أتى حريق هائل على برج سكني يتألف من 27 طابقاً في وسط لندن أمس، في كارثة لم يتضح على الفور حجمها، إذ اعتُبر عشرات مفقودين من سكان الطوابق العليا في البرج، فيما أحصي ستة قتلى وأكثر من 74 مصاباً بحروق أو نتيجة اختناق. وحاصرت ألسنة النار سكان البرج أثناء نومهم، ذلك أن الحريق شب بعد منتصف الليل في المبنى الذي يعرف ببرج غرينفيل في وايت سيتي، قرب محطة لاتيمير رود للقطارات وسوق «شبردزبوش» المعروف غرب لندن. وتوقعت شرطة «اسكتلنديارد» ارتفاع عدد القتلى في شكل كبير. وكشف أحد ناشطي المجتمع المحلي الذي يعمل على تحديد الضحايا أن أحداً لم ينج من سكان الطوابق العليا. وأضاف: «لدينا قائمة من المفقودين، هناك الكثير، ومن الممكن أن يكون هناك أكثر من 50 وربما مئات» من الضحايا. وفي ذروة الحريق، شوهد سكان محاصرون يرمون أنفسهم وأطفالهم من النوافذ لتجنب التعرض لألسنة اللهب، وقام آخرون بربط الأغطية لاستخدامها كحبال للفرار من المبنى الذي تستخدمه السلطات المحلية لإيواء من لا سكن لديهم. ويبدو أن كثيرين من السكان هم من المهاجرين الشرق أوسطيين. وأنقذ رجال الإطفاء أعداداً كبيرة من الأشخاص من المبنى الذي أقيم قبل 43 سنة واصبح ملجأ لمن لا يملكون سكناً، في جوار المناطق الراقية في حي كنزينغتون في الجهة الغربية للندن. وقالت شاهدة ل «رويترز»، إنها تخشى ألا يكون جميع السكان قد تمكنوا من الفرار من الحريق. وكان البعض قد خرجوا من المبنى بملابس النوم. وقال أحد السكان لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي): «نظرت من عدسة المراقبة في الباب وشاهدت الدخان في كل مكان وكان كل الجيران هناك. كان أحد رجال الإطفاء يصيح قائلاً انزلوا على السلم». وتابع: «عندما بلغنا الطابق الرابع كان الدخان كثيفاً للغاية. وعندما خرجنا نظرت إلى المبنى وكان الدخان يرتفع». وقال جودي مارتن الذي يقيم بالقرب من المبنى وسعى لإنقاذ الناس من الحريق: «كانت أجزاء من المبنى تتساقط من حولي. أحرقت ذقني قطعة معدن ساخنة سقطت من المبنى». وأضاف: «كنت أصيح بالناس قائلاً اخرجوا، وكانوا يصيحون قائلين: لا نستطيع الممرات ممتلئة بالدخان». وقال أحد الشهود إنه تم التقاط طفل قفز من الطابق التاسع أو العاشر من المبنى الذي يؤوي حوالى 600 شخص. وتدخل حوالى 200 من رجال الإطفاء الذين وصلوا إلى البرج فى غضون ست دقائق من مكالمة هاتفية لأجهزة الطوارئ، لكنهم وجدوا أن الحريق كان في ذروته. وقال أحد سكان «وايت سيتي» إنه «في غضون 15 دقيقة من اندلاع الحريق، كانت ألسنة اللهب تلف المبنى بكامله. وأضاف أن «الذين تمكنوا من الفرار قارنوه بجحيم على الأرض». وشوهد العديد من سكان الطوابق العليا يصيحون طلباً للنجدة من نوافذ شققهم، فيما هرع آخرون للفرار عبر الممرات المليئة بالدخان في البرج السكني بعد أن استيقظوا على رائحة الدخان. ومع حلول الصباح خمدت ألسنة اللهب نسبياً، لكن الدخان ومخاوف من انهيارات حالت دون وصول فرق الإنقاذ إلى الطوابق الأربعة العليا من المبنى والتي تضم 130 شقة. وقالت داني كوتون رئيسة فرقة إطفاء لندن للصحافيين: «طيلة 29 سنة من عملي في إطفاء الحرائق لم أشهد أي شيء مثل هذا». وتصاعدت أعمدة الدخان الأسود في الهواء فوق لندن بعد ساعات من اندلاع الحريق. وشهد المبنى في الفترة الأخيرة عمليات تجديد كلفت 8.7 مليون جنيه استرليني (11.08 مليون دولار) لواجهته الخارجية شملت تغيير الواجهة والنوافذ. وقال رئيس بلدية لندن صادق خان، إن هناك أسئلة يجب الرد عليها في شأن معايير السلامة المتبعة في الأبراج السكنية مثل برج غرينفيل. وأفادت هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) بأن رئيسة الوزراء تيريزا ماي أجلت جدول أعمال اجتماعاتها بسبب الحريق. وأبدت ماي حزنها الشديد على فقد أرواح في الحريق، وقال ناطق باسمها إن «رئيسة الوزراء يحزنها بشدة فقد أرواح في برج غرينفيل وهي تطلع باستمرار على تطورات الوضع». وأعلنت خدمات الإسعاف أن ما لا يقل عن 70 شخصاً نقلوا إلى المستشفيات يحتاج 20 منهم لرعاية مركزة. وقال بول وردرو مدير عمليات خدمة الإسعاف في بيان: «عالجنا 64 مريضاً ونقلناهم إلى ست مستشفيات في لندن و20 منهم الآن في وحدات العناية المركزة». وأضافت خدمة الإسعاف أن عشرة آخرين وصلوا بأنفسهم إلى المستشفيات ليبلغ العدد الإجمالي 74 مصاباً.