يتّجه النفط الصخري الأميركي إلى البروز مجدداً على الساحة العالمية، إذ بدأ مسؤولو القطاع، في أعقاب قرارات دول منظمة «أوبك» تقليص الإنتاج، تنفيذ عمليات التكسير والحفر واستخراج النفط في شكل يصفه السويسريون بأنه «جنوني وعشوائي»، أدى الى زيادة الإنتاج النفطي الأميركي إلى مستويات قياسية. وتراهن الإدارة الأميركية على زيادة إنتاجها النفطي العام المقبل إلى 10 ملايين برميل يومياً، وهذه استراتيجية يصفها خبراء الطاقة في سويسرا بال»انتحارية» بكل معنى الكلمة. وصحيح أن الولاياتالمتحدة قد تنتصر، على صعيد إنتاج النفط، لكن مجموعة من الشركات الأميركية التي ساهمت في ولادة النفط الصخري، سيكون مصيرها مجهولاً. ولا يمكن القول إن أوضاع الأسواق النفطية الأميركية مستقرة، فنسب الفوائد الأميركية ترتفع تدريجاً، ما يعني أن سعر برميل النفط بدأ يتراجع من جهة، كما أن كلفة الإنتاج النفطي الأميركي بدأت ترتفع من جهة ثانية، علماً أن السياسة التقشفية النقدية التي تبناها مجلس الاحتياط الفيديرالي أخيراً، تعتبر ظاهرة مشوبة بالخطر على منتجي النفط الصخري الأميركي بما أن معظمهم من الحجم الصغير أو المتوسط، وغارقين في بحر من الديون. لذلك، يرى باحثون سويسريون أن عدداً قليلاً منهم سيتمكن من الاستمرار. ولا شك في أن أسطورة النفط الصخري الأميركي ستكون هجومية الطابع ولن تشهد أفولاً إلا بعد وقت طويل. ويتوقع أن تترك الشركات الصغيرة والضعيفة مالياً، مكانها للشركات النفطية العملاقة، مثل «شيفرون» و»إكسون موبيل» و»كونوكو فيليبس» و»رويال داتش شل»، التي تتمتع بفائض مالي ضخم، والتي في الوقت ذاته تنجح في دخول أسواق رؤوس الأموال بكلفة زهيدة. ولافت أن هذه الشركات العملاقة بدأت توجيه جزء من استثماراتها داخل النفط الصخري. ويراقب محللون سويسريون ما يحصل على صعيد نسب الفوائد الأميركية، التي ارتفعت مرتين منذ كانون الأول (ديسمبر) الماضي، لتصل إلى 1 في المئة. وعلى رغم البيانات الضعيفة نتيجة موجة التضخم المالي، إلا أن مجلس الاحتياط مصمم على المضي قدماً في آلية رفع نسب الفوائد، التي قد تصل العام المقبل إلى 2 في المئة، ما يقلق الدول الأوروبية على الصعيدين المالي والطاقوي. ولفت خبراء النفط في مدينة زيوريخ، إلى أن المستثمرين السويسريين يبدون اهتماماً زائداً بما يحصل من مد وجزر في أعمال النفط الصخري. ومنذ مطلع نيسان (أبريل) الماضي، قررت أكبر 8 صناديق تحوط في العالم، ومن ضمنها صندوق تحوط سويسري، خفض استثماراتها بمعدل 400 مليون دولار لدى شركات استخراج النفط الصخري المتمركزة في المنطقة الغنية بالنفط في حوض بيرميان.