خطفت أسعار النفط المرتفعة الأضواء من «القمة العالمية لطاقة المستقبل» في دورتها الرابعة التي بدأت أمس في مركز أبوظبي الوطني للمعارض، فانقسمت الآراء بين المنتجين الذين يرون أن الأسعار الحالية «مناسبة»، وبين المستهلكين الذين رأوا أن مستويات الأسعار «تدعو إلى القلق». فيما رفع الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أمام القمة تحديات على العالم مواجهتها للتغلب على مشكلات التغير المناخي ونمو الطلب العالمي على الطاقة بمعدل 40 في المئة خلال 20 سنة. ورأى ولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان أن «العالم يواجه تحديات كبيرة على صعيد الطاقة والمياه وتغير المناخ والكثير من القضايا التي تطال بآثارها البشرية في كل أنحاء الأرض». وقال: «نظراً لجسامة هذه التحديات لا بد من تكاتف الجهود الدولية وتوحيدها من أجل التوصل إلى الحلول المنشودة». وأضاف: «على الوفود المشاركة في القمة من أنحاء العالم، مناقشة السبل الكفيلة بتحقيق استجابة دولية فاعلة سواء على صعيد السياسات والتشريعات أو على صعيد تشجيع الابتكارات والحلول التكنولوجية». أما بان فشدد على «ضرورة التعاون الدولي للحصول على موارد إضافية من الطاقة النظيفة والمستدامة»، داعياً الحكومات وصناع القرار في العالم إلى «المضي قدماً في الجهود الدولية لمواجهة التغير المناخي في ضوء عدم إحراز تقدم كبير في هذا المجال في قمة كانكون في المكسيك نهاية العام الماضي». وقال: «جهود الطاقة النظيفة تسهم في دفع عجلة الاقتصاد العالمي من خلال إيجاد وظائف، وبالتالي تعزيز الأمن والسلم العالميين». واعتبر «أن أبو ظبي باتت منصة مهمة للتعاون الدولي في مجال الطاقة المتجددة من خلال الأبحاث المتقدمة التي تنفذ في مدينة ومعهد مصدر للعلوم وتكنولوجيا الطاقة المتجددة، بمشاركة الخبرات العالمية التي تم استقطابها»، منوهاً ب «النمو الهائل الذي حققته الصين في مجال الطاقة المتجددة وباتت ثاني أكبر منتج لطاقة الرياح والألواح الشمسية في العالم». وتحدث الرئيس الباكستاني آصف علي زرداري، فدعا إلى «شراكة عالمية في مجال الطاقة المتجددة تشمل القطاعين العام والخاص وتكرس لخفض كلفة الطاقة المتجددة وتعزيز التعاون الإقليمي بخاصة بين منتجي الطاقة والدول المستهلكة». وقال: «نحن في حاجة أيضاً إلى إعادة النظر في النقاش حول الجدوى البيئية للمشاريع الكهرمائية ومحطات الطاقة النووية، آخذين في الاعتبار الكلفة العالية للنمو الحاد للكربون». وشدد على أن «حتمية النمو الاقتصادي وتنمية الاقتصادات النامية في دول مثل باكستان، يضفي مزيداًٍ من الإلحاح للبحث عن حلول للطاقة الملائمة والمستدامة والقليلة الكلفة». مؤكداً أن: «لا يمكن للدولة ولا القطاع الخاص إدارة هذا التحدي الهائل بمفردهما». وأبدى زرداري استعداد بلاده ل «العمل كمركز للطاقة»، موضحاً «أنها اتخذت مبادرات مهمة في هذا الصدد، ومستعدة لتشارك بخبرتها الآخرين في مجال توليد الطاقة من المحطات المائية والنووية، في إطار ضمانات الوكالة الدولية للطاقة المتجددة من خلال تقديم المساعدة التقنية والتعاون لمساعدة البلدان النامية على الإفادة من هذه المصادر المهمة للطاقة». وأشار إلى أن حكومته «بدأت تنفيذ مشروعين لتطوير الفحم النظيف، كما لديها إمكانات هائلة من الطاقة الكهرمائية، وتخطط لزيادتها من 33 في المئة إلى 65». وأوضح أن بلاده عازمة على «زيادة حصة مصادر الطاقة المتجددة إلى 6 في المئة بحلول عام 2020». وأكد رئيس ايسلندا اولافور رانغار غريمسون في كلمة أمام القمة أن «دول أفريقيا وآسيا وأميركا الجنوبية تؤدي دوراً قيادياً في مجال تعزيز تقنيات الطاقة المتجددة وتطويرها». وقال: «دول الجنوب هي التي تملك إمكان قيادة العالم في مجال تغيير الطاقة». وقال الرئيس التنفيذي ل «مصدر» سلطان الجابر: «من الضروري استخدام مزيج من مصادر الطاقة، منها الطاقة النووية السلمية»، داعياً إلى «مزيد من المنافسة في مجال إنتاج الطاقة المتجددة، ما من شأنه أن يحفز المكاسب على مستوى التكنولوجيا». وأكد أن «المنافسة تعزز الابتكار». النفط وأكد وزير الطاقة الإماراتي محمد بن ظاعن الهاملي أن «الإمدادات الحالية للسوق النفطية كافية لتلبية الطلب العالمي على النفط»، عازياً ارتفاع الأسعار إلى برودة الطقس في النصف الشمالي من الكرة الأرضية والمضاربات». وقال في تصريحات صحافية على هامش القمة، إن بلده العضو في منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) «تراقب تطورات السوق عن كثب»، مؤكداً أن «الأسعار الحالية للنفط الخام» مناسبة لاستمرار الدول المنتجة في برامج الاستثمار والتطوير في المشاريع النفطية وأوجه الطاقة المختلفة، وبناء طاقة إنتاجية تخدم هذا الغرض «في ضوء بروز مؤشرات على تعافي الاقتصاد العالمي». ورأى أن «أسعار النفط الحالية تتماشى مع أوضاع السوق، ولا حاجة إلى اجتماع طارئ ل «أوبك» لبحث زيادة الإنتاج. وقال: «هناك تعاف اقتصادي تدريجي وعلامات إيجابية، لكن ثمة حاجة إلى معرفة إن كان قابلاً للاستمرار». وقال المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية نوبو تاناكا في تصريحات على هامش القمة: «أسعار النفط الحالية تدعو إلى القلق»، مشيراً إلى أن «مخزون النفط الخام العالمي ما زال مرتفعاً لكنه يتناقص، كما أن الطاقة الإنتاجية الفائضة لمنظمة أوبك تتراجع».