أبدت الدول ال27 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي خيبتها من عرض بريطاني في شأن حقوق الرعايا الأوروبيين في المملكة المتحدة اعتبرته «دون المتوقع»، كما وصفت ب «غير المعقول» إصرار بريطانيا على استبعاد محكمة العدل الأوروبية من البت في قضايا هؤلاء الرعايا الذين يناهز عددهم الثلاثة ملايين نسمة. وبحثت القمة الأوروبية في اجتماعها في بروكسيل أمس، في ملفات مكافحة الإرهاب والهجرة والدفاع المشترك. وتوصلت إلى عدد من التفاهمات في شأن «التعاون الهيكلي الدائم» في مجال الدفاع، للاضطلاع بمهمات مشتركة في الخارج، وإنشاء صندوق دفاع ببلايين اليورو لتمويل الأبحاث وتطوير القدرات العسكرية المشتركة للقارة . وأكد رئيس المجلس الأوروبي دونالد تاسك أن حقوق المواطنين الأوروبيين تتصدر أولويات المفاوضات مع بريطانيا حول انسحابها من الاتحاد (بريكزيت)، باعتبار ذلك «يؤثر سلباً في أوضاعهم». ورأى أن ما قدمته رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي «دون المتوقع. وإذا قارنا مستوى حقوق الرعايا الأوروبيين مع ما قدمته رئيسة الحكومة، فإننا نستنتج تقليصاً في حقوقهم». وكانت ماي قدمت الى قادة الاتحاد ليل الخميس – الجمعة، تحليلاً للوضع السياسي في بريطانيا ومقاربتها مفاوضات الخروج، بدءاً بمسألة الحقوق الرئيسية. وقالت إنها أعدت «عرضاً عادلاً وجدياً للرعايا الأوروبيين الذين يعيشون في المملكة المتحدة». وأوضحت أن الحكومة ستقدم تفاصيل العرض يوم الاثنين المقبل. وتزامن العرض البريطاني مع الذكرى الأولى لاستفتاء بريطانيا على الطلاق مع الاتحاد. وقارن المتابعون بين الرصيد السياسي القوي لماي لدى توليها رئاسة الحكومة غداة الاستفتاء في 23 حزيران (يونيو) 2016، وبين وضعها الهزيل حالياً، بعدما فقد حزبها الغالبية وبات رهينة تحالف هش مع حزب «الوحدويين» الإرلنديين. ولا يستبعد مراقبون احتمال أن يؤدي الضغط السياسي داخل حزب المحافظين وفي صفوف الرأي العام، إلى استقالة ماي بعد أشهر قليلة. وأبدت رئيسة الوزراء البريطانية رغبتها في «طمأنة مواطني الاتحاد الأوروبي الذين يقيمون في المملكة المتحدة وبنوا حياتهم فيها»، إلى أن «أحداً لن يطلب منهم المغادرة ولا نريد تشتيت عائلات». وشددت على تبديد الغموض في شأن مستقبل هؤلاء في المملكة المتحدة في مقابل وضوح بالنسبة إلى مستقبل الرعايا البريطانيين المقيمين في دول الاتحاد. وأوضحت مصادر ديبلوماسية أن بريطانيا تريد تحديد تاريخ تفعيل المادة 50 من المعاهدة الأوروبية في 29 آذار (مارس) 2017، موعداً فاصلاً بين فئة المقيمين وفئة الوافدين، خلال «فترة السماح» التي تمتد طيلة مدة المفاوضات حول «بريكزيت». ورفض قادة الاتحاد الأوروبي الخوض في تفاصيل الاقتراح البريطاني، لأن المفاوضات في هذا الشأن تجرى في نطاق آخر ويقودها المفوض الأوروبي السابق ميشال بارنييه. وقال رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر، إن «القمة ليست مجالاً للتفاوض، لكن استبعاد بريطانيا محكمة العدل الأوروبية غير معقول». واعتبرت المستشارة الألمانية أنغيلا مركل انطلاق المفاوضات في مطلع هذا الأسبوع «بداية إيجابية»، مشيرة إلى «العديد من المسائل المتصلة بها، مثل الالتزامات المالية وحدود إرلندا». وقالت: «أمامنا الكثير». وشدد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على ضرورة إمهال رئيس الوفد التفاوضي ميشال بارنييه للقيام بدوره. وركز ماكرون على «أهمية وحدة الدول الأعضاء ال27» ومرجعيتها، إذ من المقرر أن يعود إليها بارنييه مرة في الشهر، «فيما يركز القادة جهودهم لتبديد التحديات الكثيرة التي تعترض المسار الأوروبي».