أبرمت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي اتفاقاً مع الحزب الوحدوي الديموقراطي في إرلندا الشمالية، لدعم حكومة الأقلية التي تقودها، في مقابل تمويل إضافي ببليون جنيه استرليني لبلفاست. وامتدت المفاوضات لأكثر من أسبوعين، بعدما خسرت ماي الغالبية في مجلس العموم (البرلمان)، اثر مقامرة فاشلة على انتخابات مبكرة نُظمت في 8 الشهر الجاري، لتعزيز موقفها قبل بدء مفاوضات الانسحاب من الاتحاد الأوروبي (بريكزيت). واحتاجت ماي إلى دعم الحزب الوحدوي الديموقراطي لتشكيل حكومة، إذ لم يعد لحزب «المحافظين» الذي تتزعمه سوى 317 من 650 مقعداً، ما قد يعرّضه لرفض مشروعه أو للتصويت بسحب الثقة. وسيدعم الحزب الوحدوي الديموقراطي، بنوابه العشرة، حزب «المحافظين» لإبقاء حكومته في الحكم، ولكن ليس كشريك في الائتلاف. لكن أعضاء بارزين في حزب «المحافظين» يعربون عن قلق من إبرام اتفاق مع الحزب الوحدوي الديموقراطي، منبّهين إلى أن ذلك قد يعرّض التسوية السلمية في إرلندا الشمالية التي أبرمت عام 1998، لخطر. وترأست ماي وزعيمة الحزب الوحدوي الديموقراطي أرلين فوستر مراسم توقيع الاتفاق، في مقرّ رئاسة الوزراء في 10 داوننغ ستريت في لندن. وابتسمت السيدتان وتبادلتا المزاح، فيما وقّع مفاوضان من الجانبين الاتفاق الذي يستمر حتى انتهاء ولاية البرلمان عام 2022. وقالت ماي: «أرحّب بالاتفاق الذي سيمكننا من العمل معاً لمصلحة المملكة المتحدة برمتها، ويعطينا التيقن المطلوب مع بدئنا الخروج من الاتحاد الأوروبي، ويساعدنا في بناء مجتمع أكثر قوة وعدالة في الداخل». وأشارت فوستر إلى أن الاتفاق ينصّ على حصول إرلندا الشمالية على بليون جنيه استرليني إضافي في السنتين المقبلتين، لافتة إلى أن هذا المبلغ «سيعزّز الاقتصاد والاستثمار في البنى التحتية الجديدة وفي قطاعَي التعليم والصحة». وأضافت أن الاتفاق قد يساهم في إبرام اتفاق ثانٍ في شأن تقاسم السلطة في الإقليم. وفي مقابل موافقة ماي على زيادة الإنفاق على إرلندا الشمالية، وافق الحزب في الإقليم على دعم رئيسة الوزراء في عمليات تصويت برلمانية في شأن الموازنة، وكل جوانب الانسحاب من الاتحاد الأوروبي والأمن القومي والخطة التشريعية في شكل عام. ويتيح الاتفاق لماي تمرير تشريعات بدعم الحزب في البرلمان، وأن تبقى في الحكم فيما تحاول التفاوض على خروج بريطانيا من الاتحاد. لكن موقفها ما زال مضطرباً، إذ أن استراتيجيتها للانفصال تخضع لتدقيق ومستقبلها رئيسة للوزراء هو محور جدل عام. واتهم زعماء اسكتلندا وويلز ماي بإضعاف العلاقات داخل المملكة المتحدة، من خلال «رمي المال» على وحدويّي إرلندا الشمالية لدعم حكومتها، منبّهين الى أن ذلك قد يعرّض المملكة لخطر. وقال رئيس وزراء ويلز كاروين جونز من حزب العمل: «الصفقة تشكّل طعنة للحفاظ على رئيسة وزراء ضعيفة وحكومة متعثرة. أن تعتقد رئيسة الوزراء بأنها يمكن أن تؤمّن مستقبلها السياسي، من خلال رمي المال في إرلندا الشمالية، في حين تجاهل تماماً بقية المملكة المتحدة، أمر مشين». واعتبر أن ذلك يتعارض مع «التزام ببناء دولة أكثر اتحاداً، ويضعف أكثر المملكة المتحدة». ونددت رئيسة الوزراء في اسكتلندا نيكولا سترجين ب «صفقة مشؤومة»، معتبرة أن «المحافظين أظهروا أنهم لن يتورّعوا عن أي شيء من أجل الاحتفاظ بالسلطة، ولو عبر التضحية بالمبادئ الأساسية جداً لنقل السلطة». أما رئيسة حزب العمال في اسكتلندا كيزيا دوغديل فدعت الى التزامات تمويل متساوية للإقليم من الحكومة البريطانية، وزادت: «من خلال محاولة تأمين مستقبلها، عبر رمي المال في جزء من المملكة المتحدة، تهدد صفقة رئيسة الوزراء بإضعاف الروابط التي توحّد المملكة المتحدة، وتبيّن أن خطابها حول مستقبل (المملكة) فارغ».