وجدت الملكة إليزابيث الثانية نفسها في خضم مسلسل أحداث محزنة تعيشها بريطانيا، وسط اضطرابات بسبب هجمات إرهابية، وأزمة سياسية ناجمة عن ذيول قرار الخروج من الاتحاد الأوروبي، إضافة إلى كارثة حريق مروع في برج سكني غرب لندن، بدا أن السلطات تعمدت عدم الإفصاح في شكل صادم عن عدد الضحايا بعد ارتفاع الأصوات المنددة بتقصير رسمي أدى إلى الكارثة. وعلى رغم بلوغها التسعين من عمرها، اضطرت الملكة إلى النزول إلى الساحة والتوجه للقاء الناجين من كارثة البرج في محاولة لتهدئة الرأي العام الذي استقبلها بالترحاب. كما اضطرت الملكة في رسالتها التقليدية في عيد ميلادها أمس، إلى الإشارة إلى الأحداث الدراماتيكية في البلاد، خصوصاً بعد تصاعد الاحتجاجات في شكل يهدد باضطرابات. واعتبرت الملكة إليزابيث أن بلادها تمر بفترة من الكآبة الشديدة إلا أن شعبها صامد في وجه «مآس متعاقبة». وبعد ثلاث هجمات دامية شنها إسلاميون متشددون وحريق في برج سكني قتل العشرات في لندن، تعاني بريطانيا أيضاً من أزمة سياسية أضعفت رئيسة الوزراء تيريزا ماي قبل بدء محادثات على شروط خروج البلاد من الاتحاد الأوروبي. وقالت الملكة في رسالة يوم مولدها: «من الصعب تجاهل حال الكآبة العامة في الأمة، البلاد شهدت تعاقباً لمآس فظيعة». لكنها أضافت أنها تفاجأت خلال زيارات قامت بها أخيراً للضحايا من ميل الناس لتقديم المواساة والدعم للمحتاجين. وقالت: «صمدت المملكة المتحدة في وجه المحنة عندما تعرضت لاختبار، وكما نحن موحدون في حزننا فنحن عازمون بالقدر ذاته من دون خوف أو فضل على دعم كل من يعيدون بناء حياتهم التي تأثرت بفظاعة بالإصابة أو الفقد». وولدت الملكة إليزابيث يوم 21 نيسان (أبريل) 1926 في شارع بروتون وسط لندن عندما كان كالفين كوليدج رئيسا للولايات المتحدة وعندما سيطر جوزيف ستالين على الاتحاد السوفياتي. وأصبحت ملكة عام 1952 في سن الخامسة والعشرين. وعلى رغم بلوغها 91 سنة من العمر، لا تزال الملكة تؤدي واجباتها الرسمية لكنها قلصتها في السنوات الأخيرة. واعتادت الملكة أن تحتفل بعيد ميلادها مرتين، مرة في يوم ميلادها الفعلي في نيسان ومرة في احتفال عام يقام في السبت الثاني من شهر حزيران (يونيو) اتباعاً لتقليد قديم هدفه ضمان أن يكون يوم الاحتفال بعيداً عن تقلبات الطقس. في غضون ذلك، اقتحم مئات من المحتجين مبنى للبلدية في لندن الجمعة وهم يرددون «نريد العدالة»، بعد حريق في مبنى سكني أودى بحياة 30 شخصاً على الأقل، مع توقع تزايد الحصيلة لتتجاوز ال70 قتيلاً. واقتحم المحتجون البوابة الإلكترونية في مجلس بلدية كنزينغتون وتشيلسي وسعوا للصعود إلى الطابق العلوي. وقال صحافي من «رويترز»، إن الشرطة منعتهم من الصعود للطابق الثاني مما أسفر عن اندلاع اشتباكات. وهتف المحتجون «نريد العدالة» و «أخرجوهم» و «عار عليكم»، فيما ظل حشد كبير من الناس خارج المبنى. ويتنامى الغضب تجاه إدارة المبنى منخفض الإيجار حيث يريد سكان أجوبة في شأن كيف تمكن الحريق من الانتشار بهذه السرعة، ولماذا تم تجاهل شكاوى في شأن السلامة. وقالت شرطة لندن إن تحقيقاً بقيادة محقق من وحدة جرائم القتل والجرائم الكبرى سيفحص إن كانت مخالفات جنائية ارتكبت، علماً أنها قالت إنه لا يوجد ما يوحي بأن الحريق اندلع في شكل متعمد. وقال القائد في الشرطة ستيوارت كاندي، إنها تمكنت من انتشال رفات 12 ضحية فقط من المبنى. ومساء أول من أمس أيضاً، تم إخراج رئيسة الوزراء البريطانية تحت حراسة أمنية مشددة بعد مقابلة سكان يعيشون قرب البرج المنكوب في لندن بعدما ردد المحتجون الغاضبون من تعامل الحكومة مع الحادث هتافات ضدها. وتواجه ماي التي تتعرض بالفعل لضغوط عقب الإخفاق الانتخابي، انتقادات لعدم لقائها مع ضحايا الحريق سريعاً. وواجهت ماي انتقادات داخل حزب المحافظين الذي تقوده بسبب بطء تعاملها مع الحادث. وتعهدت الخميس بإجراء تحقيق في حريق مبنى الإسكان الاجتماعي الذي كان يقيم به حوالى 600 شخص. ومن المتوقع أن يرتفع عدد القتلى ولا يزال عشرات في عداد المفقودين.