التقطت قناة «الجزيرة» خيط شرارة البوعزيزي قبل قناة «العربية» بأيام وتمسكت به - وهو ما جرى نفسه تقريباً عند متابعة ويكيليكس - اعتمدت «الجزيرة» على الإنترنت بالصور والاتصالات، من خلال برامج لها ولرديفتها «مباشر» كانت «الجزيرة» وطّدت علاقتها بالأفراد، ليصبح لها متطوعون بلا حدود في الشوارع العربية، يستند هذا إلى إرث ناتج من اهتمامها السياسي الخاص «بالحصاد المغاربي»، لذلك لم يكن مستغرباً أن تجري مسحاً سريعاً للانطباعات عن ثورة تونس خصت بها شوارع عربية من دون أخرى. لحقت قناة «العربية» متأخرة وبتردد، لكنها نجحت في الوصول إلى منزل الشاب محمد البوعزيزي، منزل فقير وأسرة بسيطة وأم وأخوات مكلومات، بكاء الأم وألمها بالمصاب لم يمنعاها من التسليم لأمر الله تعالى، قالت إن ابنها كان حريصاً على كرامته لتؤكد ببساطتها أن قهر الرجال قنبلة خطرة. إضافة إلى ثورة الاتصالات والشبكات الاجتماعية على الإنترنت، أزعم أن للفضائيات دوراً في التسريع بأحداث تونس، وفي تقديري الشخصي أن لقناة «الجزيرة» الدور الأول من بين الفضائيات العربية، خصوصاً أنها لم تلتفت كثيراً الى اعتراضات النظام السابق على أسلوبها في التغطية بداية الأحداث، كان يريد التعتيم ما أمكن، في حين كانت تمارس مهمتها. إذا عدنا إلى أحداث إيران سنتذكر أن «العربية» هي من التقط الخيط وتمسك به، في حين أهملته «الجزيرة»، وكأنه شيء لم يكن، فهو ليس من أولوياتها. تعتمد الفضائيات حين عدم توافر الأخبار المصورة على الاتصالات الهاتفية، مع إعادة مشاهد لأحداث سابقة، وأثر هذا معروف في الشارع، خصوصاً في الأزمات. استمرت قناة «الجزيرة» في شد الخيط، حتى مع تزايد نداءات استغاثة تبث في قنوات تلفزة تونسية من رجال ونساء يستنجدون من عصابات وسرقات واعتداءات. لقد تغيّرت الأوضاع، لكن الفضائيات نهمة للمثير، من اللافت (صباح أمس) أن أحد وجوه المعارضة التونسية أشار إلى حاجة تونس الحالية إلى الأمن والهدوء، وطالب قناة «الجزيرة» بدور في ذلك، فما كان من المذيعة إلا وقاطعته، لتغيّر مجرى الحديث، فالمهم للفضائيات ليس بالضرورة أن يتطابق مع المهم للمشاهدين. موجة المقهور محمد البوعزيزي اكتسحت الرئيس والنظام. بدلاً من فخامة الرئيس أصبح الرئيس المخلوع، وامتدت الموجة الى دهاليز سياسية عربية، فتم خفض ضرائب في دول، وإيقاف قرارات رفع أسعار في أخرى، وزيادة معونات تدفئة في ثالثة، كل هذا يحسب بعد الله تعالى للبوعزيزي، فأدعو له بالرحمة ولأمه وأخواته بالصبر. www.asuwayed.com