جدال وآراء متناقضة، أعقبت عرض المسلسل السوري «وراء الشمس»، عاكسة حجم المشاهدة الكثيفة، وطبيعة الموضوع الذي تناوله المسلسل. «وراء الشمس» بهذا المعنى حقق نجاحاً لافتاً ونال صانعوه جوائز يستحقونها من أكثر من جهة، خصوصاً أنه يتناول جوانب من حياة فئة اجتماعية ظلّت الدراما التلفزيونية بمنأى عنها، ونعني ذوي الاحتياجات الخاصة، وبالذات مرضى «التوحُد»، الذين رأيناهم في العمل من خلال شخصية «بدر» التي جسدها النجم بسام كوسا باقتدار. في العمل خط آخر، مهم بل أساسي، هو الذي تناول موضوع عائلة تستعد لاستقبال طفل معاق، رأيناه سبباً لجدل عاصف وصل الى الطلاق بين الزوجة التي تصرُ على المحافظة على الجنين، وبين الزوج الذي كان يطالب بإلحاح بإجهاضه. هنا بالذات لا تتعلق المسألة بالعواطف بمقدار ما تتعلق بالواقعية، التي نراها قد فارقت تصرفات الزوجة الأم، والتي على رغم معرفتها بأن الإجهاض قبل تكوّن الجنين مسموح به شرعاً وقانوناً، إلا أنها أصرت على رفضه، وعلى استكمال الحمل حتى الولادة. واقعياً هو موقف غير مفهوم، ولا نراه منطقياً، بل نغامر أكثر بأن نقول اننا لا نقع على مثله عادة في حياتنا الاجتماعية. يبدو موقف الزوجة خياراً انتقائياً لكاتب العمل، وهو في تقديري أقرب الى التشدد الأصولي أكثر منه الى الواقع الحقيقي. بهذا المعنى أربك الخط الدرامي السياق الدرامي للعمل بمجمله، وأدخله وأدخلنا معه كمشاهدين في ارتباكاته على نحو وجدنا أنفسنا أمام قضية افتراضية لو حدثت فعلاً فإنها لن تكون أكثر من خيار فردي معزول لا يمثل حالة اجتماعية. يبقى أن «وراء الشمس» تجشّم الصعب، وتناول إحدى القضايا المسكوت عنها، ويبقى له أيضاً ذلك الأداء الساحر للنجم بسام كوسا الذي رأيناه في واحد من أجمل أدواره وأكثرها براعة.