رسمت أميركا وروسياوإيران خطوطها الحمر الجديدة على أرضية الصراع في سورية، مع تصعيد غير مسبوق للمواجهة بينها على جبهات الحرب السورية، وسط تنافس حاد على «تركة داعش»، خصوصاً في الرقة والبادية السورية. ووسط مخاوف من مواجهة عسكرية مباشرة بين واشنطنوموسكو، عقب إسقاط أميركا طائرة حربية للجيش السوري من طراز سوخوي- 22 في ريف الرقة الجنوبي، أعلنت الولاياتالمتحدة أمس «إعادة تموضع» طائراتها فوق سورية لمواصلة استهداف «داعش» وضمان السلامة الجوية. وقال رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة الجنرال جوزيف دانفورد، إن الولاياتالمتحدة تعمل على استعادة خط اتصال مع روسيا في شأن مناطق «عدم الاشتباك» لتفادي وقوع حوادث تصادم عرضية فوق سورية. وردت موسكو بغضب على إسقاط الطائرة السورية، وقالت وزارة الدفاع الروسية في بيان إنها ستعتبر أي أجسام طائرة في مناطق عمل قواتها الجوية في سورية «أهدافاً»، وذلك في أوضح تهديد لها باستهداف الطائرات الأميركية. وقال نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف إن إسقاط الطائرة السورية «خطوة صوب تصعيد خطير»، وأضاف أن موسكو تحذر واشنطن من استخدام القوة ضد القوات النظامية السورية، معتبراً الهجوم «عملاً عدائياً ودعماً للإرهابيين». ودافعت واشنطن عن إسقاط الطائرة، قائلة إن الخطوة كانت «دفاعاً عن النفس». وقال الناطق باسم القيادة المركزية للقوات الجوية الأميركية اللفتنانت جنرال داميان بيكارت: «نتيجة للمواجهات الأخيرة في ما يتعلق بالقوات الموالية للنظام السوري والقوات الروسية، اتخذنا إجراءات جريئة لتغيير مواقع الطائرات فوق سورية لمواصلة استهداف قوات داعش مع ضمان سلامة طاقمنا الجوي في ضوء التهديدات المعروفة في ساحة المعركة». وقالت واشنطن إن المقاتلة السورية كانت تسقط قنابل قرب «قوات سورية الديموقراطية»، فيما ذكرت دمشق أن الطائرة كانت في مهمة تستهدف عناصر تنظيم «داعش». ومع التقدم المضطرد في ريف الرقة الجنوبي، سيطرت القوات النظامية أمس على مدينة الرصافة الاستراتيجية، التي تقع على طريق رئيسي يؤدي إلى محافظة دير الزور وقرب حقول غاز ونفط مهمة. وباتت القوات النظامية و «سورية الديموقراطية» على تماس مع الخط المائي الممتد من نهر الفرات بين البوعاصي وشعيب الذكر بريف الطبقة الغربي، وصولاً إلى طريق الرصافة– الرقة. ويعتبر هذه التوسع تحدياً ل «التحالف الدولي» و «سورية الديموقراطية»، كون العمليات العسكرية للنظام تتركز على خطوط التماس مع «سورية الديموقراطية» في محيط الرقة. ونقلت وكالة «سبوتنيك» الروسية عن مصدر ميداني قوله إن القوات النظامية استعادت مدينة الرصافة «بدعم كبير تلقاه من الإسناد الجوي الروسي المكثف الذي رافق عملية الاقتحام». ووسط التوتر البالغ بينهما، اتهمت «سورية الديموقراطية» القوات النظامية بقصف مواقعها جنوب غربي مدينة الرقة في الأيام الماضية، وهددت بالرد إذا استمرت الهجمات. وحققت القوات النظامية تقدماً مهماً في ريف الرقة الجنوبي، وباتت تسيطر على نحو 1700 كلم مربع، من مساحة محافظة الرقة. وهي تسعى للسيطرة على كامل المناطق الممتدة من سبخة الجبول في ريف حلب الجنوبي الشرقي، وصولاً إلى طريق السخنة– تدمر، مروراً بريف حماة الشرقي وباديتي تدمر الشمالية والشمالية الغربية لتطويق «داعش». وإذا أتمت السيطرة على هذه المنطقة الحيوية من البادية السورية، فإن القوات النظامية تكون استعادت السيطرة على أكثر من 6 آلاف كلم مربع، تضم أكثر من 70 قرية وبلدة متوزعة بين أرياف حلب وحماة وحمص، ما سيقربها من الحدود الإدارية مع محافظة دير الزور، التي تسعى القوات النظامية إلى دخولها من ثلاث جهات هي جنوب الرقة ومنطقة البادية (وسط) فضلاً عن المنطقة الحدودية جنوباً. إلا أن تقدم القوات النظامية في هذه الجبهات الثلاث خلق توتراً مع التحالف الدولي الذي يدرب أيضاً فصائل سورية معارضة في منطقة التنف القريبة من الحدود العراقية والأردنية. في موازاة ذلك، حمل الهجوم الصاروخي الإيراني على مواقع «داعش» في دير الزور، وهي المرة الأولى التي تطلق فيها طهران صواريخ خارج حدودها منذ ثلاثين عاماً، رسائل عدة إلى خصوم إيران في المنطقة، إضافة إلى واشنطن، وأظهر قدرة طهران على استخدام قوتها العسكرية خارج حدودها. وأبلغت مصادر «الحياة» أن أمين مجلس الأمن القومي الإيراني علي شمخاني نوه أول من أمس بقرارات اتخذها المجلس كرد على قرارات الحظر التي اتخذها مجلس الشيوخ الأميركي في شأن القدرة الصاروخية الإيرانية، مشيرة إلى أن قرار استخدام الصورايخ الباليستية اتخذ في اجتماع للمجلس بمشاركة القيادة العامة للقوات المسلحة وقيادة الحرس الثوري. ورأت المصادر أن إيران أرادت إرسال ثلاث رسائل، الأولى تتعلق بالداخل الإيراني حيث وظف النظام الهجوم للإشادة بالقدرة العسكرية الإيرانية. والرسالة الثانية موجهة إلى الإدارة الأميركية و «قوات التحالف» التي هاجمت خلال الأيام الماضية مقار تابعة للقوات النظامية السورية تستخدمها قوات قريبة من إيران في جنوب سورية. وأرادت في الرسالة الثالثة، القول إن أهدافاً عدة تقع في مرمى منظومتها الصاروخية التي يتجاوز مداها 700 كيلومتر، وقد يصل إلى 1500 كيلومتر.