا في مناقشة المشاكل وحلّها وعدم التسبب في عقبات جديدة»، مضيفاً أن «المناقشات المشتركة بشأن زيادة الإنتاج والصادرات والتكرير وتوليد الكهرباء مستمرة». ولفت هورامي إلى «أنه حوار بناء (...) طلب رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي تشكيل لجنة تعاون سوياً ونأمل في أن نراهم قريباً في أربيل من أجل جولة محادثات جديدة».